فى كلمته خلال الاحتفال بالعيد السبعين للشرطة قال الرئيس السيسى، إن الغاية الأسمى للدولة، هى المحافظة على بقائها، وحفظ الأمن والأمان لمواطنيها، وهذا لن يتأتى دون وجود جهاز شرطة وطنى، واع ومدرك لطبيعة مهمته جيدا.
وقال إن عيد الشرطة هو ذكرى 25 يناير 1952، عندما واجه رجال الشرطة قوات الاحتلال بسلاح بسيط وصدور عارية، وأثبتوا يومها أن الدفاع عن الأوطان ليس مرهونا بامتلاك العدة والعتاد وإنما بمدى إيمان وعقيدة الرجال، الراسخة داخل نفوسهم، وفى نفس الوقت وجه الرئيس التحية بمناسبة ثورة الخامس والعشرين من يناير والتى عبرت عن تطلع المصريين لبناء مستقبل جديد لهذا الوطن، ينعم فيه جميع أبناء الشعب بسبل العيش الكريم.
الواقع أن هذه الإشارة مهمة لعبور مرحلة لا تزال تحمل الكثير من الخلط والتداخل، بين ذكرى يوم للمصريين كان فيه رجال الشرطة أبطالا فى مواجهة المحتل اختار البعض أن يحوله إلى مواجهة تكون فيها الشرطة خصما، أو يتم صنع مواجهة بين المصريين على خلفية ملتبسة.
ربما لم يدرك البعض وقتها هذه الرمزية، ولم ينتبهوا إلى أن الخصم لم يكن الشرطة، بل كان الفساد والجشع والتزييف، والتخلف عن إنجاز الكثير لصالح الناس، وأن مطالب الناس فى التغيير لم تكن لدى عساكر وضباط منهكين ويعانون من نفس المشكلات.
وربما يكون من المهم الاعتراف بأنه وراء المشهد الذى يجمع الكل، كانت هناك اختلافات فى التصورات والأهداف، بل وحتى معانى الشعارات، «عيش وحرية وعدالة اجتماعية» كانت تعنى لدى اليسار غير ما تعنيه لدى اليمين، ولدى النشطاء والحقوقيين، ولم يكن انشغال تنظيم الإخوان هو أهداف تحركات لم يكونوا طرفا فيها، وقرروا ركوبها ومعهم زعماء و«عمقاء» ما زال بعضهم يطنطن بكلام تجاوزته الأحداث والأفكار والتحليلات.
والواقع أن أحدا لا يمكن وهو يقيم السنوات الإحدى عشرة أن يتجاهل تقييم الأحداث كما جرت، وليس كما يراها البعض أو ينظر إليها البعض الآخر، وكيف كانت المطالب وكيفية تنفيذها.
هناك أهمية لدراسة ما جرى خلال السنوات الثلاث التالية، وكاد يعصف بالمجتمع والدولة، وما تغير فى الدولة خلال 8 سنوات.
بعد 25 يناير كشفت الشهور التالية أن الأمر أكثر تعقيدا من مجرد مطالب نظرية، اتجهت الأحداث إلى اتجاهات لا علاقة لها بالتغيير، وحتى ملايين الناس العاديين الذين شاركوا وشعروا بالقلق وشاهدوا لحظات قفز إلى مجهول، وتسلق انتهازيين وقطاع طرق، بل إن إرهابيين ومتطرفين خرجوا من السجون ليتصدروا الصفوف علنا، وأسفرت الانتخابات عن تشكيلة أغلبيتها من تنظيم سرى، رفعوا شعاراتهم وفرضوا أجندتهم واختطفوا الدولة، وأشاعوا الخوف وأشعلوا الفتن مذهبيا وعقائديا، وهو ما ضاعف الرعب من المجهول، ومن عينوا أنفسهم وكلاء للثورة انقادوا إلى من عينوا أنفسهم وكلاء للدين، لم يلتفت أحد إلى اقتصاد ينهار وخدمات تتراجع وشلل فى كل المجالات، لو استمر مع حكم التنظيم كان يقترب من مصائر دول فقدت توازنها وانحدرت للصراع.
واليوم، 25 يناير أصبحت تحتل مكانها أكثر على مواقع التواصل الاجتماعى، ليوم أو عدة أيام، فى بوستات تحمل عبارات الحنين أو الرفض، من دون توقف لدراسة ما جرى والاعتراف بأن السياسة كانت ولا تزال لعبة معقدة، وأكثر من أن تكون مجرد بوست لطيف، أو جملة ساخرة لإرضاء المتابعين، كانت سنوات كبيسة تستحق أن يتم بحثها ودراستها، فلم تكن حدثا عابرا، لأنها غيرت، ولا تزال، وما حدث أغلبه مسجل ومن يراجعها يعرف كيف كانت الأمور تقترب من صدام لا يبقى ولا يذر.
لكن خلال 8 سنوات استعادت الدولة توازنها وخطت فى اتجاه تحقيق الكثير من المطالب، فى ممرات التنمية التى كانت أحد مطالب الخبراء، فى كل اتجاه عمران، طرق كبارى، ومحاور فى القاهرة والمحافظات، وفى الصعيد تم ربط شرق النيل بغربه، قطارات سريعة، مترو، ونقل عام.
وبجانب تأمين مصادر الطاقة تم إطلاق إصلاح اقتصادى صعب تم تنفيذه بشجاعة وتحمله المصريون ببسالة، مكنت الدولة أن تقف على قدميها وتصمد فى ظل أزمات دولية هزت دولا واقتصادات، اليوم هناك عاصمة جديدة وعمران فى مدن حديثة، وإعادة صياغة للريف بالخدمات والطرق وتطوير شامل لخدمات التعليم والصحة بعد عقود كان الريف فيها مهملا، هناك إحياء للصناعات وتغيير فى إدارة الشركات العامة واستعادة لكفاءة صناعات كانت مهملة ومنسية، الريف والأقاليم يحظيان بنصيب من الخدمات والتنمية، ولم يعد تركيز التنمية فى القاهرة أو عواصم المحافظات، هناك طرق ومدن وحركة عمران لا تكتفى ببناء الحديد، لكن أيضا إصلاح تراكمات عقود من الترهل والتشويه، تم نقل العشوائيات وبناء أحياء ومدن للإسكان الاجتماعى، وعلاج لتشوهات السوق العقارى بوحدات تناسب كل الفئات وإيجار تمويلى ومبادرات لتقسيط طويل.
تم إنهاء كابوس فيروس سى، وطرح مبادرات لسد ثغرات الصحة والعلاج، وكل هذا فى وقت ارتفع عدد السكان بأكثر من 25 مليون نسمة منذ يناير 2011، مع اتجاه لتوسع جغرافى يضاعف مساحة مصر المأهولة، هناك اهتمام بكل الملفات وحتى الشرطة التى أراد البعض أن يجعلها خصما تطورت مع تطور تقنيات الجريمة، وبعد هزيمة الإرهاب أصبحت تسعى لتحديث أدواتها وخدماتها ومعاملاتها شكلا ومضمونا، حتى المؤسسات العقابية يتم تحديثها للتأهيل وإعادة البناء.
اجتماعيا، هناك إجراءات لتخفيف الآثار الجانبية للإصلاح، واستمرار تعديلات الدخول المحدودة، من أجور ومعاشات، وتحسين أجور الفئات الوسطى معلمين وأطباء، وتوسع فى مشروعات تولد فرص عمل وعوائد، وكلها تلبية لمطالب قبل يناير وبعدها، تقوم على دراسة للواقع وتتشعب فى الاتجاهات.
ويتحدث الرئيس السيسى عن أن ما تم تحقيقه على الصعيد الاقتصادى والتنمية، مجرد خطوة على طريق الجمهورية الجديدة التى تحفظ كرامة المواطن المصرى، وتوفر له أفضل الظروف المعيشية، وهى أهداف ظلت معلقة ترتبط بتنمية شاملة، حلتها ممرات التنمية والمبادرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة