كتبتها عشرات المرات هنا فى هذه المساحة، عن نعمة أن تمتلك مصر جيشا قويا وعظيما، تاريخه منقوش على جبين الزمن، ومحفور على جدران المعابد والمقابر وباقى الشواهد الأثرية، تسرد بطولاته، داخل البلاد وخارجها، وأن أول شاهد أثرى يعود للأسرة الفرعونية الأولى، كانت صلاية نعرمر، تسجل جيش مصر يقوده الملك مينا، وهو يقهر الأعداء، ويعيد توحيد البلاد.
جيش مصر أنقذ البلاد من الوقوع فى مستنقع الفوضى والتقسيم عقب أحداث 25 يناير 2011، وحافظ على كيان الدولة، وأحبط المخططات الكارثية، ونستطيع أن نقولها بكل ثقة، وضمير حى، أن لولا قوة جيش مصر، وحكمة قياداته، لكانت البلاد انزلقت فيما انزلقت فيه بلاد أخرى، من خراب ودمار، ولم تخرج منه حتى الآن.
ولولا جيش مصر الذى يخوض أكثر من معركة فى وقت واحد، أبرزها معركتا الدفاع وصون الأمن القومى، من ناحية، والبناء والتعمير، وتدشين المشروعات القومية الكبرى، من ناحية ثانية، لكانت القاهرة عاصمة تشبه الآن عواصم كثيرة، تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، وتعيدها لعصور الظلام والخراب والدمار.
التاريخ القديم والحديث والمعاصر، ملىء بالقصص والعظات عن دور الجيوش فى استقرار الأوطان المختلفة، ومنها القصص المرعبة والمزعجة التى تحدثنا عن مخططات تفكيك الجيوش، فكل البلاد التى نجحت فيها مخططات تفكيك جيوشها وأجهزتها الأمنية، اُستبيح أمنها القومى، وانهار استقرارها، وانزلقت أقدامها فى مستنقعات الفوضى، والقتل والتخريب والدمار، وساد الخوف والرعب شعوبها، ولم تقو على البقاء وفر الملايين منهم فى دروب الصحارى وعبر ركوب البحار، بحثا عن اللجوء للدول المجاورة، فكان المصير سيئًا، منهم من لقى حتفه، ومنهم من عاش ذليلًا كسيرًا محطمًا فى مخيمات اللاجئين.
التاريخ يؤكد أهمية الجيوش القوية فى الدفاع عن الأوطان، وصيانة الأمن القومى بمفهومه الشامل، واعتباره عمود خيمة كل وطن، لذلك لا غرابة أن تجد أكبر قوة على سطح الأرض حاليًا، هى الولايات المتحدة الأمريكية، تمتلك جيشًا قويًا جرارًا، له سمعته العالمية، وكذلك الصين وروسيا، وكل دولة متقدمة ومزدهرة لا بد من قوة كبيرة تصون أمنها واستقرارها.
التاريخ، خاصة المعاصر، يذكرنا بفاجعة نجاح مخططات تفكيك الجيوش والقوات الأمنية، ومحاولة إعادة تشكيلها وتأهيلها وفقًا لمفاهيم ومعطيات جديدة تختلف عن طبيعة وثقافة كل شعب، لذلك كل محاولات إعادة بناء الجيوش بعد تفكيكها باءت بالفشل، وكانت لها توابع كارثية، منها ما هو مستمر حتى الآن، رغم كل محاولات البناء، والميزانيات الضخمة المرصودة، ووصلت إلى أرقام فلكية، ورأينا كيف كانت المخططات الرامية لتدمير الأوطان التى اندلعت فيها ما تسمى ثورات الربيع العربى، تبدأ بتفكيك الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيوش، وحدث ذلك فى عدد من الدول، ونجحت المخططات فيها.
ونتذكر جميعًا مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى، العظيمة، عندما كان وزيرًا للدفاع، أن مصر إذا وقعت لا قدر الله يستطيع الجيش أن ينهض بها من جديد، ولكن إذا وقع الجيش، فستنهار الدولة ولن تقوم لها قائمة، ومن ثم تفشل كل محاولات النهوض بالجيش.
لذلك، على كل مصرى وطنى حر، أن يشكر الله على نعمة وجود جيش قوى حامى حمى البلاد، من كل من تسول له نفسه الاقتراب من الحدود، والمقدرات المصرية، بجانب أنه العامل الجوهرى فى النهضة الكبرى التى تشهدها البلاد، بالبناء والتعمير وتدشين المشروعات القومية، واستطاع الجيش بالفعل أن ينتشل مصر من الانهيار، ويأخذ بيدها نحو الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار.