شغلت جنازة رجل الأعمال محمود العربى (1932- 2021) أمس الجمعة الجميع، من يعرف الرجل ومن لا يعرفه، الكل انشغل بالأمر، ورحنا نتابع الأعداد الكثيفة التى سعت لتوديع الرجل إلى مستقره الأخير.
بالطبع فإن العاملين فى مصانع محمود العربى وتجارته يعرفون جيدًا قيمته، رأوا ذلك رأى العين كما يقولون، ولكن نحن الذين سمعنا عن الرجل ولم نره ولم نتعامل معه، لنا أن نتساءل: لماذا يحدث ذلك؟.
اطلعت على مذكرات محمود العربى التى تأتى بعنوان "سر حياتى" ووجدت فيها أساسيات شخصيته، تبدأ من القلب ثم تذهب إلى العقل، فمحمود العربى الذى جاء من قريته فى المنوفية إلى القاهرة صغيرًا للعمل فى منطقة الجمالية، كان فى العاشرة من عمره عندما فعل ذلك، لم يجد أمامه سوى أن يتحصن بكل ما وقر فى قلبه الصغير من والده ومن دروب قريته، كان ذلك معينًا له فى رحلته، وأهم هذه الأشياء كان الإيمان بالله.
على مدى المراحل التي مر بها كان محمود العربى يشعر بأنه محفوظ من الله بفضل التزامه الدينى وهو التزام جميل غير متزمت، حيث يشير فى المذكرات إلى السينما ذلك الفن الجميل الذى ذهب لمشاهدته طفلا ومع أولاده بعد ذلك، فقد كان مفهومه عن تقوى الله مرتبطًا بالأمانة والرفق وبأن لله فى ماله نصيبًا يذهب إلى من يستحقونه.
وجزء آخر مهم فى شخصية محمود العربى يتعلق بالفلاح الذى يكمن فى داخله، فهو يعرف أن الفلاح الذى لا يباشر أرضه بنفسه تبور وتخرب، لذا كان هو وأخوته وأبناؤهم من بعدهم حريصين على متابعة كل التفاصيل المتعلقة بعملهم المتسع.
من يقرأ المذكرات سوف يفاجأ بقدر المجهود الذى بذله محمود العربى وأخوته، لم تكن الطريق سهلة أبدًا، ولم تكن واضحة تماما، لكنهم كانوا يثقون في أنفسهم بصورة كبيرة.
جانب آخر يتعلق بالعائلة ودورها، فلن يستطيع أحد أن ينجح وحده، وإن فعل لن يشعر بمتعة ما فعله، حيث يحتاج الأمر إلى فريق متماسك إلى أجساد شتى وعقول متنوعة وقلب واحد.