طمع وجشع التجار وأصحاب التوكيلات، برفع أسعار السيارات، وتحقيق مكاسب لا تقل عن 40%، أدى إلى عزوف المواطن المصرى عن اقتناء سيارة، والنتيجة تراجع فى الاستهلاك، وأن السوق المصرى صار غير مؤثر فى حركة البيع والشراء، بما لا يتناسب مطلقا مع عدد السكان، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن تقديرات المبيعات السنوية لا تتجاوز 120 ألف سيارة، وهى نسبة ضئيلة مقارنة بتعداد سكان مصر الذى تخطى حاجز الـ100 مليون.
التجار وأصحاب التوكيلات، اعتادوا على تحقيق مكاسب مالية ضخمة، لا مثيل لها فى أى سوق فى العالم، حيث تصل نسبة المكسب إلى 40% على الأقل، وأن هذا الاعتياد اكتسبه أصحاب التوكيلات تحت ذريعة أن الجمارك مرتفعة، وهو ما كان معمولا به طوال العقود الماضية وحتى قبل يناير 2019
ورغم أن الدولة المصرية كانت ملتزمة بتعهداتها فى رفع التعريفة الجمركية فى مصر بالكامل على السيارات ذات المنشأ الأوروبى إلى صفر، وهو ما يُعرف إعلاميا بـ«زيرو جمارك» منذ يناير 2019 وكان يجب على أصحاب التوكيلات والتجار أن يخفضوا من تلقاء ذاتهم أسعار السيارات بشكل يلقى قبولا لدى المواطن، وتزداد حركة الشراء، لكن للأسف حدث العكس.
الدولة التزمت بتعهداتها، وطبقت اتفاقية الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبى الموقعة فى 26 يناير 2001، وبناء عليها تقرّر إقامة منطقة تجارة حرّة خلال فترة انتقالية مدتها 12 عاما من تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، وكان الجميع ينتظر من أصحاب التوكيلات والتجار التراجع عن الجشع، وتحقيق هامش ربح جيد لا يتجاوز 15% مثل مكاسب كل التجار وأصحاب التوكيلات فى دول العالم المختلفة، إلا إنه وبغرابة شديدة، حدث العكس، فقد ارتفعت الأسعار بطريقة مثيرة للدهشة.
اتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة بالتعاون مع دول الاتحاد الأوروبى، كانت تهدف إلى تهيئة المناخ للتبادل التجارى فى السلع والخدمات ورؤوس الأموال، وتنمية علاقات اقتصادية واجتماعية متوازنة بين الأطراف الموقعة، ومن ثم تحرير التجارة فى السلع الصناعية من كل القيود الكميّة والتعريفة الجمركية، وفقا لجداول سلعية وزمنية معينة.
ففى الوقت الذى تسمح فيه القاهرة بتخفيض تدريجى على التعريفة الجمركية للسيارات الأوروبية الواردة إليها، إلى أن تصل إلى صفر، تسمح الاتفاقية بتوسيع قائمة السلع الزراعية المصرية التى يمكن تصديرها للاتحاد الأوروبى إلى أكثر من 100 سلعة، مقابل 25 سلعة قبل توقيع الاتفاقية، وكما ذكرنا، التزمت الدولة المصرية وطبقت الاتفاقية، وألغت الجمارك عن كل السيارات ذات المنشأ الأوروبى، وتفاءل الجميع خيرا فى اقتناء سيارة أوروبية محترمة وبسعر فى المتناول.
لكن كانت المفاجأة أن الأسعار لم تتراجع، ما أصاب عددا كبيرا من المصريين بحالة من السخط والغضب، ودشنوا حملة مقاطعة شراء السيارات، كان تأثيرها سلبيا على سوق السيارات، ما دفع التجار وأصحاب التوكيلات إلى الاستجابة وتخفيض أسعار السيارات، بينما السيارات الكورية واليابانية، لم تتراجع بشكل مُرضى.
وخلال الفترة القليلة الماضية، فوجئ الجميع بسباق محموم بين أصحاب التوكيلات والتجار لرفع أسعار السيارات، وتحقيق مكاسب لا تقل عن 40% بما يعنى أن رفع الجمارك عن السيارات، أهدر أموالا كبيرة على خزانة الدولة، ذهبت إلى جيوب التجار وأصحاب التوكيلات، بشكل فج وغليظ.
المثير للجنون، أن التجار وأصحاب التوكيلات، يقررون ودون دراسة، رفع الأسعار، ما يؤدى إلى عزوف المواطنين عن الشراء، فيصرخ التجار وأصحاب التوكيلات، ويزرفون الدمع، ويشتكون مر الشكوى من الركود فى سوق السيارات، دون إدراك أنهم السبب، وأن الجشع فى تحقيق مكاسب تتجاوز 40% لا يوجد له مثيل فى سوق من أسواق الدول المختلفة، إذن اسأل عن الجشع عند ركود حركة سوق السيارات المصرى.
والحقيقة إنه لا يوجد من يحقق مكاسب بهذا الشكل، فى دولة من الدول، فالتاجر أو رجل أعمال الذى يحقق مكاسب 15% فى أى مجال من المجالات، يرى فى نفسه بطلا ويشكر الله ويحمده كثيرا، إلا رجال الأعمال والتجار وأصحاب التوكيلات فى الأسواق المصرية، لا يرضيهم تحقيق مكاسب أقل من 40% دون إدراك حقيقى لنظرية «قليل دائم أفضل من كثير متقطع»، لذلك يجب على التجار وأصحاب التوكيلات، الكف عن المنافسة فى سباق رفع الأسعار، لأنهم سيتسببون فى ركود شديد يصل إلى حد شلل السوق!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة