صدر حديثا كتاب "لاوتسى.. الكتاب المقدس فى الطريق والفضيلة"، عن دار الكتاب الحديث، والمقرر أن يكون في معرض القاهرة الدولي للكتاب يناير الحالى، لأستاذ الدراسات الصينية الدكتور عبد العزيز حمدى، الذى ترجمه وشرحه وحققه، ويحتوى أفكار وآراء المعلم الأكبر "لاوتسي" أقدم فيلسوف عرفته البشرية، صاحب العبقرية الفلسفية السامقة، الذى يتربع على عرش المجد الفلسفى والحكمة الذهبية.
ومن أجواء الكتاب: من الغريب أن تجد التصوف بشكله الإسلامى موجودًا فى بلاد لا يدين جل أهلها أي ديانة سماوية. هذا التصوف الذي شاهدناه في شخصية الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته من بعده والأولياء الصالحين، أسسه في بلاد تبعد عن أراضى المسلمين آلاف الكيلومترات وهي الإمبراطورية الصينية الممتدة على ملايين الكيلومترات جنوب شرق آسيا، وتشمل حاليًا الصين وشبه الجزيرة الكورية وفيتنام ولاوس وكمبوديا وجزر اليابان.
كما أنه بطل الزهد والسائح في الآفاق، وأول من دعا إلى التأمل واعتزال الناس، وذهب إلى التواضع ومحو الذات واجتناب الشهوة والحرص على رغبة واحدة وهى "عدم الرغبة فى شىء"، تمامًا كما حال أهل التصوف فى مصر وبلاد العرب والمسلمين.
وتتمحور فلسفة «لاوتسى»، حول لفظ "الطاو" ويعنى بالصينية الطريق أو الطريقة، تمامًا كما تقلد الفرق الصوفية نفسها "طريقة كذا"، ويقصد بها طريقة الطاوية للحياة الكريمة، وهى طريقة للتفكير أو للامتناع عن التفكير.
لقد كان «لاوتسى» فيلسوف الصمت، وكان ينادى بحكمة الصمت، وذلك جريًا على دعوته إلى محاكاة الطبيعة والسير على منوالها، فكل ما فيها من أشياء ومخلوقات تعمل فى صمت بدون صخب ولا ضجيج، وتؤدى واجبها دون أن تطالبنا بحق من الحقوق.
فكل شىء فى هذا الكون يعمل ثم يسكن ويخمد، والحكيم يمتاز بالخمود أو هو نوع من التعطل الفلسفى والإمساك عن التدخل فى حركة الأشياء.
يقول مترجم الكتاب الدكتور عبد العزيز حمدى فى مقدمته، إن «لاوتسى» حكيم غامض أسس ديانة الطاوية، حيث وصفه صحاب موسوعة قصة الحضارة، وول ديورانت، بأنه أعظم فلاسفة الصين قبل كونفوشيوس، وأنه كان معاصرًا لهذا الأخير، وإن كان «لاوتسى» المولود عام 571 ق.م أكبر منه سنًا بحوالى عشرون عامًا، وعندما سعى كونفوشيوس لمقابلته عنفه المعلم العجوز على غروره وادعائه وكثرة تعليماته وقواعده الأخلاقية والاجتماعية، ونصحه بالعودة إلى طريق الحكماء والقدماء.
ويرى أصحاب الفلسفة الطاوية، أن التفكير أمر سطحى عارض لا يفيد إلا في الجدل والمحاجاة، وإثمه أكبر من نفعه، أما “الطريق” ففيها السلامة، والسبيل إليها هو نبذ العقل وجميع مشاغله والعكوف على حياة العزلة والخلوة والتأمل الهادئ في الطبيعة. لذلك فإن «لاوتسي» يدعو للحياة وفق الطبيعة بلا تكلف أو اصطناع.