فى 24 سبتمبر من عام 852 ميلادية تولى محمد بن عبد الرحمن حكم الدولة الأموية فى الأندلس خلفًا لأبيه عبد الرحمن بن الحكم، وحكم الأندلس لخمسة وثلاثين عامًا، قضاها في مقاومة الثورات والاضطرابات المتلاحقة في عهده، وولد محمد بن عبد الرحمن للأمير عبد الرحمن بن الحكم من أم ولد تدعى تهتز، وقيل بهير في ذي القعدة من عام 207 هـ، وولاه أبيه على سرقسطة، كما صحب محمد أباه في غزوته إلى بنبلونة عام 228 هـ، كما ندبه أباه لمقابلة رسل ملك الإفرنج.
ووفقا لدراسة بعنوان "سياسة الأندلس أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن" للدكتور عمار عبد الرحمن حسين علي بمجلة جامعة المستنصرية عام 2012، أنه عندما تولى الإمارة محمد بن عبد الرحمن، بعد وفاه أبيه، الذي ترك البلاد هادئة موطدة الأركان، قام الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بتدعيم أركان الدولة، بما قام به من أعمال سواء في الجانب الإداري و العمراني أو العسكري، وتأتي في مقدمتها تطوير الأسطول البحري في الأندلس، حيث كان له شأناً عظيماً في صد الإخطار الخارجية التي أحاطت بالأندلس، لكثرة الطامعين فيها.
وعلى الرغم من ذلك فان الثورات والفتن ما لبثت إن أطلت برأسها، في أماكن متفرقة من الأندلس، بذل الأمير محمد بن عبد الرحمن جهوداً كبيرة لأجل إخماد هذه الثورات والفتن من خلال سياسة في مواجهتها.
ووفقا لمقال للدكتور محمد البشر بعنوان "محمد بن عبد الرحمن الأموى الأندلسى" أنه الذي ربما لا يعرفه الكثير أن تعطيل الخدمة يوم الأحد، والتي أصبحت عادة متبعة هي من بنات أفكار رجل عاش فى عصر محمد بن عبد الرحمن واسمه قومس النصرانى، وهو نصرانى الديانة، ويشغل كاتب رسائل الأمير محمد، فقد سن هذا الكاتب تعطيل الخدمة فى يوم الأحد من كل أسبوع والتخلف عن الحضور إلى قصر الأمير، فتبعه الناس وكانت كما هي حتى يومنا هذا، والغريب فى الأمر أن الناس هناك لم يلتفتوا إلى اختيار يوم الجمعة مثلاً بدلاً من يوم الأحد، وإنما استمروا على ما سنه كاتب الرسائل "قومس" واستمر الحال عند من تلا ذلك العهد من عهود بني أمية ومن بعدهم.
وأوضح الدكتور البشر، أيضا أنه من طرائف ما وقع في عهد محمد بن عبد الرحمن أن أحد قادته واسمه "ازراق بن متيل"، وكان على طاعة بني أمية، وكان من أجمل الناس وأكثرهم بهاء ونضارة، قد أوفده الأمير لرد أحد أعدائه واسمه "موسى بن موسى"، فلما تحرك "ازراق" لمحاربة "موسى"، والتقى الجيشان قال له موسى مشافهة "يا ازراق" لم آت لمحاربتك، وإنما أتيت لمصاهرتك، فقد نشأت لي ابنة فائقة الجمال، ليس بالأندلس أجمل منها فأردت الآن أنكحها إلا من أجمل أحداث الأندلس، وأنت هو، فأجابه "ازراق" إلى طلبه، وعقد النكاح على ابنته، وتراجع ازراق عن المنازلة، وعاد موسى إلى ثغره، وألبس ابنته أبهى الحلل، وأرسلها إلى ازراق وهو في مكانه، فدخل عليها وأمتع نفسه بها، ثم عاد إلى أميره، ودخل عليه القصر، فعنفه الأمير على فعلته، ولامه على النكوص عن حرب عدوه في سبيل الزواج من ابنة خصمه فقال له "ازراق" ما يضرك إن أمكنني أن أستئلفه بهذه المصاهرة وأعيده إلى طاعة الأمير بالحيلة، وإلا فأنا من جملة من يقاتله في طاعتك.