يوم الاثنين الماضي شاركت بدعوة كريمة من وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا عبد المنعم المشاط في إطلاق التقرير السنوي الثاني للوزارة بعنوان" تعاون انمائي فعال لبناء مستقبل أفضل" بحضور نخبة من أساتذة وخبراء الاقتصاد وممثلو الشركاء الدوليين وعدد من سفراء الدول الأجنبية وخاصة السفير البريطاني والأمريكي وعدد من أعضاء مجلس النواب المصري والقطاع الخاص والمجتمع المدني وكبار الإعلاميين.
التقرير هو الثاني للوزارة منذ تولي الدكتورة رانيا حقيبة التعاون الدولي في ديسمبر 2019 ومن يطالعه ويقرأه يدرك الصورة والمهام الجديدة لوزارة التعاون الدولي بعيدا عن الصورة التقليدية القديمة عن الوزارة والتي كان يراها الكثيرون مجرد وزارة للاستدانة وزيادة القروض الخارجية فقط. لكن في ظل التوجه الجديد للدولة وتحت قيادة الدكتورة رانيا المشاط، فالوضع أصبح مختلفا والتركيز على ابراز الصورة والمهمة الجديدة وهي الشراكة في التنمية وليس الإقراض والبحث عن مصادر التمويل فقط، وهو معني مختلف تماما، فالشراكة تعني أن جميع الممولين سواء من الداخل أو الخارج هم شركاء حقيقيين في التنمية وفي العملية الإنتاجية. بمعني أكثر بساطة وهو أن ما يقدمه الشركاء هي تمويلات لمشروعات إنتاجية تقوم بسداد قروضها ذاتيا ولا تحمل الدولة أو ميزانيتها أي أعباء وهو ما دعا اليه الرئيس السيسي في السنوات القليلة الماضية.
الأمر الأخر أن تقرير وزارة التعاون ليس مجرد فقط استعراض ما حدث في كافة مجالات التنمية في مصر توثيق قصص مصر التنموية في كل اتجاه، والترويج للخطط التنموية والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تنفذها الدولة، من خلال إطلاق العديد من الحملات مع شركاء التنمية، وإعداد الأفلام الترويجية للمبادرة الرئاسية حياة كريمة، وإطلاق حملة المبتكرون لمستقبل أفضل التي تركز على دور الشراكات الدولية في تمكين الشباب ورواد الأعمال وتسليط الضوء على دورهم في تحقيق التنمية، كما تعمل الوزارة على نشر التقرير السنوي على نطاق واسع بين كافة شركاء التنمية بما يعزز مبدأ الشفافية والتواصل ويوفر صورة واضحة ومتكاملة حول استخدام الدولة للتمويلات التنموية الميسرة التي يتم الحصول عليها.
ولا بد من اعتبار هذا التقرير " وثيقة التنمية" في مصر وتوظيفه للترويج العالمي لما يحدث من معجزة اقتصادية على أرض المحروسة في إطار الصورة الجديدة لمصر في ظل " الجمهورية الجديدة. وهو ما يسمى بالدبلوماسية الاقتصادية الجديدة لمصر والتي تجذب انتباه دول العالم الآن.
الشفافية التي تعامل بها التقرير السنوي لوزارة التعاون الدولي يبشر بمزيد من المصداقية في مشروعات التنمية المصرية العملاقة في تحقيق التنمية المستدامة، والترويج للقصص التنموية التي تنفذها الدولة مع شركاء التنمية لدعم رؤية الدولة 2030 وتنفيذ برنامج الحكومة "مصر تنطلق"، ويدفع الشركاء الى مزيد من الشراكة والتمويل التنموي الإنتاجي والمنظم وليس الإقراض وهو مالا نريده ولا نتمناه
وحسب الأرقام الواردة في التقرير، فإن حزم التمويل التنموي الميسر الذي تم الاتفاق عليه خلال العام الماضي مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين تبلغ قيمتها نحو 10.2 مليار دولار، من بينها 8.7 مليار دولار لمختلف قطاعات الدولة التنموية، و1.5 مليار دولار للقطاع الخاص. وما تحقق-كما قالت الدكتورة رانيا المشاط- هو تطبيق تطبيق إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي الذي دشنته الوزارة في عام 2020، تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث يؤكد سيادته باستمرار، في كلمته بالمحافل الدولية على أهمية التعاون متعدد الأطراف، وضرورة العمل المشترك بين كافة الأطراف ذات الصلة لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية.
الوزيرة حرصت على توضيح مطابقة التمويلات التنموية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث قامت الوزارة في 2021 بالإعلان عن النتائج التفصيلية لمطابقة التمويل التنموي مع أهداف التنمية المستدامة، ووثقته بكلية لندن للاقتصاد، لتصبح التجربة المصرية الرائدة متاحة للدول النامية والناشئة الأخرى للاستفادة منها، وتعزيز التعاون بين دول الجنوب.
وتكشف نتائج مطابقة التمويلات التنموية مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2021 أن المحفظة الجارية لوزارة التعاون الدولي تضم 372 مشروعًا في مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص، بقيمة 26.5 مليار دولار، وأن أكثر أهداف التنمية المستدامة استحواذًا على التمويلات التنموية هي الهدف التاسع المتعلق بالبنية التحتية: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية حيث تبلغ تمويلاته 5.9 مليار دولار تشكل 22.3% من إجمالي المحفظة الجارية، وثانيًا يأتي الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية بتمويلات قيمتها 5.3 مليار دولار تشكل 20.3% من المحفظة الجارية، وثالثًا الهدف السابع: طاقة نظيفة بأسعار معقولة بقيمة 4.6 مليار دولار تشكل نسبة 17.5% من المحفظة الجارية.
أشياء كثيرة مهمة رصده التقرير الوثيقة لوزارة التعاون الدولي وهو نوع جديد من التقارير لم نعهده أو نألفه من قبل لأنه يعتمد الشفافية والمصداقية والصراحة والتدقيق مبادئ أساسية لمخاطبة الرأي العام في الداخل وفي الخارج وهو ما أشاد به خبراء الاقتصاد والقطاع الخاص وشركاء التنمية الحاضرين.