في الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العام المالي المنتهي فى 30 يونيو الماضي، حققت رقما تاريخيا قياسيا، فقد سجلت 31.4 مليار دولار مقابل 27.8 مليار في العام المالي السابق.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء فهناك 9.5 مليون مصري يعملون خارج البلاد، وهؤلاء خالفوا كافة التوقعات والتحليلات الاقتصادية والمالية المنطقية للأمانة، وسجلوا تحويلات قياسية غير مسبوقة في السنوات الماضية.
ليس هناك أمر مستغرب من المصريين في الداخل أو الخارج، فدائما وفى أوقات الأزمات والشدائد يأتون بالعجائب وبمواقف تدهش وتذهل العالم. فنداء الوطن لا يمكن تجاهله أبدا ولابد من تلبيته على الفور بصور واشكال مختلفة، كل فى ميدانه وكل قدر طاقته، وكل من يعرف المصريين في الغربة يدرك تماما أن مصر بالنسبة للمغتربين بالخارج حدوتة كبرى وعشق لا يضاهيه شىء آخر مهما طالت سنوات الغربة يبقى الحنين دوما للوطن وكل شىء يهون من أجل مصر.
كافة التحليلات والآراء كانت تميل إلى حدوث انخفاض في تحويلات المصريين بالخارج والتي تمثل أحد الموارد الدولارية الرئيسية للدخل القومي المصري، مثلها مثل السياحة ودخل قناة السويس والاستثمارات الأجنبية مع استمرار جائحة كورونا وإجراءات الإغلاق في الدول المستوردة للعمالة وتراجع معدلات النمو فيها، وانهيار أسعار النفط العالمية، وخيم التشاؤم على توقعات العديد من المحللين حول تحويلات المصريين، والتي تعتمد بشكل كبير على المغتربين، ممن يعيشون في دول الخليج التي تضررت اقتصاداتها بشدة من انهيار أسعار النفط وإجراءات الإغلاق، إلا أن التدفقات الواردة خالفت تماما تلك التوقعات وبلغت أرقاما قياسية وبزيادة 13%.
تحويلات المصريين المالية والأرقام المدهشة التي أعلنها البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي كانت مثار اهتمام خاص من وسائل اعلام أجنبية عديدة، خاصة أيضا أن مصر كانت واحدة من أفضل خمس وجهات للتحويلات من الخارج وفقا لتصنيف البنك الدولي خاصة وأن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تمثل نحو 7% تقريبا من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي.
ومنذ يومين لفت انتباهي تقرير منشور للتليفزيون الصيني باللغة الإنجليزية، لمناقشة ولتوضيح الأسباب وراء الارتفاع غير المسبوق في ارتفاع مستوى التحويلات بالعملة الحرة، التى تتم من المصريين العاملين بالخارج.
فكيف ترتفع تلك التحويلات في ظل الآثار سلبية الأداء الاقتصادي العالمي نتيجة لتداعيات جائحه كورونا.؟
الإجابة جاءت الى عدة أسباب كما ورد في التقرير:
أولها الثقة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري كنتيجة للأداء المتميز، الذي ظهر جليا في السنوات الماضية، بشهادة كافة مؤسسات التقييم الدولية، في وقت كانت كافة الدول في ألعالم أجمع تعاني من تداعيات جائحة كورونا، التي أثرت سلبا على أداء اقتصاد العالم.
ثانيا: الخطط الاستراتيجية التي أطلقها الرئيس السيسي، خاصة المشروعات العملاقة لبناء وتطوير المحافظات والمراكز التابعة والقري، خلقت فرص جاذبة للاستثمار العقاري في تلك المدن، بالإضافة إلى المدن الصناعية المتخصصة والمشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة، التي أطلقها الرئيس السيسي، وأصبحت نقطة جديدة لجذب وتنمية المشروعات الاستثمارية، فيما يسمى بالاقتصاد الابتكاري، علاوة على المشاريع العقارية وغيرها، بالإضافة إلى مشروعات الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق إلى آخره.
ثالثا: كل هذه المشروعات لاقت اقبال كبير من العاملين في الخارج، سواء بشكل مباشر او عن طريق عائلاتهم في مصر.
رابعا، أسعار الفائدة في مصر، بالبنوك، المطروحة من الجهاز المصرفي، جاذبة في الظروف الراهنة، فهي أسعار فائدة إيجابية.
خامسا: الأسهم والسندات والأدوات المالية المطروحة في البورصة المصرية، متنوعة وجاذبة للاستثمار سواء أسهم، سندات، او صكوك التمويل.
سادسا: الاستثمار في قطاع الإنشاءات، وخاصة القطاع العقاري، وهو من أهم القطاعات الاقتصادية التي أطلقها الرئيس السيسي، وتلقى اهتماما كبيرا من المصريين وخاصة العاملين بالخارج.
سابعا، الأداء الإيجابي للسياسة النقدية، واستقرار سعر العملة، من أهم العوامل التي تشجع المصريين على تحويل العملات الاجنبية الى الجنيه المصري، وهو ما يعكس الثقة في الاداء الاقتصادي خاصة المالي والنقدي.
ثامنا، الخطط الاستراتيجية المطروحة لتطوير قطاعات الاقتصاد الوطني أصبحت من أهم القطاعات الاقتصادية الجاذبة للمستثمرين المصريين والأجانب وخاصة المشروعات العقارية العملاقة والمدن الصناعية المتخصصة، ومشروعات الامن الغذائي، والذي يهدف الى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة، وهو ما يساعد على ارتفاع مستويات التحويلات من العملات الاجنبية الى مصر.
إنها مصر وإنهم المصريون والرسالة مفهومة... والقادم أفضل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة