على مدى عقود، كان الحديث عن التغير المناخى والانبعاثات الكربونية والتلوث يقتصر على العلماء وأحزاب الخضر، وبدا النقاش حوله نوعا من الترف، لكن مع الوقت بدا أن الخطر أصبح حقيقة والتهديد القائم أكبر من أن يكون انشغالا خاصا بدول دون غيرها.
وخلال السنوات الأخيرة، بدأت الطبيعة تعلن عن غضبها فى صورة فيضانات وأعاصير وحرائق وسيول وجفاف، وهى ظواهر تعبر عن حجم ما أصاب الطبيعة بسبب التلوث واختلال المناخ، فضلا عن سقوط وفيات تتزايد سنويا، وعن الخسائر المادية والفقر والجوع نتيجة موجات الفيضانات والجفاف وتغير المواسم وتدمير المحاصيل.
من هنا تأتى أهمية جلسة «الطريق من جلاسكو إلى شرم الشيخ لمواجهة التغيرات المناخية»، التى عقدت ضمن فعاليات منتدى شباب العالم، وأشار فيها رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، إلى أن التغيرات المناخية أدت إلى انخفاض جودة الهواء فى كوكب الأرض، وحدوث ظواهر مناخية جامحة لم يشهدها العالم مسبقا، وطبقا لتقديرات الخبراء، يصل حجم التكاليف الخاصة للتعامل مع التغيرات المناخية حتى عام بداية 2030 بين 150 و 300 مليار دولار سنويا، ترتفع عام 2050 إلى 280 وحتى 500 مليار دولار سنويا.
وشهد العالم 10 كوارث عالمية كبرى فى 2021 نتيجة التغيرات المناخية، فى دول أوروبا وأمريكا والصين، أدت إلى خسائر بـ170 مليار دولار، فى تهديد للبشر والكرة الأرضية.
قدرت الوفيات بحوالى 300 ألف نسمة سنويا، يضاف إليها 550 ألفا بين 2030-2050، بما يعنى مليون شخص متوفٍ، نتيجة هذه الظواهر سنويا، ومتوقع أن يكون هناك 325 مليون شخص يواجهون الفقر المدقع، و216 مليون شخص مضطرين للهجرة الداخلية نتيجة التغيرات المناخية والتصحر والمشاكل التى يمكن أن تحدث، ويتضاعف معدل الكوارث البيئية 3 مرات، خلال المرحلة المقبلة.
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة المناخ بجلاسكو، وقدم رؤية أفريقيا ودول العالم الثالث تجاه أزمة المناخ، بل وأعلن استضافة مصر للنسخة 27 من القمة «COP 27»، وتستهدف مصر منها التركيز على القارة الأفريقية، وتستعرض دول القارة طلباتها لتواكب المتغيرات.
فيما سبق، انعقدت العديد من المؤتمرات والتوصيات التى لم تنفذ، وكانت الدول الكبرى مسؤولة عن 50 % أو أكثر من التلوث وتغير المناخ. بعض الدول بدأت تدرك خطورة ما يجرى، خاصة أن الصيف الماضى وما قبله رأينا فيه حرائق كثيرة للغابات وفيضانات وتقلبات مناخية.
قدم الرئيس فى قمة جلاسكو رسالة الدول الأفريقية والمنطقة لأن الدول الكبرى تعهدت سابقا بتقديم 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية والفقيرة فى تخطى تأثيرات التغيرات المناخية والتلوث والانبعاث الحرارى، لكن ذلك لم يحدث، وهو ما أكدت عليه مصر، ولهذا أعلنت استضافة النسخة 27 من قمة المناخ، لتأكيد المطالب وتولى مصر أهمية كبيرة لقضية المناخ، لأن مصر من الدول التى تواجه التغيرات المناخية.
الرئيس السيسى شارك الجلسة النقاشية، واستعرض جهود مصر للتعامل مع الظاهرة والاتجاه إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، بل ودعم وسائل المواصلات التى تعمل بالغاز والكهرباء، واعتبارا من 2023 سيتم إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية، بالرغم من التكلفة المرتفعة، فإن الدولة تدعم عمليات إحلال السيارات بهذا النوع من السيارات الكهربائية.
ويقول الرئيس: «إن مصر تحركت بسرعة فى مجال السيارات الكهربائية، وبدأنا فى العمل بمبادرة إحلال السيارات» كم مليون سيارة.. أتصور مئات الملايين.. تخيلوا حجم السيارات الكهربائية والغاز، ممكن 20 % أو 30 % إحلال لعدد ضخم جدا للسيارات التى تستخدم الطاقة مثل السولار والبنزين».
الرئيس دعا إلى الاستفادة من الفرص الخاصة بإجراءات مجابهة التغيرات المناخية، وأشار إلى جهود تطهير البحيرات وتقليل التلوث فيها بعد عشرات أو مئات السنين.
لقد أحيا الرئيس قضية المناخ، ووضعها فى بؤرة اهتمام العالم وكان منتدى الشباب فرصة لتأكيد أهميتها لمصر وأفريقيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة