الرسائل التى تأتى من سيناء تقول إننا باتجاه خطط طموحة تغير وجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وقد تجاوز حجم الجهد وما تم إنفاقه خلال السنوات الأخيرة مئات المليارات فى كل الاتجاهات والأنشطة بشكل غير مسبوق، منذ تسلمت مصر سيناء فى بداية الثمانينيات من القرن العشرين، ولا يقتصر الأمر على أنفاق وطرق واستصلاح أراض وخدمات صحية وتعليمية واجتماعية، لكنه يشمل كل مناحى الحياة، ويمثل إعادة صياغة للخطط والتعمير فى أرض الفيروز بقدسيتها وقيمتها المادية والمعنوية والجغرافية والأمنية لمصر.
كل هذا أدركه الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ اللحظة الأولى لتوليه مسؤولية الرئاسة، لكن من الواضح أن الرئيس درس ملف سيناء من عقود وسنوات، سواء قبل تحمله المسؤولية، أثناء توليه وزارة الدفاع، أو قبلها، ضمن العديد من الملفات التى يتكشف أن الرئيس درسها وقرر التعامل معها.
اليوم، تتحرك الدولة لإنجاز أكبر قدر من المشروعات، خلال فترات قياسية، وهى مشروعات فى الاتجاهات والملفات، والكثير منها يتعلق بالتنمية والخدمات والمصالح المباشرة للمواطنين، وآخرها افتتاح محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، التى تعد الأكبر من نوعها على مستوى العالم بتكلفة 20 مليار جنيه، وطاقة إنتاجية 5.6 مليون متر مكعب فى اليوم من المياه المعالجة ثلاثيا، تساهم فى زراعة أكثر من 400 ألف فدان فى سيناء، وزراعة هذه المساحة توفر الآلاف من فرص العمل، وتعتبر نواة لإقامة مجتمع قادر على البقاء والاستمرار، وإضافة للجغرافيا ضمن خطط متواصلة لتجاوز المساحة التى نعيش فيها من عقود.
وهذه المشروعات تمثل خطوات مباشرة فى التنمية، وإجابة عن تساؤلات مطروحة حول عائد المشروعات على المواطن، وما توفره مباشرة فى شكل فرص عمل، فضلا عما توفره هذه الأرض من محاصيل ومنتجات زراعية ودخلا قوميا واضحا، بجانب ما تحققه من وفرة فى الغذاء، نحن هنا فى سيناء، التى تشهد على مدى السنوات الأخيرة، عشرات المشروعات غير المسبوقة، الزراعية والسكنية والصناعية والطرق والمدارس والخدمات التعليمية والصحية، فيما يعد تلبية لمطالب ظلت معلقة على مدى عقود، ومنها أن يمتد التعمير إلى النشاط الزراعى والصناعى والتجارى، وألا يقتصر النشاط الاقتصادى فى سيناء على السياحة، ورغم أهميتها، لكنها لا تكفى لضمان توطين مجتمعات قادرة على الاستمرار، ثم إن السياحة نشاط هش يتأثر بالعوامل المتغيرة مثل الإرهاب أو جائحة كورونا، التى عطلت السفر والطيران والسياحة فى العالم كله.
وبدأت عملية إعادة تعمير سيناء وربطها بالوادى والدلتا، من خلال الأنفاق الخمسة والكبارى والقطار، ثم استصلاح الأراضى ومحطات تنقية وتحلية المياه، التى توفر سبل التنمية المستمرة، وتضيف للجغرافيا والتنمية مجتمعات تتوازى وتتواصل مع التنمية فى القطاع الغربى ضمن أكبر عمليات التنمية التى تشهدها مصر على مدى عقود.
هذه التحركات والخطط كانت تحتاج لعشر سنوات، لكنها تمت خلال سنوات أقل، وتتواصل جهود التنمية لتمثل إضافات تحتاج إلى دعمها وصيانتها وحمايتها من أى محاولات أو اعتداءات تقلل من الفاعلية، وهو ما حذر منه الرئيس السيسى، ووجه للمتعدين على أراضى الدولة والأراضى الزراعية، ومنشآت الرى أو جسور الترع والمصارف، رسالة بعدم التساهل مع أى اعتداءات، ووجه المحافظين والمسؤولين فى كل مكان بمواجهة الاعتداءات، ويفترض أن يقوم المسؤولون بدورهم لمنع أى تعديات، بالشكل الذى يحمى حق الدولة والمواطن، خاصة أن هذه المشروعات ملك للجميع والاعتداء عليها عدوان على الكل.
هذه رسائل مهمة من سيناء التى كانت دوما المبتدأ والمنطلق.