أفراح الأنجال.. أرقام ومفاجآت فى زواج أبناء الخديوى إسماعيل

الأحد، 29 أغسطس 2021 10:00 م
أفراح الأنجال.. أرقام ومفاجآت فى زواج أبناء الخديوى إسماعيل موسيقى فى قصر الخديوى إسماعيل
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأحداث التى وقعت فى بر مصر كثيرة جدا، منها المشهور مثل الحروب بتبعاتها من انتصارات وهزائم واتفاقيات ومعاهدات، ومنها المنظور مثل المبانى والإنشاءات، ولكن هناك نوع آخر لم يأخذ الشهرة ذلك المتعلق بالاجتماعيات، ومن أشهر هذه المناسبات زواج أبناء الخديوى إسماعيل فى سنة 1873 والذى عرف باسم "زواج الأنجال".

يقول كتاب "القاهرة وما فيها" للكاتب الراحل مكاوى سعيد:

أقيمت بداية من يوم 15 يناير عام 1873 الأفراح البهيجة احتفاءً بزواج الأمراء: توفيق وحسين وحسن، أبناء الخديوى إسماعيل، من ربات الصون والعفاف، الأميرات: أمينة هانم بنت إلهامى باشا ابن المغفور له عباس الأول، وعين الحياة هانم بنت الأمير أحمد باشا ابن المغفور له إبراهيم الأول، وخديجة هانم بنت الأمير محمد على الصغير ابن رأس الأسرة المحمدية العلوية المغفور له محمد على باشا الكبير، وزواج أختهم الأميرة فاطمة هانم بالأمير طوسون ابن المغفور له محمد سعيد باشا، ودامت الأفراح أربعين يومًا كاملاً، باعتبار عشرة أيام لكل عرس من الأعراس الأربعة. ولايزال للآن ذكر محاسنها يسير فى الآفاق، وقد زينت العاصمة بأبهى الزينات، ورفعت أقواس النصر فى أهم الميادين. وأقيمت الأكشاك والمنصات للجوقات الموسيقية ولتخوت المطربين والمطربات. وفى مقدمتها تخت المرحوم: عبده الحامولى الذى إذا أنشد نقل بنغماته الساحرة من سَمِعَه إلى جنة الخلد، وتخت «ألمظ» التى فتنت العقول برنين صوتها الرخيم، ناهيك عن أشهر الراقصات المصريات، وفى مقدمتهن صفية وعائشة الطويلة، اللتان استعبدتا القلب والنظر فيما قامتا به من حركات وتموجات ورشاقة وخفة.

ومما يحسن إيراده تَفْكِهَةً للقارئ وبيانًا للحقيقة بمناسبة تزويج الأمير حسن من الأميرة خديجة أن الخديوى إسماعيل حينما أدخلها المدرسة المعدة للأميرات، وتبين من فحوى كلامها توقد ذهنها وسرعة إدراكها وعدها بالزواج من أحد أولاده إذا اجتهدت فى طلب العلم. فعنَّ له يومًا أن يزور تلك المدرسة ليتفقد حال الطالبات فيها، فلما وصل إلى الأميرة خديجة، سألها قائلاً: "إلى أين بلغت من تعلم القرآن يا ابنتي؟" فأجابته من فورها وقالت: "وَاذْكُر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد"، فسُرّ الخديو وارتاح لقولها وقال لها: "نعم.. نعم" ثم برَّ لها بوعده.

 
ونعود إلى أفراح الأنجال التى كلفت الدولة المصرية حينها ملايين الجنيهات، أثقلت ديون الميزانية وانتهت بنا إلى الاحتلال، كانت القاهرة خلال هذه الحفلات لا تنام، تعلو بناياتها وشوارعها الزينات والبيارق والأعلام كافة، وتدوى فى ميادينها طلقات المدافع تحية للعرسان، وتنساب فيها نغمات معازف الموسيقات العسكرية، وتختال العربات الفخمة فى مواكبها الرائعة، وتزخر رحباتها بكوكبات الفرسان وطوابير الجند، وتضرب أمام قصور إسماعيل السرادقات الفخمة المزينة بأفخر الرياش، وتقام الأصوات والأذكار فى السرادقات والصوانات، ويُنعم الخديوى على المعوزين، ويتصدق على الفقراء والمحتاجين، وتمد أسمطة الطعام والشراب أمام كل طوائف الشعب، فيُقبلون عليها جميعا يأكلون ويشبعون وهم يدعون لإسماعيل بالنصر! ولأبنائه بالعز ودوام المجد.
 
ورغم ما قيل عن سفه الخديوى إسماعيل وبذخه الذى ورط به مصر، فهناك بعض المؤرخين يتداولون حكاية للدلالة على وطنيته وعشقه للمصريين، بخلاف موضوع أنه أول حاكم مصرى يسكن وسط الشعب فى قصر عابدين بينما كان من قبله يحكمون المصريين من فوق القلعة، وها هى الحكاية: "قبل موعد أفراح الأنجال بشهور، كلف الخديوى ناظر الخاصة الخديوية (طه باشا الشمسي) بمفاوضة عدة محال تجارية لتقديم مناقصات لتوريد كل ما يلزم لجهاز الأميرات، ووقع الاختيار على فرع محل (بسكال) الفرنسى بالقاهرة، لجودة بضاعته ورخص أسعارها، ولما عُرض الأمر على الخديوي، سأل بدهشة: ألم يتقدم فى هذه المناقصة محل مصرى وطنى مطلقًا؟"، فأجابه طه الشمسي: لقد تقدم محل (مدكور) المصري، ولكن أسعاره تزيد 25 % على أسعار (بسكال) رغم أن البضاعة واحدة، فرد الخديوي: خذ كل ما نحتاج إليه من محل (مدكور) المصري، ثم عقب: إذا كانت المحال المصرية لن تنتفع من أفراح أولادي.. فمن أفراح من ستستفيد وتنتفع؟!".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة