يعد يوم الثانى من يناير 2019 .. تاريخا فاصلا فى حياة الملايين من المواطنين بقرى الريف المصرى، وتحديدا القرى الأكثر احتياجا، حيث كتبت فى هذا اليوم، شهادة ميلاد حقيقية لهذه الفئات الأكثر احتياجا بتوجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى، وذلك من خلال إطلاقه مبادرة (حياة كريمة) لتحسين مستوى المعيشة فى آلاف القرى المصرية، حيث قال الرئيس وقتها عبر حسابه الرسمى على مواقع التواصل الاجتماعى: "أوجه الدعوة لمؤسسات وأجهزة الدولة، بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، وبرعايتى المباشرة.. لإطلاق مبادرة وطنية على مستوى الدولة لتوفير حياة كريمة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا خلال العام 2019.. تحيا مصر".
ومنذ عام 2019 وحتى اليوم تحصد الملايين من الأسر الفقيرة والمتوسطة، فى القرى والريف، ثمار مبادرة حياة كريمة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث استطاعت مبادرة "حياة كريمة" بمشروعاتها فى أقل من عامين أن تغير حياة الملايين وترفع مستوى المعيشة فى التجمعات الريفية المستهدفة، وذلك لأنه فور إطلاقها تحركت كافة أجهزة الدولة فى اتجاه تنفيذ تلك المبادرة، والعمل على تحقيق أهدافها بتوفير حياة كريمة لغير القادرين وتطوير القرى الأكثر احتياجًا وتوفير كافة المرافق والخدمات لغير القادرين فى هذه القرى وهو ما عرف بمشروع تطوير الريف المصري.
فى حقيقة الأمر إن برنامج "حياة كريمة" يعد أكبر مشروع لحقوق الإنسان على الإطلاق فى التاريخ المصري، ويقدم نموذجا متفردا لتطبيق هذه الحقوق الإنسانية، إذ يتوجه إلى 60 مليون مواطن مصرى فى توقيت متزامن، وقد أشاد العالم والدول من حولنا بتلك المبادرة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث يضع الفئات الأكثر احتياجا نصب عينيه ويطبق أسمى قيم حقوق الإنسان المنصوص عليها فى مواثيق الأمم المتحدة من توفير سكن ومدرسة ومستشفى وحياة كريمة لجميع المواطنين، ويبدو لى أن التوسع الشامل فى برنامج حياة كريمة، الذى يستهدف التخفيف عن كاهل المواطنين بالتجمعات الأكثر احتياجا فى الريف والمناطق العشوائية فى الحضر وتحقيق التنمية الشاملة للتجمعات الريفية الأكثر احتياجا بهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد لتوفير حياة كريمة مستدامة للمواطنين على مستوى الجمهورية.
ويتضح لنا جليا أن الهدف الأسمى لهذا البرنامج الرئاسى العملاق هو الارتقاء بالمستوى الاجتماعى والاقتصادى والبيئى للأسر المصرية وتحقيق أكبر وأعظم مشروع للاستثمار فى البشر فى تاريخ مصر، وتلك خطوة متفردة فى التاريخ المصرى والعالمى لتطبيق المعايير العالمية لحقوق الإنسان كما أقرتها المواثيق الأممية الخاصة بحقوق الإنسان الإنسانية والاجتماعية، ومن هنا فإن برنامج "حياة كريمة" يؤكد قيم حقوق الإنسان بتعريفها العالمى الصحيح، حيث يستهدف ملايين الأسر البسيطة التى حرمت لسنوات طويلة من أبسط حقوقها الإنسانية، ويقدم لهذه الملايين منظومة إنسانية متكاملة من سكن وخدمات صحية وتعليمية وبيئة إنسانية آمنة لملايين المواطنين فى الريف وفى توقيت قياسى وبتكلفة مدهشة لم تشهدها مصر من قبل فى أى من العصور، ويرسخ البرنامج من جهة أخرى شعورا أساسيا لدى المواطن بأن الدولة فى عهد الرئيس السيسى صدقت فى وعودها بأن بناء الإنسان المصرى هو رأس أولويات الرئيس وكافة قطاعات الدولة بلا استثناء.
ولعل دروس التاريخ أثبتت أن الدولة القوية هى حصاد مباشر لوجود مواطنين أقوياء ينعمون بحياة كريمة ويثقون فى دولتهم وفى سياساتها التى تستهدف بذل أقصى جهد ممكن، وتوجيه أكبر استثمارات ممكنة لضمان حياة اجتماعية وتنموية وصحية وتعليمية بأرقى المعايير العالمية، ومن ثم فإن هذا الاستثمار يحقق نهضة اجتماعية وإنسانية ويحقق أسمى غايات حقوق الإنسان فى العالم وهو الوصول إلى "حياة كريمة" وآمنة للجيل الحالى والأجيال المقبلة، ومن هنا يفخر كل مصرى لمشاركته فى هذا المشروع المصرى الرئاسى العملاق الذى يعمل لصالح مستقبل مصر ومستقبل الأجيال المقبلة ويساهم فى تأكيد قوة مصر وقدرتها الشاملة على مواجهة كل تحدياتها بسواعد أبنائها فى الداخل ودون الاعتماد على أحد تحت قيادة تاريخية من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومؤسسات مصر الكبرى النابضة بالحيوية والعمل.
معروف أن التكلفة التقديرية لمبادرة الرئيس السيسى (حياة كريمة) تصل إلى قرابة 700 مليار جنيه، وذلك بعدما قدرت الحكومة فى بداية المبادرة حجم التمويل بقرابة 600 مليار جنيه، لكنها تسعى لتنفيذ أفضل مستويات الجودة الممكنة فى الريف، والمناطق الأكثر احتياجًا، وبدأت الحكومة بالفعل منذ عدة أشهر أعمالا كثيرة ضمن مشروع (تطوير الريف) إلا أن التدشين الرسمى للمبادرة الرئاسية كان يوم 15 يوليو الماضى فى حشد جماهيرى باستاد القاهرة الدولى بحضور الرئيس السيسى ورئيس الوزراء وعدد من المسئولين بالدولة.
والمشروع الذى تعول عليه الحكومة لـ "تغيير وجه الحياة فى الريف المصري" لقرابة 60% من المواطنين المصريين فى الريف الذى تبلغ عدد قراه المستهدف تطويرها فى مشروع حياة كريمة 4741 قرية، وتوابعها 30888 عزبة وكفرًا ونجعا، وفى إطار التغيير الجذرى لحال وواقع قرى الريف وتوابعها من عزب وكفور ونجوع من كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات، والنواحى المعيشية والاجتماعية والصحية، وذلك بالتناغم بين كافة الأجهزة الحكومية المعنية لتطوير 1500 قرية وتوابعها كمرحلة أولى، ويستهدف مشروع (حياة كريمة) تطويرات كافة فى 26 محافظة بعد استبعاد القاهرة لخلوها من القرى، ويستفيد منها نحو 18مليون مواطن.
ينفذ هذا المشروع على ثلاث مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%، وتحدد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحى وشبكات المياه، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة فى تلك القرى.
هذا بعض ما استهدفه برنامج (حياة كريمة) لتحسين مستوى المواطن المصرى فى الريف والمناطق العشوائية اللذين كانا مهملين حتى وقت قريب حين وجد المواطن البسيط يدا حانية من رأس الدولة ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى لا يألوا جهدا فى الارتقاء بالمواطن المصرى أينما وجد، والدليل على اهتمامه بالحضر أيضا أنه افتتح قبل ثلاثة أيام مشروع المدينة الصناعية الغذائية الجديدة (شركة (سايلو مصر للصناعات الغذائية -SILO FOODS ) التى أنشئت فى مدينة السادات بمحافظة المنوفية، لاستغلال زراعات القمح المصرية فى تصنيعها، وزيادة نسب الاكتفاء المحلى من الصناعات الغذائية التى يعمل عليها المصنع، فضلاً عن توفير فرص عمل لشباب محافظة المنوفية والمناطق المحيطة بالمصنع، فضلاً عن دعم الجهود التنموية فى الدولة.
وتضم منشآت المدينة الصناعية الغذائية بالسادات (سايلو فودز): 4 مصانع، أحدها لـ (البسكويت) وآخر لـ (المكرونة)، وثالث لـ (المخبوزات)، بالإضافة إلى مطحن للدقيق، وصوامع لتخزين القمح، فضلاً عن مصانع لطباعة إنتاج العلب لتغليق المنتجات بمختلف أنواعها، وهذا الصرح عظيم يمثل إضافة حقيقية لقدرة الدولة فى الصناعات الغذائية، وهى أساس الأمن الغذائى الذى يؤدى إلى تحقيق الأمن القومى الشامل، وبحسب الدكتور على مصيلحى وزير التموين فإن مجمع المصانع (سايلو فودز) يهدف إلى أن استراتيجية الدولة فى توفير الاحتياطى الاستراتيجى تعتمد على 3 محاور أساسية، من خلال ضمان توفير احتياطى استراتيجى لا يقل عن 6 شهور، والمحور الثانى ضبط ورفع كفاءة سلاسل التوزيع وعدالة وجودها، والمحور الثالث يتمثل تدبير التمويل اللازم المالى لشراء السلع الاستراتيجية والذى زاد عن 1.8 مليار دولار.
ومن أهم أهداف (سايلو فودز) كما هو مخطط له كمشروع عملاق تقديم تغذية مدرسية صحية مؤمنة وبخامات محلية ومطابقة للمواصفات العالمية لبناء الانسان المصرى، لتعود القيمة على ملايين من أولادنا، خاصة أن مصر تنتمى الى شريحة الدول متوسطة الدخل والدول المميزة فى التعامل مع قضية بناء الانسان، وقد تم تكليف (المعهد القومى للتغذية) من جانب وزيرة الصحة المصرية بحيث يتولى وضع المواصفات الخاصة بالوجبة المدرسية للطلاب، من خلال إضافة أهم العناصر الغذائية والفيتامينات والمغذيات الدقيقة لتحسين الحالة الصحية السليمة، وتوفر الغذاء للطلاب، والذى بدوره يوفر الاحتياجات الصحية ويساعدهم على مقاومة الأنيميا وغيرها.
وتعتبر (سايلو فودز)، أول وأحدث مدينة صناعية متكاملة تابعة للدولة، والتى تعمل بشكل متكامل؛ حيث روعى فى تخطيطها وتنفيذها ألا يتم الاحتياج لأى عنصر خارجى فى المشروع، سوى القمح اللازم لإنتاج الدقيق الذى يدخل كمادة خام أساسية فى مختلف المنتجات التى يعمل عليها (سايلو فودز)، واهتمت إدارة المشروع على أن تعمل المدينة إلكترونيا بشكل شبه كامل، مع تنفيذ شبكة داخلية تنقل الدقيق والقمح عقب طحنه إلى مختلف منشآت المدينة الغذائية، بمصانعها الأربعة إضافة لتواجد مطحن للدقيق، وآخر لتخزين القمح، إلى جانب مصنع لمنتجات ومستلزمات التغليف، وتزود منتجات المصنع بمنظومة التتبع عبر (Q R Code) الذى يتيح للمواطن التأكّد من صحة وسلامة المنتج المتواجد لديه وعدم غشه، والمدينة الغذائية فى المنطقة الصناعية بمدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية والتى تقع على مسطح 135 فدانا، وهو مشروع ضمن شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة ، وقد أنشئ بهدف التنمية وتوفير فرص عمل للشباب، وزيادة اكتفاء السوق المحلية من الصناعات الغذائية.
وما أحب أن أوضحه فى النهاية أن مدينة الصناعات الغذائية الجديدة يأتى تأكيدًا على فلسفة الدولة المصرية فى تعظيم القيمة المضافة لكافة الموارد والإمكانات والاستمرار فى نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة، وأن التكنولوجيا الحديثة هى التى تستخدم فى القطاعات الاقتصادية بما يسهم فى تلبية الاحتياجات المحلية والاتجاه نحو التصدير مع أتباع أفضل المعايير والجودة العالمية بما يسهم فى زيادة تنافسية المنتجات المصرية بالخارج، خاصة مع حرص الرئيس السيسى على الوصول بالصادرات المصرية إلى تحقيق 100 مليار دولار خلال السنوات القادمة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تحقيق مستهدفات استراتيجية لتقوية التصنيع المحلى حتى يكون له عوائد إيجابية على الاقتصاد المصرى فى زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالى وزيادة معدل النمو الاقتصادى وتوفير المزيد من فرص العمل للمساهمة فى خفض معدل البطالة.
ويقينى الراسخ بأن هذا الصرح الكبير للصناعات الغذائية له دلالة على التكاملية بين قطاع الصناعة والزراعة اللذان يعتبران الركائز الأساسية لتحقيق مستهدفات الإصلاحات الهيكلية، باعتبارهما القطاعات القائدة لعملية التنمية الاقتصادية فى مصر الجديدة القائمة على مبدأ المواطنة وتحقيق أهداف التنمية الحقيقية التى تنعكس على حياة كريمة للمواطن المصرى فى الريف والحضر، بفضل السياسات الحكيمة من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى يسعى بدأب شديد نحو تحسين أحوال الحياة لكافة المصريين، وتحقق أفضل معايير حقوق الإنسان فى عيش كريم وسكن مناسب وخدمات تعليمية وصحية وغيرها من خدمات ينبغى أن تكون بأفضل وسائل العصر الحديث .. حفظه الله ورعاه.