حروب جديدة، وإرهاب عابر للقارات دون عمل عسكرى.. بهذه الكيفية تحولت القرصنة الإلكترونية المنظمة، وهجمات الفدية والاختراقات للنظم التكنولوجية لسلاح جديد فى المعارك العسكرية والسياسية على امتداد الحدود.
وبعد تهديدات كثيرة بشن روسيا عمل عسكرى فى أوكرانيا، تم استهداف المواقع الإلكترونية الأوكرانية الخاصة بعدد من الوزارات والسفارات الأوكرانية أوقفها عن العمل، لتلقى تلك الهجمات الضوء على تهديد متنامى الخطورة متمثل فى استهداف البنى التحتية الرقمية للدول دون الحاجة لشن هجوم عسكرى لتحقيق نفس النتيجة، الأمر الذى دفع الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن لوضع الأمن الالكترونى أولوية قصوى لاسيما مع استهداف الانتخابات الأمريكية 2020 والتحذير من استهداف انتخابات 2022 التمهيدية.
ووفقا لشبكة سى أن إن، كانت وزارات الخارجية والتعليم وكذلك السفارات فى كل من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والسويد، من بين المؤسسات التى استهدفها الهجوم الإلكترونى ضد أوكرانيا، والتى زاد عددها على عشر مؤسسات.
وقبل أن تسقط المواقع الإلكترونية، كانت تظهر عليها رسالة تحذيرية للأوكرانيين تقول: "انتظروا الأسوأ".
وفى بدء هجوم الجمعة الماضية، كانت تظهر على المواقع المستهدفة رسالة بثلاث لغات هى الأوكرانية، والروسية، والبولندية/ وتقول الرسالة: "أيها الأوكرانيون! كل بياناتكم الشخصية أصبحت على الشبكة العامة للإنترنت، وهذا بالنسبة لماضيكم، وحاضركم، ومستقبلكم".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أوليج نيكولينكو على حسابه الرسمى على موقع تويتر: "نتيجة لهجوم إلكترونى هائل، تعطلت مواقع وزارة الخارجية وعدد من الوكالات الحكومية الأخرى مؤقتًا"، وأضاف: "بدأ متخصصونا بالفعل فى استعادة عمل أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وفتحت الشرطة الإلكترونية تحقيقًا".
وقالت وزارة الإعلام الأوكرانية فى بيان "وفقا لتحقيق أجراه مركز الاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات، فإن البيانات الأولى تشير إلى أن الهجوم نفذه الاتحاد الروسى"، وأضافت "هذه ليست المرة الأولى أو حتى الثانية التى تتعرض فيها موارد الإنترنت الأوكرانية للهجوم منذ بداية العدوان العسكرى الروسى”.
وأكد جهاز الأمن الأوكرانى انه تم بالفعل استعادة معظم موارد الدولة المتضررة الذى قال أن البيانات الشخصية لم يتم اختراقها.
ولم يتضح بعد مَن يقف وراء الهجوم، لكن متحدثا قال إن هجمات إلكترونية سابقة أتت من روسيا، ولم يصدر تعليق من روسيا، فى وقت تعانى فيه أوكرانيا ضغوطا شديدة من موسكو التى تحشد نحو 100 ألف جندى على حدود أوكرانيا.
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية، أفريل د. هينز، عيّنت ضابطا جديدا للإشراف على التهديدات ضد الانتخابات، وملء دور حاسم فى جهود البلاد لمواجهة التدخل الأجنبى فى الانتخابات.
وأوضحت الصحيفة أن الضابط الجديد هو جيفرى ويتشمان، الذى عمل فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لأكثر من ثلاثة عقود. وقالت نيكول دى هاى، المتحدثة باسم مدير المخابرات الوطنية، إنه سيتولى منصب مدير مواجهة التهديدات الانتخابية فى مكتب مدير المخابرات الوطنية الأسبوع المقبل.
وبدأت وكالات الاستخبارات مثل وكالة الأمن القومى والقيادة الإلكترونية الأمريكية بالفعل فى تكثيف مراقبة التهديدات الانتخابية قبل انتخابات التجديد النصفى لهذا العام. ولكن بدون مدير تنفيذى جديد للتهديدات الانتخابية، كان البعض فى الكابيتول هيل يخشون من توقف التقدم، وتضاءل التنسيق، وتركت الاختلافات التحليلية المهمة دون حل.
واعتبرت الصحيفة أن تعيين ويتشمان جاء بعد أن اضطر مكتب مدير المخابرات الوطنية إلى تأخير خطط إنشاء مركز تأثير يراقب الجهود الخبيثة من الخارج للتأثير على الانتخابات والسياسة الأمريكية بشكل عام. لقد تباطأ إنشاء هذا المركز بسبب الخلافات فى الكابيتول هيل حول حجم الجهد وتمويله.
ويشغل ويشمان حاليًا منصب مدير التحليل فى مركز مهمة مكافحة التجسس التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقد شغل سابقًا منصب كبير محللى الإنترنت فى مديرية الابتكار الرقمى بالوكالة. بالإضافة إلى الأدوار التى تركز على مكافحة الإرهاب والشرق الأوسط، شغل أيضًا دورًا قياديًا فى وكالة المخابرات المركزية، وهى المدرسة التى تدرب المحللين.
بمجرد أن يوافق الكونجرس على تمويل مركز مواجهة التأثير الخبيث الأوسع، سيتم دمج فريق التهديدات الانتخابية بقيادة ويتشمان فى المجموعة الجديدة.
وقالت دى هاي: "بينما نعمل مع الكونجرس للحصول على تمويل للمركز، يظل مجتمع الاستخبارات يركز على معالجة التأثير الأجنبى الخبيث".
وكان الرئيس جو بايدن، أعلن فى ديسمبر 2020 قبل توليه الرئاسة أن الأمن الإلكترونى سيكون أولوية قصوى لإدارته لاسيما بعد استهداف إدارات وهيئات ومكاتب ووزرات فى استهدف شركة "سولارويندز" والذى وصف بأنه أكبر وأعقد هجوم على الإطلاق، حيث استخدمت الهجمات الإلكترونية شركة التكنولوجيا الأمريكية كنقطة انطلاق لاختراق وكالات حكومية فى الولايات المتحدة.
وقالت الحكومة الأمريكية حينها أن الجهة الفاعلة التى تقف وراء عمليات الاختراق "أظهرت صبرا فضلا عن قدرات أمنية وحرفية معقدة فى هذه الاختراقات".
ولم تحدد الوكالة الجهة المتورطة فى الاختراق، أو الوكالات والمنظمات التى تعرضت للاختراق، أو المعلومات التى سُرقت أو كُشف عنها، ولكن تم ترجيح وقوف روسيا وراءها.