بث تليفزيون اليوم السابع، تغطية خاصة عن مسجد الصالح طلائع، في حلقة جديدة من برنامج "لايف من السرداب"، والذى يعده ويقدمه الزميل محمود حسن، والذى يزور فيه واحد من آثار القاهرة غير الشهيرة، ويحكي قصتها وتاريخها.
وزيارة اليوم في برنامج "لايف من السرداب"، كانت لمسجد الصالح طلائع بالقرب من باب زويلة بقلب القاهرة الفاطمية، والذى بني في الأساس كي يكون مقرا لدفن رأس الحسين بن علي رضوان الله عليهما.
ولم يبقى من أثر سيدنا الحسين في المسجد، سوى الخشبة التي حملت عليها راس سيدنا الحسين من مقر دفنها الأول في الشام إلى مصر.
فبعد 300 سنة من هجرة الرسول، أسس الشيعة الفاطميين خلافتهم في مدينة المهدية بتونس، ونتيجة لظروف تاريخية وفى سنة 358 هجريا، الموافق 969 ميلاديا، وصلوا مصر، واستولوا عليها دون أدنى مقاومة، ثم بنوا العاصمة القاهرة ونقلوها فيها عاصمتهم الجديدة، ودخل المعز لدين الله الفاطمي، وألقى على أهل القاهرة الذهب، وأشهر السيف، قائلا ليبقى لنا من هذا الموقف المثل الشهير، "دخل علينا بذهب المعز وسيفه".
أما حكاية الصالح طلائع فيحكيها لنا المؤرخ المصري العظيم المقريزي، في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، وهي إن مجموعة من الشيعة من أرمينيا كانوا فقراء جدا، زاروا مشهد الإمام علي بن أبي طالب في النجف في العراق، وكان بينهم طلائع بن زريك ، ولما باتوا هناك خادم المسجد رأى منام، خرج فيه الإمام علي بن أبي طالب في المنام للخادم، وقاله له إن أربعين من الفقرا يبيتون في المسجد، منهم شخص اسمه طلائع بن زريك، فأبلغه أن علي بن أبي طالب يأمرك أن تذهب إلى مصر فسيكون لك فيها شأن عظيم".
وبالفعل قام الخادم من منامه وحكى للصالح طلائع الرؤيا لينفذها الصالح طلائع. ولأنه كان معروف بحلاوة اللسان، وطيب المعشر، بدأ يترقى داخل سلم الخدم الفاطمي حتى تم توليته ولاية الصعيد.
في سنة 549 وقعت في القاهرة فتنة عظيمة واضطراب كبير، انتهى بقتل الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله على إيد واحد من أصدقاؤه، لم يبق في القصر سوى أطفال صغار ليتولوا الخلافة ، واحد منهم مريض مرض عضال ولا يؤمل شفاؤه ، واسمه الفائز بنصر الله، والذى مات وعمره 11 عاما، ليتولى بدلا منه الخلافة أخيه "العاضد بأمر الله"، لكن في هذا الوقت لم يبق في القصر سوى مجموعة من النساء إخوة الخليفة.
وساعتها النساء في القصر أرسلوا لـ "الصالح طلائع" يستغيثوا به كي يأتي من الصعيد، لينقذهم من الفوضى، وكي يأثروا عليه عاطفيا ونفسيا، قطعوا شعورهم، وضفائرهم ووضعوها في الرسالة، كي يعرف قدر الذل والخوف وما يعانونه.
تأثر الصالح طلائع، بالرسالة اللى فيها ضفائر نساء القصر، وقدم إلى القاهرة، وحكمها بدون قتال، ومع الوقت بدأ الصالح طلائع يفرض ضرائب على الأغنياء، وهو ما جعل هناك حالة من الغضب ضده بين كبار الدولة الفاطمية.
وفى الوقت نفسه كانت هجمات الصليبيين تزداد حدة على عسقلان في الشام، وكان هناك رأس الحسين بن علي في مقامه بعسقلان.
وساعتها خاف الفاطميين على راس سيدنا الحسين، وقرروا نقلها من عسقلان إلى القاهرة، وفعلا أرسل الصالح طلائع وفد من رجال الدولة، ليحفروا مقام الحسين في عسقلان، واستخرجوا الرأس الكريمة، ووضعوها على خشبة، ومشوا بها من عسقلان إلى القاهرة، في الوقت الذى كان على عجل يبني مسجده ليكون المشهد اللى تتدفن فيه الراس، لكن لما وصل الوفد حاملا راس سيدنا الحسين على الخشبة، اعترض الخليفة الصغير العاضد، وطلب دفنها بين قبور أحفاده من الخلفاء الفاطميين، في القصور الزاهرة، ولهذا بنى مشهد توضع فيه راس الحسين، وهو الباقي حتى اليوم مشهدا لرأس الحسين رضي الله عنه.
وبدأت المكائد ضد الصالح طلائع تتزايد، وتآمرت نساء القصر لقتله، وهي المؤامرة التي نجحت فعلا حين نجحت عملة الخليفة "ست القصور" في قتله أثناء تواجده بقصر الخلافة،والذى يقام محله اليوم منطقة خان الخليلي بالجمالية.