لم تكن مفاجأة أن يتوقع صندوق النقد الدولى أن يكون الاقتصاد المصرى ثانى أكبر اقتصاد فى المنطقة وأفريقيا خلال العام 2022، رغم ما يحوم فى الأفق حول هذا العام، من مخاوف حدوث موجة تضخم عالمى، تعتقد معظم المؤسسات المالية العالمية أن تأثيرها ينال دول العالم كله وعلى رأس هذه المؤسسات صندوق النقد نفسه.
وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات، ومنها ما الذى يحدث فى مصر يجعل اقتصادها قادرا على مواجهة كل التحديات التى واجهته خلال العشر سنوات الماضية سواء على المستوى المحلى أو على المستوى العالمى؟ ما هى ملامح النمو الاقتصادى المصرى؟ هل هو قادر على الاستمرار رغم مخاوف التضخم العالمى المنتظر ظهورها بقوة العام المقبل؟
فى البداية يعلم الجميع أن الاقتصاد المصرى حقق طفرات كبيرة جدا، لم يتوقعها أحد، محليا أو عالميا، خلال السنوات الماضية، وشهدت قطاعات كثيرة جانبا كبيرا من هذه الطفرة، وعلى رأسها قطاع الطاقة، فبعد أن كانت تعانى مصر انقطاع التيار الكهربائى بشكل مستمر وصل فى بعض الأحيان عام 2012 إلى أكثر من 15 ساعة يوميا فى بعض المناطق، بالإضافة إلى النقص الحاد فى مصادر الطاقة الأخرى مثل الغاز الطبيعى اللازم لتشغيل المصانع ومحطات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى نقص شديد فى منتجات البترول مثل البنزين والسولار اللازمة لتشغيل المركبات وآلات الزراعة وغيرها.
أصبحت مصر بعد تنفيذ عدة مشروعات عملاقة لإنتاج الطاقة مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية فى أسوان ومحطات سيمنز العالمية لتوليد الطاقة الكهربائية، التى حققت فائضا فى إنتاج الطاقة، تصدر الكهرباء للأردن والسعودية والسودان وقريبا لليبيا ولبنان.
وفى قطاع العقارات حققت مصر طفرة أخرى، بتنفيذ أضخم مشروعات الإنشاء فى العالم وعلى رأسها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة ومدينة المنصورة الجديدة، بالإضافة إلى 23 مدينة جديدة يتم إنشاؤها فى وقت متزامن، انتهى منها الكثير وما زال بعضها فى طور استكمال المشروعات، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان المختلفة سواء الإسكان الاجتماعى أو الإسكان المتوسط أو الإسكان المميز المنتشر فى كل المحافظات.
وفى قطاع الصناعة، تم إنشاء أكثر من 13 مجمعا صناعيا متكاملا للمشروعات الصغيرة بها نحو 5000 مصنع صغير توفر أكثر 80 ألف فرصة عمل مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الفرص غير المباشرة، بالإضافة إلى إنشاء عدد من المدن الصناعية ومنها مدينة الأثاث ومدينة الروبيكى ومدينة المشغولات الذهبية وغيرها من المدن الصناعية المتخصصة.
وعن قطاع السياحة والآثار فقد شاهد العالم المشروعات الضخمة التى تم تنفيذها وعلى رأسها متحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير وعدد من المتاحف المحلية فى كل المحافظات، وآخرها افتتاح طريق الكباش وإعلان مدينة الأقصر أكبر متحف مفتوح فى العالم، ونفذت مصر الكثير من مشروعات التنمية فى المقاصد السياحية فى كل المحافظات.
وحول قطاع الزراعة تم استصلاح أكثر من 1.5 مليون فدان، وإنشاء أكثر من 200 ألف صوبة زراعية، واسترجاع آلاف الأفدنة المستولى عليها من أراضى الدولة، وإنشاء آلاف المزارع السمكية وتنمية البحيرات الشمالية وغيرها الكثير من المشروعات.
كما عملت مصر على تنفيذ مشروعات ضخمة «موجهة» مثل مشروع مبادرة «حياة كريمة» التى تم توجيهها لتنمية الريف المصرى لتستهدف أكثر من 60 مليون مواطن مصرى بشكل مباشر بتكلفة تقترب من التريليون جنيه فى مرحلته الأولى فقط التى تتكون من 7 محافظات، وكذلك مبادرة «100 مليون صحة» التى تم من خلالهت القضاء على فيروس سى فى مصر بالإضافة إلى الكشف عن الأمراض السارية الأخرى، ومشروعات الكشف المبكر على الأطفال وغيرها الكثير.
هذه نماذج بسيطة لما تحقق خلال الفترة الماضية جعلت كل المؤسسات المالية العالمية تقريبا تغير توقعاتها وتصنيفها للاقتصاد المصرى وتتوقع له مزيدا من الازدهار والنمو خلال العام الجارى 2022، وهو العام ذاته الذى يتوقع فيه تدهور اقتصادات كبرى عالمية وتأثرها بشدة بأزمة تضخم عالمية تلوح فى الأوفق، وليس هذا فقط بل توقعت نمو الاقتصاد المصرى بنحو 5.7 %، بعدما حققت مصر معدل نمو بلغ 9.8 % خلال الربع الأول من العام المالى الجارى، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوى على امتداد العشرين عاما الماضية.
كل هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الاقتصاد المصرى سيواصل تقدمه ليحتل مكانته العالمية ليكون على الأقل بين أكبر 20 اقتصادا فى العالم قريبا جدا، وليس مجرد أكبر ثانى اقتصاد فى أفريقيا والمنطقة، لكى يكمل الرئيس السيسى مشروعه الأكبر وهو بناء جمهورية جديدة تقوم على أكبر اقتصاد فى المنطقة وواحد من أهم اقتصادات العالم قريبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة