الأديب الراحل الدكتور يوسف عز الدين عيسى، واحد من كبار الأدباء المصريين فى القرن العشرين، ورغم عدم شهرته الكبيرة مقارنة بالكثير من أبناء جيله، لكنه استطاع أن يصنع لنفسه مكانة هامة فى الأدب المصرى، وهو كاتب وأديب عرفت بمعالجته الأفكار الفلسفية الشائكة، وكان يلجأ دائمًا إلى مزج الواقع بالرمز والخيال، وله نحو مائتى قصه قصيرة وست مسرحيات وثمان روايات، إضافة الى ما يفوق المائة مقال، وقد كان من كتاب جريدة "الأهرام" تنشر له صفحة أسبوعية تحت عنوان "من مفكرة يوسف عز الدين عيسى".
وقد نظم الشعر، وكتب الأغنية التى تخللت الكثير من أعماله الدرامية وأهمها: "العسل المر"، وفد اختيرت أعماله ضمن مختارات الإذاعة المصرية وهو بعد فى بداية حياته، ولحنها وغناها كبار الفنانين مثل: عبد الحليم حافظ، ومحمود الشريف وغيرهما، نال جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1987، وجائزة الدولة التشجيعية عام 1975 فى مجال الدراما الإذاعية. وحمل وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى مرتين؛ الأولى عام 1976 والثانية عام 1989، كما تم تقليده وسام الجمهورية عام 1981، وحصل على وسام فارس الأدب 1999 من هيئة قصور الثقافة لدوره الرائد فى تقديم نوع جديد من الأدب.
ومن أعمال الروائية:
الواجهة
وهى رواية تبحث فى قضية الإنسان الشريف الذى يعتنق قيم ومبادئ ويعتقد أن العالم كله مثله يحيا فى الواجهة ويرى الكل أصحاب قيم ومبادئ مثله، ففى رواية الواجهة نجد أنفسنا أمام بطل يتلاشى عنه كل ماضيه، واسمه لا يبقى من الأمس حتى الظل وهو يضرب فى المدينة الغريبة دون أن يعرف إلى أين، والرواية تحفل بالرمز والتشويق من خلال أحداثها المتسارعة، مثيرة عددًا من التساؤلات والأفكار الملحة على الإنسان فى أى مكان وزمان.
ويعتبر النقاد أن رواية الواجهة تجمع بين الفلسفة والخيال، الفلسفة فى الإجابة على الأسئلة الحائرة فى عقول بعض الفلاسفة عن الكون ونشأته والخلق والحياة وألم المعيشة والموت وماذا يحدث بعده. والخيال فى صياغة كل هذا فى قصة شيقة تربطك أحداثها من اللحظة الأولى حتى آخر صفحة، وعبر يوسف عز الدين عن براءة ونقاء النفس البشرية متمثلًا فى شخصية (ميم) بطل الرواية، وكذلك رغبات ودواخل النفس البشرية فى أحط صورها حينما جاء الحديث عن الجزء الخلفى من المدينة.
العسل المر
هي رواية غير تقليدية، أحداثها متلاحقة، اعتمدت الرمزية في إيصال رسالتها .. قصر مدفون فيه الماضى و لا يراد للحاضر أن يرى النور، ترتفع أسوار حول القصر تحجب الرؤية وتزيد العزلة.. و تستمر الأحداث من خلال سياق شديد الرومانسية يجمع بين التشويق و المعنى العميق.. فهل ترمز الأسوار العالية إلى السدود و العوائق التي قد تعصف بمشاعر الإنسان؟!
عواصف
الرواية الأخيرة والتى لم تنشر من قبل وهذه رواية إنسانية سيكولوجية تبحر فى داخل النفوس وتحللها تحليلا دقيقا، تعبر عن المشاعر التى تجيش بنف الإنسان وتظهر عواصف الصراعات التى تنشأ بين أقرب الناس وبعضهم، ويبقى دور الدكتور منير الذى يحل كل هذه الالغاز.
ونحن بمجرد أن ننتهى من قراءة هذه الرواية نجد انفسنا وجهًا لوجه أمام الأسئلة الأبدية: من الخالق؟ ومن الإنسان؟ وما هى الحياة الدنيا؟ وما الآخرة؟ وماذا عن الجبر والاختيار وماهية الوجود الإنساني؟ وما معنى أن تنتهى كل هذه المسائل الملغزة بلغز أكبر منها ألا وهو الموت؟ الرواية مليئة بالرموز الموحية التى قد لا يختلف إثنان على المعنى القصود بأى منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة