يدخل مشروع تجميع وتصنيع بلازما الدم ضمن مشروعات “الأمن القومي” ذات الطابع الاستراتيجي، فهو يُعد نقلة عالمية تدخل مصر ضمن الدول المتقدمة، ويتيح لها دخول المنافسة العالمية في هذه الصناعة التي تدر ربحًا بمليارات الدولارات، ويجعل من مصر سوقًا تقوم بالتصنيع للدول العربية والأفريقية، إذ أنه سيكون أول مصنع في الشرق الأوسط والمنطقة بعد إيران وإسرائيل، كما أنه يساهم في توفير العملة الصعبة بالنظر إلى أن مصر تستورد مشتقات البلازما بمبالغ تتراوح بين 32 و35 مليون دولار سنويا، فضلًا عما يمثله من أمل لكثير من المرضى الذين يعانون نقص الدم ومشتقات البلازما. ويساعد في نجاح هذا المشروع الكثافة السكانية الكبيرة في مصر.
وذكرت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسة أنه لإدراك مدى حيوية المشروع وأسباب وصفه بـ “القومي” و”الاستراتيجي”، ينبغي الإشارة إلى ثلاث حقائق مهمة :
تتعلق الحقيقة الأولى بطبيعة الدور العلاجي للبلازما (أحد مكونات الدم)، وهي مادة سائلة شفافة تميل إلى الاصفرار، وتشكل نحو 55% من إجمالي حجم الدم في جسم الإنسان، ولبلازما الدم دور مهم في انتقال الماء والاملاح والعناصر الغذائية مثل السكريات والفيتامينات والهرمونات والبروتينات إلى اجزاء الجسم التي تحتاجها، كما تودع الخلايا أيضًا نفاياتها في البلازما، والتي تساعد بدورها في إزالة هذه النفايات من الجسم.
وتحتوي البلازما على مكونات مهمة مثل الجلوبولين المناعي (الأجسام المضادة)، وعوامل التخثر (تجلط الدم)، وبروتينات الالبومين والفيبرينوجين، لذا فهي تدخل في بعض العلاجات مثل الألبومين، وفاكتور 8، وفاكتور 9، وإيميونوجلوبيلين، وحقن المناعة ivig، التي تستخدم في علاج العديد من المشاكل الصحية الخطيرة، مثل مرضى الهيموفيليا والثلاسيميا وأنيميا البحر المتوسط ممن يحصلون على مشتقات الدم باستمرار، ومرضى الكبد والتليف ومضاعفاته والتهاب البنكرياس، وحالات النزيف وسيولة الدم، وبعض أمراض القلب والحروق، وسرطان الدم وبعض أمراض الأعصاب والروماتيزم.
وعلى سبيل المثال، يُعد مرض الثلاسيميا شديد الخطورة على الأطفال، الذين انتهكت حقوقهم في العلاج طوال السنوات السابقة على أيدي الشركات متعددة الجنسيات بفرضها أسعار مبالغ فيها باتت عائقًا أمام الحق الدستوري في الحصول على الدواء وإتاحته. ويتجاوز عدد الأطفال المصابين بهذا المرض الـ 4 ملايين، يحتاج الطفل الواحد منهم ما يقدر بـ 300 ألف جنية سنويًا للعلاج وهو ما يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة.
والعلاج بالبلازما ليس جديدًا فقد لجأت بعض الدول لاستخدامه منذ سنوات طويلة، وبدا استخدامه عام 1901 لعلاج مرض الدفتريا بألمانيا، واستخدم في إسبانيا عام 1918 ضد وباء الانفلونزا، وثبتت فعاليته لدى المتعافين ضد أمراض معدية أخرى مثل الإيبولا عام 2014، وكذلك الحصبة والالتهاب الرئوي البكتيري وسارس. والبلازما ليست علاجًا لكنها تمنح المريض الوقت حتى يتمكن من صنع الاجسام المضادة الخاصة به، ويمكن أن يكون مفيدًا لكبار السن الذين لديهم أجهزة مناعية ضعيفة الاستجابة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة