لا يعلم الكثيرون من مستخدمي الإنترنت حقيقة مواقع التواصل الاجتماعي، وأنها مراقبة بشدة سواء داخل الدولة أو خارجها، فما نلفظ من قول أو ننشر من شيء "سواء من حسابات شخصية صحيحة أو مفبركة بأسماء وهمية أو عن طريق البريد الإلكتروني ماسنجر - واتس آب -انستجرام.."، إلا وعليه رقيب عتيد يسجل أنفاسنا، ويحفظ معلوماتنا ليقدمها عند الحساب للجهات الأمنية لتكون حجة قاطعة ودليلا دامغا للأجهزة المختصة على سلوكنا ولو كان يتسم بالخصوصية وأقرب إلى التناجي.
ولا يمكن لنا أن نشتكي من هذا التنصت والتسجيل، ذلك أن من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي يقبل مسبقا ببنود الخدمة، ويفترض فيه العلم بالقانون فلا يعذر أحد بالجهل بالقانون، فأنت حين تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي تعطي شيكا على بياض لمقدم الخدمة بتسجيل وحفظ بياناتك الشخصية، ومعلوماتك، وما يصدر منك، وما يرد إليك لمدة 6 أشهر متصلة تعاد بعدها الكرة تلوا الأخرى دون حد أقصى، أي طول الاستخدام مع تقديم ما تم تسجيله وحفظه للجهات الحكومية عند الطلب، وإلا ارتكب مقدم الخدمة جريمة امتناع عن إعطاء بيانات ومعلومات عقوبتها الحبس.
ماذا يعنى إنشائي حسابا على "فيس بوك" أو غيرها من مواقع التواصل؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية مدى أحقية مقدم خدمة الإنترنت من مراقبة الحسابات الشخصية والعامة باعتبار أن الدولة تحمي نفسها وبقاءها من فوضى الإنترنت، فعليك أن تعي ذلك جيدا ولا تتشدق بالدستور الذي يلفظ ذلك، إذ الحفاظ على كيان وأمن الدولة أهم 1000 مرة من الخصوصية، فلا تتعجب من آليات الحفاظ على ذلك الحق الذي تتمتع به كل دول العالم ليس في مصر فقط كما يظن البعض – بحسب الخبير القانوني محمد عبد العظيم كركاب، عضو مجلس نقابة المحامين.
المشرع ألزم الشركات بحفظ بياناتك ومعلوماتك خلال 180 يوما قابلة للتجديد
في البداية - ألزم القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات في المادة الثانية منه مقدم الخدمة: "وهو أي شخص طبيعي أو اعتباري يزود المستخدمين بخدمات تقنيات المعلومات والاتصالات، ويشمل ذلك من يقوم بمعالجة أو تخزين المعلومات بذاته أو من ينوب عنه في أي من تلك الخدمات أو تقنية المعلومات) بما يلي - أولا – وفقا لـ "كركاب":
1-حفظ وتخزين وتسجيل النظام المعلوماتي أو أي وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يوما متصلة وتتمثل البيانات الواجب حفظها وتخزينها فيما يلي:
أ- البيانات التي تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة.
ب – البيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي المتعامل وهي أي بيانات تؤدى بذاتها، أو مجتمعه مع بيانات أو معلومات أخرى إلى تكوين معلومة أو تحديد توجه أو اتجاه أو تصور أو معنى أو الإشارة إلى بيانات أخرى، ومنها الرسائل التي تجرى عبر الماسنجر والوات ساب وما ننشر من مقالات وصور سواء للعاملة أو الاصدقاء على الفيس بوك او الماسنجر أو الانستغرام الخ.
ج – البيانات المتعلقة بحركة الاتصال
د- البيانات المتعلقة بالأجهزة الطرفية للاتصال.
ه – أي بيانات أخرى يصدر بتحديدها قرار من مجلس إدارة الجهاز القومي للاتصالات وتلك طامة حقيقية على الخصوصية.
ثانيا: مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة التي يكفلها الدستور يلتزم مقدمو الخدمة والتابعون لهم، أن يوفروا حال طلب جهات الأمن القومي، ووفقا لاحتياجاتها كافة الإمكانيات الفنية التي تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقا للقانون.
المشرع اعتبرك موافقا على بنود الخدمة أبرزها التسجيل والتنصت
كما أجازت المادة السادسة من ذات القانون لجهة التحقيق المختصة أن تصدر أمراً مسبباً، لمأموري الضبط القضائي المختصين بإلزام مقدم الخدمة بتسليم بما لديه من من بيانات أو معلومات تتعلق بنظام معلوماتي أو جهاز تقني، موجودة تحت سيطرته أو مخزنة لديه، وكذا بيانات مستخدمي خدمته وحركة الاتصالات التي تمت على ذلك النظام أو الجهاز التقني – الكلام لـ"كركاب".
ليس هذا فحسب بل أضفت المادة 11 من ذات القانون قيمة دامغة على الأدلة الرقمية إذ نصت على أن يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإليكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات نفس قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية.
فأنت في حقيقة الأمر - على مواقع التواصل الاجتماعي مراقب ومسجل، وفي أي لحظه يتم استدعاء ما قدمت يدك، ليكون حجه دامغة عليك لا تقبل المناقشة أو المجادلة، فتصل بك إلى السجن أو الفصل من عملك أو الحيلولة دون الالتحاق بأي عمل عام، فمواقع التواصل الاجتماعي شاهدا علينا لدى الدولة سواء أخبرت أو لم تخبر علمت أو جهلت، حتى أن المرء يتساءل هل حققت تقنية التواصل الاجتماعي للناس قدر أكثر من الحرية أم أنها على العكس كبلتهم بمزيد من قيود العبودية.
الخبير القانونى محمد عبد العظيم كركاب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة