120 دقيقة.. عاشها المصريين يدعون الله النصر، متناسين انتمائهم الكروي، وولائهم لأندية على حساب الأخرى، دقائق قليلة كانت كفيلة أن تحطم جسور التعصب الكروي والانتماءات الزائفة التي تأتي على حساب منتخب مصر.
راية مصر تنتصر على التعصب الكروي.. ربما كان هذا هو الوصف الأقرب للمعركة الكروية، التي خاضها منتخبنا الوطني، أمام منتخب الكوت ديفوار، للتأهل إلى دور الثمانية في بطولة الأميرة الإفريقية، والتي حسمت بتأهل منتخب الساجدين.
وما أهم من الانتصار هي توقف نغمة الاعتراضات والمزايدات على المنتخب ولاعبيه، فضلا عن توحيد الانتماء الذي قاده نجوم قطبي الكرة المصرية على أرض الملعب، من خلال عدد من المشاهد تبث رسالة مفادها: «مصر أولا مصر أخرا».
قبل قرابة انتهاء الشوط الثاني للقاء منتخبنا الوطني، تعرض حارس مرمى المنتخب محمد الشناوي لإصابة في قدمه، جعلته يطلب التغيير، وهنا كان أول مشاهد التوحد، حيث توجه فتوح، لتقبيل رأس الشناوي والاطمئنان عليه، والتأكد من سلامته.
لعل هذا أحد أبرز المشاهد التي أوقفت سيل الصراع الذي تصدره صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الحصول على المزيد من التفاعل، كما دفعت الصفحات المتنافسة على تلك المنصات للتوحد والدفاع عن لاعبي المنتخب ودعمهم بعيدا عن الانتماء.
فكم من صفحات تنتمي للفارس الأبيض دعمت الشناوي- حارس مرمى المنتخب- وظلت تأزره وتحسه على العودة سريعا، لدعم صفوف المنتخب، وكم من صفحات تنتمي للمارد الأحمر، دعمة الحارس أبو جبل، وأكدت أنه حارس كبير وأنه قادر على حماية عرين مصر.
مشهد توحد على منصات التواصل الاجتماعي، كان العنصر الرئيسي فيه، هو اللاعبين داخل أرض الملعب وتجانسهم وتوحدهم بعيدا عن الانتماءات الكروية، والتي تجسدت في مشهد اطمئنان أبو جبل على الشناوي، الذي خرج وأصبح طريحا على أرض الملعب جراء الإصابة.
لم تكن تلك المشاهد وحدها هي السبب، فلعل اطمئنان مصطفى محمد مهاجم المنتخب، على بديله محمد شريف، بعد إصابته، واشتراك الأول في علاج بديله، أمرا يعكس مدى اهتمام اللاعبين وتوحدهم وتجانسهم، بل ويجبر الصفحات على منصات التواصل على التوحد.
كل هذا وأكثر.. دفع المشجعين على المقاهي والذين حرصوا على مشاهدة المباراة رغم برودة الطقس، يشجعون اللاعبين دون النظر إلى انتمائهم أو ألوان ملابسهم على أرض الملعب في البطولة المحلية للأندية. فقدت عهدت العديد من جمهور الفارس الأبيض الذين تأثروا بإصابة محمد الشناوي، كما عهدت ثقة العديد من جمهور المارد الأحمر، الذين أيدوا نزول جبل مصرين على أنه قادر على التصدي لركلات المنتخب الإيفوري وحماية عرين المنتخب.
لست متعصبا لكرة القدم كما أري الكثير من المصريين، وفي وجهة نظري الشخصية أفضل وقت هو بعد انتهاء المباراة والمزاح الذي ينتشر بين الأصدقاء بعد خسارة إحدى الفرق، ومتيقن من أنه مزاح، ولكن يبدو أن المزاح انقلب خلال الفترة الأخير وكان له تأثير كبير على منتخبنا الوطني.
وهو ما يستعدي التفكير والتريث قليلا، والنظر إلى الصالح العام، ووضع حجر الزاوية، الذي قد يستدعي إيقاف المزاح، إن كان من الممكن أن يؤثر على علاقتنا أو يؤثر على منتخبنا الوطني، واضعين نصب أعيننا المنتخب وليس الأندية.
ولعل من يتابع الكرة، ويتابع فرق دولية كبيرة، قد لا يعرف في تلك الدوريات أكثر من فرقتين أو ثلاثة، ولكنه يعلم جيدا منتخبها ومما يتكون، وأسماء اللاعبين وتريخهم، وهو ما نصبوا إليه أن يعلم العالم أجمع منتخبنا وقوة لاعبيه وقدرتهم على تحقيق الانتصارات والفوز، بعيدا عن انتمائهم لأندية بعينها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة