"جميعنا ولدنا مزروعين ببذرة الأمل ولكن ترك لنا حرية إنباتها".. استطاعت الطفلة الجميلة صاحبة أجمل ابتسامة لميس حجازي البالغة من العمر 12 عاما، أن تنبت الأمل والحياة وتثبت أن لا شيء مستحيل طالما نحيا بالإرادة والعزيمة، فتحدت صاحبة الأمل أصعب مستويات الشلل الدماغي وحصدت المركز الثاني في السباحة على مستوى الجمهورية.
وقالت آمال سمير والدة الطفلة لـ"اليوم السابع"، إنها دعمت طفلتها نفسيا ومعنويا منذ اللحظة الأولى لولادتها، فبسبب نقص الأكسجين أثناء الولادة ولدت تعاني من الشلل الدماغي، مشيرة إلى أنها تابعت حالتها الصحية مع عدد من أطباء المخ والأعصاب والعظام والعلاج الطبيعي، واهتمت بتعليمها رياضة السباحة كمرحلة من مراحل العلاج الطبيعي.
وأوضحت أن رياضة السباحة كانت مرحلة علاجية مهمة لابنتها بالتوازى مع العلاج الطبيعي، فبعد أن كانت تحملها بين ذراعيها لصعوبة حركتها، أصبحت قادرة على السير بمفردها وأجادت السباحة برفقة مدربها أدهم جودة، وحصلت على بطولات، حيث أكسبت السباحة طفلتها المهارة والثقة بالنفس وأهلتها للتعامل مع البيئة المحيطة بها، ومنحتها الفرصة لإثبات ذاتها وقدراتها وتحقيق البطولات، فحصدت مؤخرا على المركز الثاني على مستوى الجمهورية، بعد رحلة طويلة من التدريب والتعليم بمساندة ودعم مدربيها.
وأشارت إلى أن رحلتها في السباحة بدأت منذ أن كان عمرها 9 سنوات في عام 2017، بعد أن نصحها الأطباء باعتمادها كمرحلة من مراحل العلاج، إلا أن العلاج تحول لهواية ومهارة واحتراف، فمع الوقت اكتشفت أن ابنتها أحبت السباحة وكأنه متنفس لها تعبر من خلاله عن أحلامها وطاقاتها الإبداعية، وأصبحت تجيد العديد من المهارات، مثبتة قدراتها ومهارتها العالية على المنافسة وذلك بعد دعمها وتشجيعها الدائم لها، مضيفة أنها استطاعت أن تجتاز أصعب مستويات الشلل الدماغي وتحقق البطولات.
وقال عبد الله الشرقاوي، مستشار فني لذوي الهمم بمجال السباحة، إن البطلة لميس استطاعت بعزيمتها وإرادتها القوية أن تتخطى أصعب أنواع الشلل الدماغي، وهو الشلل الإلتوائي، والذي يظهر لديها في الأطراف والأصابع والنطق، واستقامة الجسم، وتحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية في السباحة، بعد أن شاركت في البطولة بنوعين من السباق، وهما 25 حرة و25 ظهر حصدت فيهما ميداليتين فضيتين.
وتابع أنها تمكنت من التفوق وتحقيق البطولة بعد فترة طويلة من التعلم والتدريب، حيث بدأت لاميس رحلتها في السباحة وكانت تعاني وقتها من صعوبة شديدة في الحركة، ومع الوقت بدأت حركتها تتحسن وتسير بصورة شبه منتظمة وتجيد السباحة، حيث اعتنى بها مدربها نفسيا ومعنويا، حتى نشأ بينهما علاقة ود وحب وألفة وتفاهم، أكسبها القوة والثقة والقدرة على التعامل، حتى منحت المهارة والخبرة واستطاعت أن تحصد ميداليتين فضيتين ببطولة الجمهورية للسباحة.
وأشار إلى أن مجال السباحة يعد أفضل وأقوى المجالات التعليمية لذوي الهمم، علاجيا وإدراكيا وذهنيا ونفسيا وجسمانيا؛ لقدرته على إحداث طفرة علاجية للطفلة بعيدا عن أي شكل آخر من العلاجات، مضيفا أن الطفلة عندما تجد نفسها بطلة والجميع سعيد وفخور بها ويشجعها، تشعر بالمحبة وبقيمتها في المجتمع، ويزيد الدافع لديها نحو تحقيق المزيد من التفوق والنجاح.
وأشار إلى أن رحلة التعليم والتدريب، تشمل العديد من المراحل وتقوم على مجموعة أسس، تضمن نجاحها بشقين أساسين وهما إرادة الطفل واحترافية المدرب، موضحا أن من المهم جدا أن يرتبط المدرب نفسيا ومعنويا بالطفل قبل أن يبدأ معه مرحلة التدريب حتى يضمن استجابته له، خاصة وأن تدريبات ذوي الشلل الدماغي من أصعب أنواع التدريبات على الإطلاق، فتحتاج لمجهود شاق جدا وعناية بالغة من كل أفراد طاقم التدريب.
وأوضح أن المدرب يظل بصحبة لاميس في حمام السباحة طوال فترة التدريب وأثناء مشاركتها في المسابقات؛ كونها تعاني من أصعب مستويات الشلل الدماغي والذي يصنف في مجال السباحة لفئة S4، ولا تزال حركتها غير منتظمة، فالمدرب بالنسبة لها مصدر قوة وأمان وتشجيع غير منقطع، فيسمح له في البطولات وفقا لقوانين السباحة الدولية أن يساندها بشكل بسيط جدا، حرصا على دعمها ومساندتها وحفاظا على سلامتها.
وقال إن لميس نجحت في فترة وجيزة جدا أن تثبت قوتها وشجاعتها على تخطي أصعب أنواع البرامج والتدريبات، ونجاحها في احتراف السباحة وتحقيق البطولات، فبعد أن كانوا هم مصدر طاقتها وتشجيعها أصبحت هي من تدعمهم وتشجعهم وتمنحهم القوة والإرادة والأمل، مؤكدا أن السباحة جعلت منها شخصية متكاملة طموحة لها أحلام قادرة على تحقيقها، وجعلتها في أبهى حالاتها النفسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة