جاء تقرير التنمية البشرية فى مصر 2021، ليسجل شهادة دولية جديدة تضاف لرصيد مصر وجهودها الإصلاحية على المستوى البشرى والمادى، والذى أكد على أن مصر تقدمت خلال السنوات الماضية، نحو إصلاح شامل، أعطى أولوية للنهوض بالاقتصاد كقاطرة أساسية للتنمية، وحرص في ذات الوقت على وضع الانسان المصري في قلب عملية التنمية.
وأكد التقرير على أن أهم التحديات التي تواجه مسيرة التنمية في مصر ومنذ فترة طويلة هي ارتفاع معدل نمو السكان الذي وصل إلى 2.62% في 2016/2017 قبل أن يتراجع إلى 1.79% في 2018/2019، مما يُشكِّل ضغطًا على موارد مصر فيما يتعلق بالدعم وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وتخصيص موارد كافية للاستثمار في البنية التحتية والبحث العلمي وتحسين الخدمات وتوزيعها الجغرافي، كما تبرز قضية الزيادة السكانية باعتبارها أحد أهم القضايا الضاغطة على منظومة تقديم السياسات الاجتماعية، وعلى رأسها قضايا الحماية الاجتماعية والتأمينات الاجتماعية والصحية.
وكان قد أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أن تخفيض معدل النمو السكاني لفترة على الأقل من 10 – 15 سنة، سيجعل مصر في مكانة أخرى على الإطلاق إلى جانب أعمال التنمية التي نقوم بها اليوم في كافة المسارات، وسجلت الساعة السكانية، التابعة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في أغسطس الماضي وصول عدد سكان مصر بالداخل إلى 102 مليون و250 ألفا و421 نسمة، وجاءت محافظة القاهرة على رأس قائمة أعلى عشر محافظات من حيث عدد السكان، حيث بلغ عدد سكانها 10.1 مليون نسمة، وإذا استمرت معدلات الزيادة في عدد السكان لنفس معدل الخصوبة الحالي دون جهود مثمرة حقيقية، من المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 192 مليون نسمة في عام 2052، أما في حالة تكثيف جهود الدولة الشاملة لخفض معدل الخصوبة سيصل عدد السكان إلى 143 مليون نسمة في نفس الفترة أي بفارق 50 مليون وهو يساوى سكان عدة دول.
وتؤدي الزيادة السكانية إلى تراجع الخصائص السكانية المختلفة مثل ارتفاع معدل الأمية والتسرب من التعليم، وبالتالي ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع معدلات الفقر، وبالنسبة للآثار المترتبة على الزيادة السكانية تتمثل في انتشار العشوائيات في المدن الكبرى، عدم التوازن الجغرافي في التنمية الاقتصادية، وعدم العدالة في توزيع السلع والخدمات، بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات في المحافظات النائية والصعيد، وزيادة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وانخفاض نصيب الفرد من المياه والخدمات التعليمية والصحية، وزيادة الضغط على المرافق والخدمات.
ويصل عدد الطلبة حاليا نحو 20 مليون طالب، وعدد المدرسين إلى 964 ألف مدرس، وعدد المدارس إلى 37 ألف مدرسة، وإذا استمر معدل الإنجاب الحالي 3.4 طفل لكل سيدة حتى عام 2052 سيصل عدد سكان مصر إلى 192 مليون نسمة، وبالتالي سيصل عدد الطلاب إلى 38 مليون طالب، وسيتطلب هذا العدد وصول عدد المدرسين إلى 1.816 مليون مدرس وعدد المدارس إلى 70 ألف مدرسة.
واتفق النائب عبد الهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، مع ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية، مشددا أن الزيادة السكانية هي الأخطر على شعب مصر من الإرهاب، بما تمثله من إشكاليات تهدد عمليات التنمية ومخططات التطوير بكافة قطاعات الدولة، معتبرا أن الدولة تقوم بخطط جادة في الحد من الزيادة ولكن المسئولية تشاركية مع المجتمع ووعي الشعب بأهمية هذه القضية هي العامل الرئيسي.
ولفت إلى أن العمل على التنمية الاقتصادية والتمكين الاقتصادى للنساء في الريف المصري والمحافظات الأكثر انجابا وضرورة إشراك المرأة فى سوق العمل، من خلال تشغيل الأمهات والتنمية الاقتصادية لهن، سيمكن من الإقبال على الحياة العملية أكثر والحد من زيادة معدلات الإنجاب، هذا بجانب العمل من خلال المراكز المختصة والتى سيتم إنشائها على تعزيز مفهوم الأسرة الصغيرة وتصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة والتي تدفع الأسر إلى كثرة الإنجاب، مع التعريف بالالتزام بمبدأ عام وهو حق الأسرة فى تحديد عدد أبنائها.
ولفت إلى أن تنظيم الأسرة مسئولية جميع الوزارات وهى قضية قومية لابد وأن تتبناها كافة الجهات المسئولة بالدولة ليتم التنسيق بينهم لزيادة التوعية بها وأن تتضمن بالمناهج التعليمية مدى تأثير تلك القضية على مسيرة التنمية.
وأوضح نصيب المواطن من السلة الغذائية سيتراجع والمستوى التعليمى والصحي والثقافى سيقل كلما زاد التعداد السكانى، مشددا أن العبرة ليست فى الزيادة فقط بل فى تأثير ذلك على تراجع الخصائص الديموغرافية، قائلا "المطالب المتزايدة لتنظيم الأسرة ما هى إلا تدق جرس إنذار لمشكلة الساعة ونحذر كما حذرنا من استمرار عدم الاهتمام بذلك ولابد من تكريس كل الجهود للتصدى لذلك".
وأبدى "القصبي" تطلعه لمشروع تنمية الأسر المصرية والذى سيطلق قريبا بما يضمه من برامج في أن يسهم بزيادة الوعي وبناء الأسرة على أساس يحرص على حياة أفضل للأبناء ومن ثم سيكون هناك حرص على الاكتفاء بطفلين، موضحا أن المجلس سيعمل على مراجعة التشريعات المتعلقة بالطفولة وعمالته، وأيضا العمل على وجود برامج لتحفيز الاكتفاء بطفلين، بجانب السعي لاستقلال المجلس القومي للسكان وأن يتبع رئاسة الجمهورية وهو قائم بالفعل في أحدى مشروعات القوانين التي تدرسها اللجنة.
وفى السياق ذاته، أكدت النائبة مرثا محروس، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن إصدار تقرير التنمية البشرية 2021 والذى تم إصداره بعد توقف دام 10 سنوات، جاء ليسجل شهادة نجاح جديدة للدولة المصرية، والذى تحدث عنه الجميع من مختلف المؤسسات الكبرى بالعالم، والأمم المتحدة .
ولفتت إلى أن التقرير شمل أرقام دقيقة وهامة تنم عن احترافية ما وصلت إليه مصر من نتائج وتمكنت الحكومة من توصيل كافة المعلومات الدقيقة، لإصدار تقرير كامل ومتوافى عما تم من إنجازات في مصر وخطى التنمية، موضحة أن التقرير أكد على أن الزياده السكانية قضية هامة ولها أثر سلبى على مسار التنمية التي تخوضها الدولة في هذه الآونة، وهى تشكل أهم التحديات التى تواجه جهود تحسين الخدمات المقدمة.
وأوضحت عضو تنسيقية شباب الأحزاب، أن التقرير شمل آليات وتوصيات هامة بشأن الصحة الإنجابية وكيفية العمل على الموروث الثقافي والبرامج التوعوية التي يمكن أن تطبق في هذا الصدد، مشددة أن الدولة المصرية برمتها تنتبه لهذ الملف، لما له من علاقة طردية بين النمو الاقتصادى وضبط معدل النمو السكانى والذى يؤثر بعلاجه على الأمد الطويل بتقليص معدلات الفقر.
ويقول الدكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، أن القيادة السياسية فى مصر تخطو خطوات جادة لإيجاد حلول جذرية للزيادة السكانية وتعمل على رسم السياسات والخطط اللازمة لضبط النمو السكاني، لافتا إلى أنه ستتركز خطة الحكومة فى التعامل مع القضية السكانية على تكامل جهود جميع الجهات التي تعمل على إدارة تلك القضية من خلال تنفيذ خطة استراتيجية متكاملة الأبعاد والمحاور لتنمية الأسرة المصرية، بحيث يكون الهدف الرئيسى متمثلا في إدارة القضية السكانية من منظور شامل للارتقاء بجودة حياة المواطن وضمان استدامة عملية التنمية، من خلال العمل على ضبط النمو السكاني من ناحية، والارتقاء بالخصائص السكانية من ناحية أخرى لتصبح القوى البشرية المصرية قوة بشرية فاعلة تحصل علي تعليم جيد وتتمتع بصحة جيدة وحياة أكثر جودة .
واعتبر أن أهم المحاور فى مواجهة القضية السكانية هو محور تنظيم الأسرة لأنه يشكل ما يقرب 60 % من الخطة التنفيذية للاستراتيجية القومية للسكان والتنمية، مشددا أنه يجب تعزيز كفاءة وتواجد مقدمي الخدمة فى الوحدات وحل مشاكل المناطق لمحرومة من خدمات تنظيم الأسرة، بجانب التوسع فى دمج التدريب على خدمات الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية فى النظام التعليمى الجديد بكليات الطب .
وأضاف أنه لابد من النظر لاستقلالية المجلس القومى للسكان ع أى وزارة ونقل تبعيته إلى رئاسة الجمهورية لإدارة البرنامج السكاني هو أولى خطوات حل المشكلة السكانية فى مصر، وتشريع قوانين تنص على حوافز إيجابية للأسر الصغيرة والملتزمة باستخدام وسائل تنظيم الأسرة فى أواخر سن الإنجاب.
واقترح أن تقوم الكيانات السياسية الهامة فى مصر بإنشاء لجنة داخل كل كيان يطلق عليها " لجنة السكان والتنمية " ومن خلال هذه اللجنة يتم وضع السياسات والقوانين الفعالة داخل البرلمان المصري ويتم أيضاً متابعة تنفيذها وتحويلها إلى آليات عمل مؤثرة فى المجتمع، مطالبا بإنشاء بروفايل سكاني لمصر لتحليل كل منطقة ووضع الخطط التى تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ، على أن يتم استخدام المعلومات المتاحة من نظام تسجيل البيانات الحيوية الإلكترونية فى مراكز الصحة عن المواليد وسن الأمهات وترتيب المولود فى الأسرة لحساب معدل الإنجاب الكلى على المستوى القومى ومستوى المحافظات سنويا مما يتيح تركيز الجهود للأماكن ذات معدلات الإنجاب العالية أولا بأول، واتباع سياسة التسويق الاجتماعى عند وضع خطط الاعلام الخاصة بالترويج لوسائل تنظيم الأسرة .