يعقد مجلس الأمن الدولى، اليوم الخميس، جلسة تشاورية موسعة حول مجمل الأوضاع وجهود بناء السلام في ليبيا وذلك على المستوى الوزارى، ويستعرض المجلس فى جلسته الجهود المبذولة من البعثة الأممية فى ليبيا، حيث سيقدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة جان كوبيس إفادة للمجلس فى هذا الصدد.
ومن المقرر أن يشارك في الجلسة ممثلون عن الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وكذلك يشارك فيها رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة ومحمد زين شريف وزير خارجية تشاد ووزير خارجية آلمانيا هيكو ماس وممثلون عن الاتحاد الاوروبي، وقالت مصادرفى الأمم المتحدة إن أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط سيشارك أيضا فى الجلسة نظرا للاهمية البالغة لأجندة عمل الجلسة ومستوى التمثيل الدولي المكثف فيها.
وسيرأس وزير الشئون الخارجية والأوروبية الفرنسى جين ييف لودريان أعمال الجلسة حيث تتولي فرنسا حاليا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن.
وعلمت وكالة أنباء الشرق الأوسط أنه سيتم خلال الجلسة استعراض الجهود الرامية إلى تعزيز عملية بناء السلام فى ليبيا، وما تحقق من نجاحات على هذا الصعيد، وكذلك ما يواجهها من اخفاقات، حيث تتضمن أجندة النقاش متطلبات العمل للبناء على ما تحقق من نجاحات أبرزها اتفاق وقف اطلاق النار فى ليبيا المبرم في أكتوبر 2020، وجهود تشكيل حكومة الوحدة الوطنية فى ليبيا التى ستقود البلاد إلى اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وتدشين المفوضية الوطنية العليا لقيد الناخبين فى ليبيا و تحديث قاعدة بياناتها.
كما علمت وكالة انباء الشرق الاوسط كذلك من مصادرها في الأمم المتحدة أن وفد الاتحاد الاوروبى المشارك في الجلسة يأتي حاملا لتقرير حول ما تقوم به البحرية الأوروبية من اجراءات لمنع تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من ليبيا صوب السواحل الأوروبية وهى العملية التي تعرف "بعملية ايريني"، والتي يتولى الاتحاد الأوروبي تنفيذها بتكليف من مجلس الأمن الدولي بمقتضى قراره رقم 2292 الصادر في 14 يونيو 2016 بهدف منع المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا ومراقبة خروقات حظر توريد الأسلحة إليها.
ويكشف التقرير الأوروبي، الذي سيتم رفعه للمجلس اليوم، إن الوحدات البحرية الأوروبية قد نفذت في إطار "عملية إيريني" لمراقبة السواحل الليبية 3566 دورية استطلاع و 153 عملية استيقاف وتحقق للسفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية صوب أوروبا، فضلا عن القيام بتنفيذ 17 عملية تفتيش بحري لتلك السفن، وذلك خلال الفترة من 30 مارس 2020 وحتى الخامس من يوليو الجاري.
وكذلك سيطلع الجانب الأوروبي مجلس الأمن على رؤيته لمتطلبات تعزيز "عملية ايريني"، وذلك استباقا لموعد تجديد تفويض مجلس الأمن للاتحاد الأوروبي بتنفيذها والمقرر النظر فيه بحلول سبتمبر القادم.
وينظر مجلس الأمن الدولى إلى مشكلة الهجرة غير الشرعية من ليبيا إلى أراضى الاتحاد الاوروبى بقلق بالغ و يعتبرها احدى منغصات السلم والأمن الدوليين التى لاتقل خطورة عن استمرار تدفق السلاح الى الاراضى الليبية، فخلال الفترة ما بين الاول من يناير وحتى التاسع من يوليو من العام الجارى حاول 34 الفا و 224 شخصا ركوب أمواج المتوسط قاصدين شواطىء جنوب أوروبا، وهو عدد ضخم يؤشر على تنامى عمليات الهجرة غير الشرعية من ليبيا صوب ضفاف المتوسط الشمالية خاصة اذا قورن بعدد من حاولوا القيام بذلك فى ذات الفترة من العام الماضي والذي بلغ 22 الفا و577 مهاجرا وذلك بحسب البيانات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وخلال جلسة اليوم.. ستناقش مجموعة (3 + 1) وهي المجموعة التى تتولى ملف مشكلة "المرتزقة المتواجدين على الاراضى الليبية"، متطلبات العمل الدولى المشترك لانهاء تواجد المرتزقة والمقاتلين الاجانب على الاراضى الليبية، و تضم مجموعة " 3 + 1 " ثلاثة من بلدان افريقيا الاعضاء فى مجلس الأمن وهم: كينيا و النيجر و تونس بالاضافة إلى دولة جرينادا و سانت فينسيت الاتحادية.
وفي هذا الصدد.. كشفت مصادر في الأمم المتحدة عن جهود تقوم بها دولة تشاد بالتنسيق مع بلدان أعضاء وأخرى غير أعضاء فى مجلس الأمن لتسريع انهاء وجود المقاتلين الاجانب والمرتزقة من الاراضى الليبية وفق صيغة "اريا"، التى تم التوصل اليها فى الثامن عشر من يونيو الماضى بعد اجتماعات تمت برعاية مشتركة من تشاد و مجموعة "3 + 1" تحددت على ضوئها اليات اخراج المقاتلين الاجانب من ليبيا، وكذلك اليات مراقبة وقف اطلاق النار بما يحقق الاستقرار الداخلي وتمهيد الأجواء في ليبيا لاجراء انتخابات ديسمبر القادم، وهو ما سيكون مجالا للتشاور والبحث خلال جلسة اليوم.
ومن المرتقب كذلك أن تثار خلال الجلسة موضوعات خاصة بإجراءات تفعيل حظر شامل على توريد السلاح إلى ليبيا ومحاسبة "منتهكى القانون الانساني الدولي" على الاراضى الليبية، حيث سيستعرض المشاركون التقرير الدورى لرئيس لجنة العقوبات المفروضة على ليبيا، وهو الملف الذى رجحت مصادر فى مجلس الأمن أن يتم ارجاؤه إلى جلسة خاصة اذا لم يسعف الوقت القيام بذلك فى جلسة اليوم وذلك نظرا لازدحام اجندة البنود المطروحة للنقاش.
ومن بين محاور نقاش الجلسة استعراض المشاكل المعوقة لجهود مواصلة بناء الثقة بين اطراف العملية السياسية، وتعزيز النسيج المجتمعي في ليبيا، وكذلك سيتم التطرق إلى المشاكل المتعلقة بإجراءات توحيد مؤسسات الدولة الليبية بما في ذلك انهاء ازدواجية عمل البنك المركزي الليبى "كمؤسسة دولة".
وستؤسس اجتماعات مجلس الأمن اليوم قاعدة لمنصة عمل لحشد و تكريس "التزام دولي" لمواجهة المشاكل التى تعوق عملية بناء السلام فى ليبيا، و من هذا المنطلق تقول مصادر الأمم المتحدة ان اجتماعات اليوم تكتسب اهمية خاصة.
وخلال الايام الماضية عقد مجلس الأمن جلسات استماع حول "مخرجات برلين– 2"، وهي المخرجات التى قد تفضى اليوم إلى صدور "إعلان رئاسي" لدعمها ، إلا أن المصادر الأممية لم تقطع بما اذا كانت تلك النقاشات ستنتهى بصدور هذا الاعلان من عدمة فى ختام جلسة اليوم أو إرجاء ذلك الى جلسة خاصة.
وكانت المانيا قد استضافت فى الثالث والعشرين من يونيو الماضى مؤتمر "برلين– 2" لبحث معوقات بناء السلام فى ليبيا وذلك برعاية من وزير خارجية المانيا والأمين العام العام للأمم المتحدة وبمشاركة من ممثلى الاعضاء فى مجلس الأمن والمنظمات الدولية ذات الصلة، والتى سبق لها المشاركة فى مؤتمر "برلين– 1" الذى رعته المانيا فى العام الماضي وصادق مجلس الأمن الدولي على مخرجاته التى حملتها وثيقة المجلس برقم 2510 المؤرخة فى 12 فبراير 2020.
واعتبر المراقبون ان وثيقة "برلين– 1 " تشكل عنصرا مهما وإطارا شاملا للتوصل إلى حل يحقق استقرار الأوضاع فى ليبيا "يمكن البناء عليها مستقبلا كخارطة طريق، وهو ما قاد إلى "مؤتمر برلين– 2"، الذى عقد برعاية المانية وأممية مشتركة في يونيو الماضي.
ففى مؤتمر "برلين– 2" ركز المشاركون فيه على مسائل تتعلق باجراء الانتخابات في ليبيا ووجوب اجلاء المقاتلين الأجانب والمرتزقة عن أراضيها وتوحيد القوى الأمنية فى ليبيا، وقد شاركت حكومة الوحدة الوطنية فى ليبيا فى اجتماعات "برلين– 2" هذا العام، والذى خرج عنه ما يعرف "بوثيقة اعلان برلين – 2" التي أودعت في الأمم المتحدة بتاريخ الرابع والعشرين من يونيو الماضي حاملة الرقم 595 لسنة 2021.
وبحسب مصادر الأمم المتحدة، يشكل الافتقاد "للاجماع التوافقي بين أطراف منتدى الحوار السياسي في ليبيا"، أحد معوقات عملية بناء السلام فى ليبيا، وهو المنتدى الذي يضم 75 عضوا يمثلون كافة المناطق والأقاليم الليبية وهوما يشكل تحديا خطيرا لإجراء الانتخابات الليبية المرتقبة، كما يعد "الافتقاد إلى موازنة موحدة للدولة الليبية" مشكلة أخرى أمام عملية بناء السلام وترسيخ قواعد الدولة فى ليبيا.
ولا يزال المجتمع الدولى يبحث عن حلول لاستمرار وجود الالاف من المقاتلين الاجانب على الاراضى الليبية، وكذلك استمرار تصاعد نزوح طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين من ليبيا صوب السواحل الأوروبية باعتبارهما مصدرين أساسيين يهددان جهود بناء السلام وإحياء الدولة فى ليبيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة