«إلى متى ستستمر هذه الجائحة؟، سؤال طرحته كريستى أشواندن، الصحفية المتخصصة فى شؤون العلوم فى مجلة نيتشر الشهيرة، عن فيروس «كوفيد - 19»، وقالت فى معرض محاولاتها للبحث عن إجابة: إنه سؤال تحيطه مجاهيل عديدة، لكن الفكرة السائدة بصناعة ما يعرف بمناعة القطيع تبدو احتمالا مستبعدا.
كانت المجلة وغيرها تنشر آراء لعلماء وباحثين، تحمل قدرا من التشكك فى احتمالات تكوين مناعة القطيع بين أعداد كبيرة من البشر، وهى النظريات التى أعلنها باحثون فى بداية ظهور الجائحة فى أوائل العام الماضى، واستندت هذه النظرية إلى أن مناعة القطيع تتحقق باكتساب 60 إلى 70 % من السكان للمناعة ضد الفيروس، عن طريق التطعيم، أو التعرُّض للعدوى، وهو ما يصنع ما يسمى مناعة القطيع، التى تكسر حدة العدوى، وتحول الفيروس إلى واحد من الفيروسات العادية.
لكن هذه النظرية توضع الآن محل تشكك، حتى مع جهود التطعيم الجارية فى العالم، ويبدو بلوغ نقطة مناعة القطيع مستبعدا، نتيجة لعوامل، منها تردد البعض فى تلقى اللقاحات، وظهور سلالات جديدة للفيروس، وبطء التوصل إلى لقاحات للأطفال، وأصبح الرأى المتفائل يرى أن الأهم هو العودة للحياة الطبيعية وليس الرهان على مناعة مستحيلة حاليا.
ويواصل متحور «دلتا» من كورونا انتشاره فى أوروبا، خاصة فى بريطانيا، التى سجلت أكثر من 24 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال يوم واحد، رغم أن جامعة جونز هوبكنز الأمريكية ووكالة بلومبرج، أعلنتا أنه تم إعطاء 78.3 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا فى بريطانيا، ويقدر متوسط معدل التطعيم فى بريطانيا بـ327.2 ألف جرعة فى اليوم الواحد، وخلال شهرين يكتمل تلقيح 75 %، ومع هذا فقد فقد أفادت المعلومات بأنه ومع انتشار النوع الجديد من الوباء «دلتا» فى بريطانيا، فإن ما يقرب من نصف عدد الوفيات الأخيرة لأشخاص تم تطعيمهم، وهو ما أثار خوفا جديدا وشكوكا فى فاعلية اللقاحات، الأطباء والعلماء يقولون إن الأرقام حتى الآن تطمئن من أن اللقاحات توفر حماية كبيرة ضد المرض، خاصة بعد جرعتين منها، واعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، المملكة المتحدة ساحة اختبار لكيفية تأقلم اللقاحات مع الناس.
وسبق وأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، أنه تم رصد «دلتا» فى 98 دولة على الأقل، لافتا إلى أن دول العالم ليست بمأمن من الوباء بعد، بغض النظر عن مستوى التطعيم الذى تحظى به الدول.
كل هذه التفاصيل تشير إلى أن فيروس كورونا ما زال مستمرا، ويصر العلماء على أن قواعد التباعد وارتداء الكمامات لا تزال هى الطرق الأكثر أمانا لتخفيف هجمات الفيروس والحد من انتشاره، لكن كل هذه المعطيات ترتب على الدول اتخاذ إجراءات للمواجهة الطويلة مع فيروس ما زال يقدم مفاجآت، وفيما يتعلق باللقاحات هناك أزمة فى تزايد الطلب على اللقاحات، ما يجعل هناك بطئا فى وصول اللقاحات إلى كل الدول، وهو ما طرحه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، أثناء إعلان إنتاج أول مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا المصنع محليا باسم «فاكسيرا ـ سينوفاك.. صنع فى مصر» داخل مصانع شركة المستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا»، وهو أول مصنع فى مصر لإنتاج لقاح كورونا.
رئيس الوزراء قال إن الحكومة لمست خلال الفترة الماضية تأخر بعض الشركات التى تم التعاقد معها فى توريد الكميات المتعاقد عليها من اللقاحات فى التوقيتات المحددة، كنتيجة للضغط والطلب العالمى الكبير جدا على اللقاحات، ولهذا السبب تولد منذ اللحظة الأولى قرار امتلاك القدرة، حتى لا نكون تحت رحمة السوق العالمى، وجاءت توجيهات الرئيس السيسى بحتمية التصنيع المحلى للقاح فى مصر، وحسب رئيس الوزراء ووزيرة الصحة فقد تم حتى الآن إنتاج نحو مليون جرعة، وتصل الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى نحو 300 ألف جرعة فى الوردية، يمكن أن تصل إلى 600 ألف جرعة.
وبالفعل فإن إنتاج اللقاحات هو استجابة لتحولات وسياسات عالمية، تدفع الدول للاكتفاء من اللقاحات، وامتلاك القدرات الذاتية، ولهذا ميزة أخرى وهى تكوين خبرات من تبادل المعلومات والتعاون بين مصر والصين والهند فى إنتاج اللقاحات، ويوصى خبراء وعلماء الفيروسات بأن تدعم الدول أبحاث الفيروسات بشكل يساعد فى إنتاج وتطوير أدوية للفيروسات، مع توقعات بأن تظهر سلالات أو فيروسات تتطلب مواجهة جديدة، ومن هنا تسعى مصر لدعم اتجاه تطوير المواجهة وعدم انتظار ما يأتى من الخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة