عادل السنهورى

محمد رشوان. الأخلاق أبقى من الذهب

الإثنين، 23 أغسطس 2021 12:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم مرور 37 عاما على تلك المناسبة الا أن العالم مازال يتذكر هذا البطل الذي أصبح أيقونة تاريخية للألعاب الأوليمبية منذ انطلاقها في أثينا عام 1896 وحتى دورة طوكيو الأخيرة في اليابان.
 
لا ينسى العالم ولن ينسى البطل المصري الاسكندراني الشهم والجدع صاحب الأخلاق الرياضية رفيعة المستوى محمد على رشوان بطل مصر وأفريقيا والبحر المتوسط في لعبة الجودو في منتصف السبعينات وحتى بداية التسعينات والذي خلد اسمه ليس في تاريخ الألعاب الأوليمبية فقط وانما في التاريخ الرياضي كله وسطر اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بشعار " الأخلاق أهم من البطولة وأبقى من الذهب".
 
ربما لا يتذكر الواقعة والقصة الجيل الحالي سواء من الرياضيين أو المشجعين حتى يتخذوا منها درسا رياضيا هو أساس الرياضة.
فى دورة الألعاب الأوليمبية في لوس انجلوس بالولايات المتحدة الأميريكية عام 1984 كان الصعود الكبير لنجم البطل المصري في لعبة الجودو محمد رشوان فقد فاز في كل المباريات السابقة بتفوق كبير على منافسيه وعلق المصريون والعرب عليه الآمال في الفوز بالميدالية الذهبية والفوز على بطل العالم الياباني الشهير (ياسوهيرو يا ماشيتا).
 
ليلة المبارة أصيب ياماشيتا إصابة بليغة في قدمه وأخفى خبر الإصابة عن البعثة حتى يلعب المباراة اليابانية باسم بلاده والتقى رشوان وكان واضحا أمام الجميع في صالة المباراة قدرة رشوان على هزيمة البطل الياباني والفوز بالذهب وصاح مدرب البطل المصرى فيه بأن يستغل اصابته ويلعب على قدمه المصابة وهذا متاح في قانون اللعبة ولكن رشوان رفض تمام استغلال إصابة البطل الياباني وغير طريقة لعبه حتى يتفادى قدم ياماشيتا المصابة وقرر اعلاء شأن الأخلاق والفوز بالميدالية الفضية بشرف وفروسية وأخلاق على الذهب الملوثة بعدم النزاهه واللعب النظيف والخسة.
 
وفاز ياماشيتا بالمباراة وبكى بكاءا شديدا ليس لفوزه وحصوله على الميدالية الذهبية وانما لأخلاق رشوان اللاعب العربي المصري وذهب اليه بعد المباراة مباشرة واحتضنه بشدة وأمسك بيده حتى صعد الى منصات التتويج بل وساعده رشوان بسبب الإصابة على الصعود الى منصة اللاعب الفائز بالذهب.  
 
كان درسا في الأخلاق الرياضية في أبهى وأزهى وأنقى صورها ...دخل محمد رشوان تاريخ الرياضة ورياضة رياضة الجودو مرتين، مرة بخلقه الرياضي الرفيع ومرة بمستواه العالمي كبطل معروف في الدورات الأولمبية منذ أحرز الميدالية الفضية في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984 وتعمد الخسارة أمام بطل العالم الياباني المصاب في المباراة النهائية لينال احترام وتقدير العالم وتشيد بموقفه النبيل جميع وسائل الأعلام.
 
في المؤتمر الصحفي بعد المباراة سأله صحفي أجنبي لماذا لم تستمع لأوامر مدربك وتضرب ياماشيتا في قدمه المصابة فرد رشوان علمت قبل المباراة انه مصاب وقرر اللعب لانه يلعب باسم بلاده واصابته قوية لكن دينى وأخلاقي يمنعاني من أن اضرب مصابا واستغل اصابته. فوقف الجميع يصفقون له طويلا وأصبح حديث العالم وليس ياماشيتا وتحول رشوان الى معشوق اليابانيين
أصدرت منظمة اليونسكو في يوم المباراة بيانا أشادت فيه بموقف اللاعب محمد رشوان ومنحته ميدالية الروح الرياضية من منظمة اليونسكو والتي تعتبر روح الألعاب الأولمبية قبل أي نتائج، كما منح جائزة اللعب النظيف عام 1985م، وجائزة أحسن خلق رياضي في العالم من اللجنة الأوليمبية الدولية للعدل والتي توجد بفرنسا، كما كرم في مصر وقلده الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أرفع الأوسمة، وكان لرشوان تكريما أخر ولكن في اليابان التي استقبلته بها الجماهير اليابانية بكل احترام تقدير لموقفه النبيل، وقد بادل رشوان الشعب اليابانى الحب والاحترام وتزوج من إحدى بنات اليابان بعد أن أشهرت إسلامها وأنجب منها ثلاثة أبناء هم على وعمرو وعلياء ويعيشون معه في الإسكندرية .
 
كما نال أيضا جائزة «بيار دي كوبرتان» باعث الألعاب الأولمبية الحديثة الدولية لعام 1984 وحصل على شهادة امتياز خاصة لأحسن خلق رياضي. وجاء ضمن أفضل ستة لاعبين في العالم عام 1984. واختارته مجلة «الإيكيب» الرياضية الفرنسية كثاني أحسن رياضي في العالم في الخلق الرياضي. وقام اتحاد الجودو في اليابان، بتكريمه عن طريق منحه وسام "الشمس المشرقة"، والذي يعد هو أهم الأوسمة اليابانية.
 
رشوان الذي ولد بالإسكندرية في 16 يناير عام 1956، وبدأ رشوان مشواره الرياضي عن طريق ممارسة لعبة التنس، ولكنه غير مسيرته عندما شاهد صديقه يمارس لعبة الجودو فقرر ترك التنس والاتجاه إلى ممارسة الجودو، وانضم وهو في عمر الـ16 إلى نادي الشبان المسحيين، وكان عبد المنعم الوحش هو مدرب الجودو في النادي آنذاك، ونجح رشوان في لفت انتباه الجميع، بعدما أظهر براعته وتألقه في ممارسة الجودو.
 
حصل محمد رشوان على العديد من الميداليات العالمية، ففي العام 1980م فاز بالميدالية البرونزية في بطولة العالم العسكرية والتي أقيمت في كولورادو، وحاز على نفس الميدالية في البطولة الثانية التي أقيمت بالبرازيل، في العام 1982م فاز رشوان بذهبيتي إفريقيا في وزن الثقيل والمفتوح واحتفظ بهما أيضًا في البطولة التالية عام 1983م.
 
كما أحرز رشوان الميدالية الفضية في وزن فوق 95 كجم في الجودو في دورة ألعاب البحر المتوسط الحادية عشرة التي أقيمت في أثينا، ويبلغ رصيده من الميداليات واحداً وثلاثين ميدالية، من بينها ثلاث عشرة ميدالية ذهبية حصل عليها في بطولات العالم المفتوحة.
 
اعتزل رشوان اللعبة في العام 1992م ليكون بعدها حكما دوليا في اللعبة، وعضوا في اللجنة الفنية لاتحاد الجودو،
في اليابان تم منح رشوان أرقع وسام يحصل عليه رياضي هناك وهو الوسام الامبراطوري من امبراطور اليابان واستقبلته طوكيو ورحبت به كما لم تستقبل زعيم سياسي من قبل ومنحته شرف لا يناله سوى اليابانيين بالدخول الى ملاعب التدريب اليابانية بل والتدريب فيها وهو دائم الزيارة لليابان ويستقبل فيها كواحد من كبار زوار الدولة ويرحب به الناس في كل مكان.
 
 بعد حوالى 37 سنة مازال العالم واليابانيون يتذكرونه ويتذكرونه موقفه البطولي وأخلاقه الرياضية رفيعة المستوى.
 
في الألعاب الأوليمبية الأخيرة بطوكيو اجتمعت البعثة المصرية ومعها وزير الرياضة الدكتور اشرف صبحي برئيس البعثة الأوليمبية اليابانية وهو في الوقت ذاته رئيس اتحاد الجودو وكان الحديث طوال الاجتماع يدور حول امحمد رشوان الذى تجاهلته البعثة الاوليمبية المصرية وتجاهلت دعوته للسفر الى اليابان وتكريمه بحمل علم مصر ..!!
 
ويم الثلاثاء الماضي كان لى الشرف أن التقى البطل الأسطورة محمد رشوان على هامش احتفال نادي سموحة بافتتاح منشآت رياضية جديدة وتكريم المهندس فرج عامر لقدامى الرياضيين والشخصيات التاريخية بالنادى وعدد من الإعلاميين.... سألته لماذا لم تذهب الى اليابان. كان حزينا للغاية لعدم دعوة البعثة المصرية له بشكل رسمي. فاليابان ليست بعيدة عنه لكن ذهابه على راس البعثة الأوليمبية المصرية لها معنى آخر. ومع ذلك سافر ابن رئيس اتحاد اللعبة وغيره من المحاسيب والاداريين ولم يسافر رشوان بسبب " خصومات ومصالح شخصية".
 
هذا البطل الذي مازال العالم يتحدث عنه مستبعد من اتحاد اللعبة ومن اللجنة الأوليمبية. من يصدق هذا...؟!
لكنه هو أكبر وأبقى ببطولاته وبأخلاقه وبموقفه الرياضي النبيل من أي منصب ومن أي رئيس أو وزير. انها الاخلاق يا سادةهى الأبقى والأخلد من أية ميداليات أو دروع أو بطولات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة