الشاعر صلاح عبد الصبور، يعد رمزا من رموز الحداثة العربية، واليوم تحل ذكرى رحيله الـ40، إذ رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم 14 أغسطس من عام 1981م، وكان يعد واحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحى، وكان للدكتور جابر عصفور رأى فى رؤى التجديد فى شعر صلاح عبد الصبور.
قال الدكتور جابر عصفور، إن الشاعر صلاح عبد الصبور هو مركز الاهتمام الأساسى فى الشعر المصرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فهو يعتبر أهم شاعر فى مصر بعد أحمد شوقى، كما أنه أهم شاعر مصرى بعد أحمد شوقى، فهو سيظل هو القامة التى لا تطولها قامة أخرى، مؤكدا على أن الغريب أن كلا الشاعرين خرجوا من الشعر الغنائى إلى المسرح، فمثلما ترك لنا أحمد شوقى تراثا مسرحيا شعريا ترك لنا أيضا صلاح عبد الصبور مثل هذا التراث التى تجعلنا نضعه فى مرتبة متميزة.
وأشار جابر عصفور، خلال إحدى ندواته فى معرض القاهرة الدولى للكتاب بدورته الـ 48، إلى أن صلاح عبد الصبور جاء لكى يغير الاتجاه الشعرى والرؤية، حيث أنه قام بتغير تقنيات الشعر، فهو دائما صاحب رؤية شاملة عميقة لم تكن متواجدة فى أى شعر معاصر، فهو اعتمد على ثلاثة أجزاء فى كتابة شعره التى تتكون من الله "المطلق" والإنسان والطبيعة، كما اعتمد على رموز صوفية تتحدث عن الوجود وعن العالم الآخر، فهذه الرموز الصوفية لم تكن مطروحة إلا مع الشاعر صلاح عبد الصبور والكاتب والأديب نجيب محفوظ.
وأضاف الناقد الكبير جابر عصور، أن صلاح عبد الصبور تميزت أعماله بالجرأة التى كانت معروفة عنها بأنها محرمة، مضيفا أنه كان معنى أيضا بالحركة السياسية، فكان يكتب قصيدة بعنوان "عودة ذو الوجه الكئيب" هجاء للزعيم جمال عبد الناصر، والغريب إنه بعد ذلك تحدث عن جمال عبد الناصر وما قدمه من قضايا تخص الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وقال أحمد عبد المعطى حجازى، إن صلاح عبد الصبور طور القصيدة الغنائية وطور شكلها وحولها من مقاطع ورباعيات إلى وحدة واحدة، وهذه الوحدة تبدأ وتنتهى وتصل إلى ذروة تتفتح بعدها المعانى ويضع القارئ أو المستمع إلى القصيدة ككل, وقد التقيت صلاح عبد الصبور شعريًا قبل أن نتقابل على أرض الواقع، وذلك من خلال قراءة قصائد "عبد الصبور"، وقد اكتشف أن المعجم الشعرى أصبح قديم لا يصح الآن أن نتحدث عن معجم شعرى لأنه يوقعنا فى التقليد، ونستعين بالكلمات التى استعملها القدماء، وخصوصا أننا وجدنا أنفسنا جمهور يكاد أن يبتعد عن الشعر، نظرًا لهذا التقليد.
وتابع أحمد عبد المعطى حجازى، خلال حديثه فى إحدى اللقاءات التليفزيونية، وقد التقينا فى أواخر عام 1955 خلال احتفال بظهور المجموعة الشعرية الأولى لمحمد الفيتورى، وكان آنذاك طالبًا بكلية دار العلوم، ووجد نفسى أنا وعبد الصبور بجانبه على مقعد رخامى، وكنت اعرفه وهو لا يعرفنى، لأنه سبقنى فى نشر العديد من القصائد، ولكنى كنت وقتها لم انشر إلا قصيدتين ولم أكن معروفًا وقتها، وتصافحنا، وبعد ذلك توالت المقابلات خلال الأمسيات والفعاليات الثقافية، إلى أن أصبحنا زملاء فى مؤسسة روز اليوسف.