اجتاح القائد المغولى تيمورلنك العالم فى حملته لإعادة إمبراطورية جده جنكيز خان إلى الحياة وقد وصل تيمورلنك إلى بلاد الشام عام 1400 حيث أسقط حلب وحاصر قلعة دمشق التى رفضت حاميتها الاستسلام بعد سقوط بقية المدينة، وقد بدأ الحصار فى مثل هذا اليوم 14 يناير من عام 1401.
يقول "ابن إياس" فى كتابه "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار" عما جرى في حلب: "استمر تيمورلنك مقيمًا على حلب نحو شهر، وعسكره ينهبون القرى التى حول المدينة ويقطعون الأشجار التى بها ويهدمون البيوت وقد أسرفوا فى القتل ونهب الأموال، وصارت الأرجل لا تطأ إلا على جثة إنسان لكثرة القتلى حتى قيل إنه بنى من رءوس القتلى عشر مآذن، دور كل مئذنة نحو عشرين ذراعًا، وصعودها فى الهواء مثل ذلك، فكان عدة من قتل من أهل حلب فى هذه الواقعة نحو عشرين ألف إنسان، هذا خارج عما هلك من الناس تحت أرجل الخيل عند اقتحام أبواب المدينة وقت الهزيمة، وهلك من الجوع والعطش أكثر من ذلك".
غير أن سلاح تيمورلنك كان الحيلة فقد كان يعد بالصلح ثم يستميل كبار القوم ليضرب ضربته، يقول المقريزى فى كتابه السلوك لمعرفة دول الملوك: "فقدم رجلان من قبل تمر، وصاحا بمن على السور: أن الأمير يريد الصلح، فابعثوا رجلاً عاقلاً حتى نحدثه فى ذلك، فوقع اختيار الناس على إرسال قاضى القضاة تقى الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلى، فأرخى من السور، واجتمع بتمرلنك وعاد إلى دمشق، وقد خدعه تمرلنك، وتلطف معه فى القول، وقال: هذه بلدة الأنبياء، وقد أعتقتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة عن أولادي. فقام ابن مفلح في الثناء على تمر قياماً عظيماً، وشرع يخذل الناس عن القتال، ويكفهم عنه، فمال معه طائفة من الناس، وخالفته طائفة، وقالت: لا نرجع عن القتال. وباتوا ليلة السبت على ذلك، وأصبحوا وقد غلب رأى ابن مفلح، فعزم على إتمام الصلح، وأن من خالف ذلك قتل".
ويضيف المقريزى: "وذهبت مساجد دمشق ومدارسها ومشاهدها وسائر دورها وقياسرها وأسواقها وحماماتها وصارت أطلالا بالية ورسوما خالية قد أقفرت من الساكن وامتلأت أرضها بجثث القتلى ولم يبق بها دابة تدب إلا أطفال يتجاوز عددهم آلاف فيهم من مات وفيهم من يجود بنفسه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة