يثير عبد المجيد سباطة الإعجاب بطريقته فى كتابة رواية الملف 42 فتشعر وكأنه أخرج كل ما عنده من أفكار فى رواية واحدة وأنه علم مسبق بأنها ستتأهل إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية ومن ثم القائمة القصيرة للجائزة ذاتها.
الرواية مليئة بالأخبار المأخوذة من مواقع إخبارية استدعاها الكاتب من باب التوثيق لكن الطريقة التي أخذها بها تدل على الجهد المبذول فهو أخذ الأخبار وعالجها بطريقة ما لتظهر في صفحات الرواية كما تظهر في الحقيقة! لم يكتب عبد المجيد سباطة بذلك بل أورد مثلا صفحة كاملة عن مركب كيميائي كان هو السبب الأساسي في القضية التي تدور حولها الرواية من بدايتها وهي قضية الزيوت المسمومة التي دارت رحاها عام 1959 في المغرب والتي ربط الكاتب بينها وبين ستيف ماكميلان والد الروائية التي تحاول كشف تفاصيل حياة والدها فى المغرب!
وتبدأ الرواية من الكاتبة الأمريكية كريستين ماكميلان ابنة محور لغز الرواية ستيف ماكميلان والتي تعاني من تراجع قدرتها على الكتابة فى الوقت الذى يطالبها فيه الناشر الأمريكى بالوفاء بعهودها والالتزام بعقد يجبرها على إنتاج رواية كل عام.
وتحاول الخروج من المأزق عبر الاستعانة بوكيل أدبي يقترح عليها تتتبع قصة سفر والدها إلى المغرب وتحديدا فى القنيطرة وما جرى له من وقائع، وهو ما يستدعي سفرهما سويا للكشف عما جرى للوالد.
وهناك يقابلان رشيد بن ناصر باحث الدكتوراه الذى يعرفهما على رواية أحجية مغربية لكاتب يدعى رفيق خالدي وهي الرواية التي تتكشف على خيوطها أسرار قضية الزيوت المسمومة التي تسببت فى وفاة الكثير من المغاربة في القنيطرة كما تكشف علاقة والد الروائية المغربية بذلك.
الخط الدرامي الأخير يتعلق بزهير بلقاسم الذى يتورط وهو فى الثانوية في حادثة اعتداء على خادمة ومن ثم يهربه أهله إلى روسيا حيث يدرس هناك غير أنه يقع ضحية عملية اختطاف ثم تتلبسه تهمه القيام بعملية الخطف مع أنه كان أحد المختطفين، ويتعرض بعدها لمحاولة محو هويته وإعطائه اسما روسيا، قبل سدنه فى سيبريا ليهرب بعد أكثر من عشر سنوات عائدا إلى بلاده بمساعدة طبيب كان زميلا فى الدراسة بالجامعة الروسية التي كان فيها.
الكاتب استعان الحيل الجديدة منها على سبيل المثال أنه أورد خطة كتابة الرواية نفسها داخل الأحداث، فقد جعل بطلا من أبطالها وهو زهير بلقاسم يقابل كاتب الرواية نفسه داخل الأحداث، كما أورد في نهاية الرواية قائمة بالكتب التي أوصى بقرائتها واحد من الشخصيات ضمن الأحداث.
الملف 42 قائمة على محورين أساسيين: الصدف المتتابعة، والتوثيق الذى يشى بشغف الكاتب بتتبع مصائر الشخصيات بشكل استقصائي يكشف حبه للبيانات والحقائق، وولعه بالألغاز، وإحكام العقد ثم فكها باعتبارها طريقة من طرق الوصول إلى المتعة.