- ما ينفق على التعليم ضخم بالفعل ولكنه مهدر فقليلا من المعلمين يحصلون على أغلب عوائد الدروس الخصوصية بينما يشكو أغلبهم
-لدينا أنواعا مختلفة من التعليم بشكل يجعل من الصعب تخريج أجيال يمكنها أن تتفاهم من خلال مشتركات ثقافية وفكرية
فى كل قضايانا، هناك ما هو معلن، وما هو خفى، ازدواجية تجعلنا غير قادرين على رؤية الحقيقة، ومع الازدواجية هناك حالة إنكار، وفى قضية التعليم هناك بالفعل شعور عام بأننا نتجاهل - على مدى عقود - حجم ما جرى فى التعليم، والازدواج والتداخل، وأولى خطوات الاعتراف أننا نعيش تمثيلية ازدواجية، لدينا ازدواج فيما يتعلق بالإنفاق على التعليم، وفى الدروس الخصوصية، وفى الكتاب والمناهج والامتحانات، وهذه الحالة تمتد إلى الكثير من القضايا، وتجعل من الصعب تفهم مشكلتنا، ونحن أقرب لشخص لديه مشكلات صحية ويرفض الاعتراف وينكر ما يعانيه، وأول خطوة للتعامل مع التعليم - أو غيره - هو الاعتراف بالحقيقة وعدم إنكارها.
نقول هذا بمناسبة جدل سنوى مع إعلان نتائج الثانوية العامة، وقبلها نظام الامتحانات وطريقة الامتحانات، وعلى مدى عقود طويلة كان هناك نقاش، وتجارب مختلفة من التعليم المحلى والمستورد والمناهج، ونحن وأجيال قبلنا وبعدنا ضحايا لهذا كله، واليوم يستمر النقاش ذاته والجدل نفسه مع استمرار الازدواجية فى التعامل مع الأمر.
نظريا لدينا تعليم عام تموله الدولة، وتتضاعف موازنته عاما بعد آخر، وفى السياق ذاته، فإن المواطن ينفق تقريبا نفس المبالغ على الدروس الخصوصية، وإذا أضفنا ما ينفق على التعليم الخاص والدولى، نحن أمام موازنة ضخمة بالفعل وإنفاق كبير على التعليم، ومع هذا لا يوجد رضا ولا اقتناع بالعائد من التعليم، لا المعلم راض، ولا التلميذ مقتنع، ولا أولياء الأمور «مبسوطين»، ولا يمكن الحديث عن نقص موازنات التعليم، لكن عن سوء إنفاق هذه الموازنات يكون الكلام، حيث إن المواطن لديه استعداد لإنفاق آلاف أو عشرات الآلاف أو مئات فى دروس خصوصية وأنظمة تعليمية، لكنه ليس مستعدا للتساهل فى مبالغ يسددها للدولة مقابل تطوير التعليم، والواقع أن ما يتم إنفاقه كثير، لكنه يضيع فى إهدار أكثر مما يضيع فى مصارف طبيعية.
والحقيقية أن ما ينفق على التعليم - رسميا وعرفيا - يمثل إنفاقا ضخما ربما يكفى لصناعة تعليم محترم، لكن سوء واختلال توزيع الإنفاق، يجعل قليلا من المعلمين يحصلون على أغلب عوائد الدروس الخصوصية، بينما يشكو أغلب المعلمين، والمدارس الخاصة تحصل على مصروفات عالية، بينما رواتب المعلمين فيها ضعيفة، ولا توجد موازنات لتدريب وتطوير المعلم، وهو ما يجعل الشكل طاغيا على المضمون، ولا يوجد أى طرف راض عن التعليم.
أغلب طلاب الثانوية وما حولها لا يذهبون إلى المدارس، ويتكالبون على مراكز الدروس الخصوصية، والحجة أن التلميذ لا يستطيع التحصيل فى الفصل، بسبب كثافة الفصول التى قد تبلغ 50 تلميذا، لكن نفس التلاميذ يذهبون إلى مدرج خصوصى يصل فيه عدد التلاميذ إلى 100 من أقرانهم، وأحيانا مئات، بما يعنى أن الأمر ليس بالعدد.
وننفرد عن كل دول العالم فى أن لدينا أنواعا مختلفة من التعليم، الحكومى، والتجريبى، والخاص، واللغات، والأمريكانى، والأوروبى، بشكل يجعل من الصعب تخريج أجيال يمكنها أن تتفاهم من خلال مشتركات ثقافية وفكرية، ولا علاقة لخريجى الجامعات بسوق العمل أو التنافسية، معطيات يجب أن تدفعنا للتفكير، ونحن لدينا طموحات للمستقبل.
أول خطوة أن نعترف بعيوب الوضع الحالى، ونناقش النظام الجديد للتعليم، واضعين فى الاعتبار كل هذه النقاط التى تمثل ازدواجا، وأن يتم النقاش بعيدا عن الاستقطاب، حتى نخرج من تمثيلية نشارك فيها جميعا، وأن التعليم كان قد وصل إلى نقطة صعبة لا يمكن تخطيها، وأن الاعتراف بالازدواجية والتخلص منها بداية الحل، لأن الاستمرار فى هذا الحال لن يفيد أحدا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة