8 يناير يعتبر يوم استثنائى فى تاريخ فرنسا، حيث شهد أحداث سياسية هامة غيرت كثيرا فى المسار السياسى للبلاد، أولا: ففى مثل هذا اليوم 8 يناير1996 توفى الرئيس الفرنسى فرانسوا ميتيران بعد معاناة من سرطان غدة البروستات، حيث بعد تعرّضه للعلاج الكيميائي وبعض العمليات الجراحية، قرّر بأنّه لن يكمل دورته الثالثة في رئاسة فرنسا عام 1992 ليتوفى بعد 4 سنوات عانى فيهم من المرض.
قدّم فرانسوا سلسلةً من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أهمها: تأميم المؤسسات المالية والعديد من النقابات الكبيرة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وإلغاء عقوبة الإعدام، وتحسين الشؤون الاجتماعية، وتأميم وتجهيز المعالم الحضارية في باريس لتمثّل دور فرنسا الفعّال في الفن والسياسة والاقتصاد في أواخر القرن العشرين وتقليل ساعات العمل إلى 39 ساعة أسبوعيًّا وتخفيض سن التقاعد إلى 60 عامًا، وتمديد فترة الإجازات إلى خمسة أسابيع مدفوعة الأجر بدلًا من أربعة أسابيع وتحسين القوانين الخاصة بالمثليين جنسيًا ومحاولة تنظيم أحوال العمال المهاجرين، كذلك تنصيب أول امرأة كرئيسة وزراءٍ في تاريخ فرنسا.
فرانسوا ميتيران
خلال السنوات الأخيرة من رئاسته بدأت مسيرته السياسية بالاضمحلال شيئًا فشيئًا بالإضافة إلى العديد من الاتهامات بالفساد، لكن أُعيد انتخابه كرئيسٍ عام 1988، وبذالك ضَمِن مكانه في الرئاسة لسبع سنواتِ أخرى.
في عام 1992 عانى الحزب الاشتراكي من فشلٍ ذريع أمام الحزب االيميني، وبعد ثلاثة سنوات قرر فرانسوا عدم إتمام دورته الثالثة في الرئاسة، وتوفي في باريس في الثامن من ك يناير 1996.
ثانيا: تولى شار ديجول رئاسة فرنسا في مثل هذا اليوم 8 ينايرعام 1959
يعد الجنرال ورجل السياسة الفرنسى شارل ديجول واحدا من أشهر واهم السياسيين في تاريخها، ولد في مدينة ليل الفرنسية، ولد في الثاني والعشرين من نوفمبر 1890، وتخرج من المدرسة العسكرية وألف عدة كتب حول موضوع الإستراتيجية، وعين جنرال فرقة، ونائبا لكاتب الدولة للدفاع الوطني وقاد مقاومة بلاده في الحرب العالمية الثانية وترأس حكومة فرنسا في لندن في 18 يناير وفي سنة 1943 ترأس اللجنة الفرنسية للتحرير الوطني.
وتولى رئاسة فرنسا في مثل هذا اليوم 8 يناير عام 1959 كأول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة، عرف بمناوراته الاستعمارية تجاه الجزائر، منها مشروع قسنطينة، القوة الثالثة، الجزائر جزائرية، مشروع فصل الصحراء الجزائرية سلم الشجعان.
أهم المحطات فى تاريخ شارل ديجول:
صنف شارل ديجول كواحد من أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ فرنسا فمع تقدم النازيين داخل الأراضي الفرنسية بالحرب العالمية الثانية ودعوة رئيس الحكومة بالجمهورية الثالثة فيليب بيتان الجيش الفرنسي لوقف الأعمال القتالية طيلة فترة المفاوضات، تزعم شارل ديجول حركة المقاومة ضد الاحتلال الألماني عقب نداء 18 يونيو 1940 الذي قدمه من لندن وأعلن بموجبه نشأة فرنسا الحرة.
عرف بحياة سياسية حافلة حيث قاد الحكومة الفرنسية المؤقتة بين عامي 1944 و1946، وحصل على منصب رئيس مجلس الوزراء ما بين منتصف 1958 ومطلع 1959، وخلد اسمه كأحد أهم رواد الجمهورية الخامسة التي ظهرت خلال شهر أكتوبر 1958 على أنقاض الجمهورية الرابعة.
خلال فترته الرئاسية التي استمرت ولايتين، اتبع ديجول سياسة الانسحاب التدريجي من الجزائر، مثيرا بذلك غضب كثيرين، واتجه أيضا لإنهاء حقبة الاستعمار في أفريقيا السمراء مع الحفاظ على النفوذ الفرنسي بها، وسحب بلاده من القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، كما عارض التدخل العسكري بحرب فيتنام، واعترف بالصين الشعبية التي تزعّمها ماو تسي تونغ.
شارل
أواخر فترته الرئاسية الثانية، عانى شارل ديجول من مشكلات جمة دفعته في النهاية للاستقالة من منصبه فخلال عام 1968، اصطدم الرئيس بالشعب الفرنسي، خاصة الشباب والطلاب ضمن ما عرف بأحداث مايو 1968 حيث تظاهر الطلاب للتنديد بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية والرأسمالية وطالبوا بإصلاحات اجتماعية وثقافية.
اندلعت هذه الأزمة عقب احتجاج سلمي مطلع شهر مايو 1968 قاده الطلاب الفرنسيون ضد التدخل الأمريكي بفيتنام وانتهى باعتقال عدد منهم على يد قوات الأمن وخلال الأيام التالية، تزايدت حدة المظاهرات، كما شهدت البلاد إضرابات عديدة امتدت الاحتجاجات لتشمل بقية شرائح المجتمع، وأسفرت عن سقوط العديد من الجرحى.
وفي خضم هذه الأزمة، كاد الرئيس الفرنسي، شارل ديجول، يستقيل لولا تراجع حدة المواجهات عقب إقرار جانب من الإصلاحات التي شملت أساسا زيادة في الأجور بنسبة 10%، ورفع سقف الحد الأدنى للأجور وحل البرلمان.
خلال العام التالي، عرفت فرنسا أزمة جديدة بين الرئيس والشعب، فأواخر شهر أبريل 1969، عرض شارل ديجول استفتاء على الشعب الفرنسي لتكريس مزيد من اللامركزية عن طريق مشروع لتنظيم المناطق وإدخال إصلاحات تجديدية على مجلس الشيوخ ومع عرضه للاستفتاء، هدد الرئيس شارل ديجول بالاستقالة في حال فشله في تمرير مشروع هذا القانون ورفض الفرنسيين له.
جاءت النتائج مخيبة للآمال حيث رفض 52.4% من الفرنسيين هذا القانون وصوتوا بـ "لا" وعلى حسب العديد من المحللين السياسيين، كانت الأغلبية الساحقة من الفرنسيين حينها مؤيدة لمشروع هذا القانون الذي عرض عليهم، إلا أنهم سعوا للتصويت ضده لإجبار شارل ديجول على الاستقالة، حيث عبر كثير منهم عن ضجرهم وسخطهم من سياسته بعد 10 سنوات قضاها الأخير بمنصب الرئيس.
عند الساعات الأولى من يوم 28 أبريل 1969، مرر شارل ديجول رسالة لرئيس المجلس الدستوري الفرنسي قال فيها: "سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيس للجمهورية هذا القرار يدخل حيز التنفيذ اليوم مع منتصف النهار".
وتولى رئيس مجلس الشيوخ، آلان بوهر، منصب الرئيس بشكل مؤقت، قبل أن تشهد البلاد انتخابات خلال شهر يونيو من نفس السنة انتهت بانتصار جورج بومبيدو مرشح حزب اتحاد الديمقراطيين من أجل الجمهورية.
وينظر الفرنسيون إلى شارل ديجول على أنه الأب الروحى للجمهورية الفرنسية الخامسة ويرجع الكثير من الفرنسيين الفضل إلى ديجول في استقلال بلادهم عن الجيوش النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، إذ لم يتوقف وهو في لندن عن إطلاق الشعارات التي كانت تلهب حماس الفرنسيين وتدفعهم إلى المقاومة وقد أطلق اسمه على العديد من المرافق الحيوية مثل المطار والشوارع، والمتاحف ومحطات القطارات ولديجول مؤلفات حول موضوع الإستراتيجية والتصور السياسى والعسكرى، ومنها "خيط السيف، نحو جيش الاحتراف، فرنسا وجيشها".
وتوفى في 9 نوفمبر 1970 عن عمر يناهز التاسعة والسبعين عاما.