كشف تقرير التنمية البشرية 2021، والذى تم إصداره بعد توقف دام 10 سنوات ويعد أحد أهم التقارير الدولية التى ترصد وضع التنمية البشرية على مستوى العالم، بتراجع معدلات الفقر فى مصر إلى 29.7 % فى العام 2019/2020 مقارنة 32.5 % فى عام 2017/2018، لافتا إلى أنها المرة الأولى التى تنخفض فيها معدلات الفقر منذ 20 عامًا.
وأشار التقرير إلى تبنى مصر فلسفة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز أمن الانسان - من الحماية إلى التمكين وذلك بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية، فتعاملت مصر مع قضية الحماية الاجتماعية من منظور احتوائى شامل، وعملت على توسيع خيارات المواطنين بتعزيز قدراتهم وتمكينهم من النفاذ إلى الأصول والموارد.
ويرصد التقرير هذا التحول وأهم نتائجه، إذ وجهت مصر عوائد ترشيدها لدعم الطاقة إلى برامج الحماية الاجتماعية القائمة على الاستهداف الجيد ورفعت فى موازنتها العامة المتعاقبة نسبة المخصصات المالية لبرامج الحماية الاجتماعية، وساهمت الإصلاحات الاقتصادية فى تهيئة الاقتصاد المصرى لمواجهة جائحة كورونا، واهتمت مصر بتخفيف أثر الإصلاحات الاقتصادية على الفئات الأكثر احتياجًا من خلال زيادة مخصصات برامج الحماية الاجتماعية والتوسع فى برامج الدعم النقدى المشروط وتحسين استهداف منظومة دعم السلع التموينية، كما نجحت الحكومة فى خفض معدلات الفقر إلى 29.7 % فى العام 2019/2020 مقارنة 32.5 % فى عام 2017/2018 إذ تعدّ هذه هى المرة الأولى التى تنخفض فيها معدلات الفقر منذ 20 عامًا، كما يستهدف بالعام المالى الجديد تقليص مُعدّل الفقر إلى 28.5%.
وحاز ملف الحماية والرعاية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية على جانب كبير من اهتمام الرئيس السيسى، وأسهمت تنفيذ حزمة من السياسات والبرامج لمد مظلة الحماية الاجتماعية وترشيد وتوجيه الدعم بشكل مباشر إلى المستحقين، وتتمثل أبرز العوامل التى ساعدت على نجاح الدولة فى خفض المعدلات وفق ما أعلنه رئيس الوزراء ووزارة التخطيط مسبقا، زيادة مخصصات الأجور فى الموازنة العامة 2021-2022 إلى 361 مليار جنيه هذا العام، وكانت 80 مليار قبل 2011، تنفيذ حزمة واسعة من برامج الحماية الاجتماعية هى الأكبر فى تاريخ مصر، حيث استهدفت الدولة زيادة الاستثمارات العامة بحشدِ كل الإمكاناتِ والمواردِ المتاحة للتوسع فى الاستثمارات العامة، والتى زادت بما يتجاوز سبعة اضعاف قيمتها بين عامى 2014 و2021، لتنفيذ مشروعات ومبادرات تنموية كبرى فى كل القطاعات وتخصيص ثلث تلك الاستثمارات لصالح محافظات الصعيد.
وساعدت الإصلاحات الاقتصادية فى مصر على تحسين معدلات التضخم، وذلك بتراجع معدلاتها إلى 5.7%، خلال العام 2019-2020، مقارنة بـ 13.9%، فى عام 2018-2019، كما تراجعت البطالة، إلى 7.3% فى الربع الثالث من العام الجارى، مقارنة بـ7.8%.
وخصصت الحكومة 30.6٪ من مخصصات موازنة البرامج والأداء للعام المالى الجديد لمشروعات تحسين مستوى معيشة المواطنين، و27.3٪ لبناء الإنسان، و31.3٪ لتحقيق التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومى، باعتبار ذلك من أهم الأهداف الاستراتيجية لبرنامج عمل الحكومة.
هذا بجانب اهتمام الحكومة بتطوير منظومة الحماية الاجتماعية ومد شبكات الأمان الاجتماعى، من خلال التوسع فى عدد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، والتوسع فى تنفيذ مبادرتى "حياة كريمة" للقرى الاكثر احتياجاً، و"مراكب النجاة" باعتبارها أبرز الأدوات لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وخفض معدلات البطالة بتوفير نحو 5 ملايين فرصة عمل من خلال المشروعات القومية خلال 2020-2021، ودعم المشروعات الصغيرة .
كما أنه تم تخصيص 7,8 مليار جنيه لمشروعات الإسكان الاجتماعى خلال 2021 – 2022، و4,2% حجم الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية من الناتج المحلى الإجمالى 2019 -2020، بجانب 345 مليار جنيه تم تحويلها لصناديق المعاشات، هذا بالإضافة لـ1,5 مليون عامل غير منتظم تحصلوا على منح لمدة 6 أشهر، و3,9 مليار جنيه قيمة الدعم النقدى لوحدات الإسكان الاجتماعى خلال 2019 – 2020.
