كان الكاتب العالمى نجيب محفوظ يحب سعد زغلول ويرى فيه زعيما حقيقيا استطاع أن يسيطر على وجدان الشعب المصرى، وكنت فى البداية أظن أن رؤية نجيب محفوظ تأتى من تأثره بثورة 1919 بحس طفولى، لأن نجيب محفوظ مواليد سنة 1911 بما يعنى أنه كان فى التاسعة من عمره أو أقل قليلا، وبالتالى كانت رؤيته رومانسية تماما فى سعد زغلول، ولكننى أدركت بعد ذلك أننى مخطئ وأن سعد زعيم حقيقى وأن نجيب محفوظ أدرك ذلك بعد طول تأمل وتبصر.
أقول إن مصر موعودة بأبنائها المخلصين الذين يحملون قضيتها ويدافعون عنها، وأن ما حدث فى ثورة 1919 كان نتاجا حقيقيا لجيل عظيم فى تاريخ مصر، الجيل الذى سعى بكل عزم وقوة لإنشاء الجامعة المصرية مدركا أن شعبا بلا تعليم لن يتحرك قيد أنملة ناحية استقلاله ونموه ونهضته، وقد كان هذا الجيل مهما جدا فى الحياة المصرية، وكان سعد زغلول فى موضع القلب من هذا الجيل.
وتمر اليوم ذكرى رحيل سعد زغلول، الذى رحل فى 23 أغسطس من عام 1927 وقد خسر الشعب المصرى بموته رمزا حقيقيا، وما يعجبنى بشدة فى سعد زغلول أنه كان يمارس السياسة، بمعنى أنه لم يكن شخصا ثائرا وغاضبا فقط، بل كان يشكل حكومة ويحاول أن ينفذ أفكاره على أرض الواقع بالفعل، بالتالى وجدنا من يتفق معه ومن يختلف عليه، وفى ذلك قمة العمل المجتمعى.