وتوسعت فى برامج التمكين والحماية الاجتماعية المعتمدة على التحويلات النقدية المشروطة فطبقت برنامج تكافل وكرامة فى كل المحافظات بالتركيز على الفئات الأكثر احتياجًا وخاصة النساء، وقد بلغ عدد المستفيدين من الدعم النقدى بكل أشكاله 3.8 مليون أسرة فى فبراير 2021.
دعم الغذاء والبوتاجاز والكهرباء خفض نسب الفقر 10 نقاط
وكشفت البيانات التفصيلية لبحث الدخل والإنفاق الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى أغسطس الماضى، عن أن دعم الغذاء والبوتاجاز والكهرباء أدى إلى خفض نسب الفقر بنحو 10 نقاط مئوية، ولولا الدعم الذى قدمته الدولة فى البنود الثلاث لزاد عدد الفقراء بنحو 10 ملايين فرد، حيث أدى دعم الغذاء إلى خفض نسب الفقر بنحو 3 نقاط مئوية وكان الأثر الأكبر فى ريف الحضر، علما بأن متوسط ما يتم إنفاقه على الأسرة من الدعم الغذائى يقدر بنحو 1419 جنيها سنويا.
ويتمثل الأثر الإيجابى لدعم البوتاجاز فى خفض نسب الفقر بنحو 4.3% وتحسين مستوى المعيشة، أما بالنسبة للكهرباء، فقد أدى الدعم الموجه لها إلى خفض نسب الفقر بنحو 2.8% وتحسين مستوى المعيشة، حيث أن متوسط ما يتم إنفاقه على الأسر من دعم الكهرباء يقدر بنحو 1944 جنيه سنويا، وأكدت بيانات البحث أن الأسر التى تعيش فى الريف أكثر استفادة من منظومة الدعم مقارنة بالحضر.
"حياة كريمة" فرصه هامة لاستمرار خفض معدلات الفقر
وتعد المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، والتى تم إطلاقها فى إطار سعى الدولة لمواصلة الجهود لإتاحة الاستثمارات اللازمة لتحسين جودة الحياة للمواطن، والعمل على خفض معدلات الفقر، وتتمثل الأهداف الاستراتيجية للمبادرة فى تحسين المعيشة والاستثمار فى البشر من خلال الحماية والرعاية الاجتماعية، سكن كريم، ووعى مجتمعى، إلى جانب تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية والعمرانية علاوة على تحسين جودة خدمات التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية والتشغيل وتستهدف الوصول لـ 4670 قرية وتمثل نسبة السكان المستفيدين منها 57% من إجمالى سكان مصر.
واستفاد من أعمال المرحلة الأولى لـ"حياة كريمة" 375 قرية، وأسهمت فِى التَّخْفِيفِ مِنْ حَدِّة تَأْثِيرَاتٌ فَيْرُوس كورونا عَلَى حَيَاةٍ 4.5 مِلْيُون مَوَاطِن، وَهُوَ مَا سَاعَد فِى خَفْضِ معدلات الْفَقْرِ فِى بَعْضِ الْقُرَى بِنِسْبَة 14 %، ونتج عَنْه تَحْسُن مَعْدَل إِتَاحَة الْخِدْمَات الأسَاسِيَّة بحوالى 50 نُقْطَة مِئَوِيَّة فِى بَعْضِ الْقُرَى، وتتمثل أول مستهدفات "حياة كريمة"، خفض معدلات الفقر، وتعمل المرحلة الثانية والتى تضم 1446 قرية فى 52 مركزا على مستوى 22 محافظة، ومتوسط الفقر فى القرى المستهدفة 50%، وهى مرحلة كبرى نظرًا لعدد القرى، وعدد المستفيدين الذين يصل عددهم لـ18 مليون مستفيد.
ويبقى كل ذلك أمام تحدى كبير وهو الزيادة السكانية، حيث أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، مسبقا أن الحكومة تستهدف خفض نسبة الفقر بما لا يقل عن 1% سنويا، وذلك مع معدل نمو سكانى يبلغ نحو 2.5%، مضيفة: "نعلم أن هذا لا يكفى طموحات المصريين، الأمر يحتاج ضبط شديد لمعدلات النمو السكانى حتى يمكن السيطرة على نسبة الفقر وخفضها بشكل أسرع"، وهو ما أكد عليه تقرير التنمية البشرية، على أن أهم التحديات التى تواجه مسيرة التنمية فى مصر ومنذ فترة طويلة هى ارتفاع معدل نمو السكان الذى وصل إلى 2.62% فى 2016/2017 قبل أن يتراجع إلى 1.79% فى 2018/2019، مما يُشكِّل ضغطًا على موارد مصر.