تفرض التطورات التقنية المزيد من الجهد على عمل الأمن، الذى يتسع ويتشعب، فى ظل تحولات عالمية أو تغيير فى شكل ومضمون الجريمة الحديثة، أو الإرهاب، فضلا عن استعمال الإنترنت وأدوات التواصل فى أنشطة بعضها خارج على القانون، أو ما يمس أمن المواطن وحياته.
من هنا تأتى أهمية الرسائل المهمة التى صدرت من حفل تخرج دفعة جديدة فى كلية الشرطة 2022، سواء الرسائل التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، أو التى ظهرت من مشاهد التدريبات والعروض المختلفة، وحجم وشكل التطور فى مناهج أكاديمية الشرطة، والذى ينعكس على أداء الجهاز الأمنى.
أولها عروض طلاب وطالبات الكلية على اجتياز الموانع المائية والاستطلاع والرصد ومهارات الإخفاء والتمويه، وإخلاء المدنيين، وحماية الشخصيات والحراسات الخاصة، وتجاوز الأمر مجرد تمثيل فى الشرطة النسائية، إلى وجود فاعل وعلى قدم المساواة مع الضباط، وبنفس الكفاءة، وفى تخصصات ظلت قاصرة على الرجال، لكننا أصبحنا نرى عروضا عنيفة، للضابطات، وقدرات متعددة، مع استعداد لوجود دور فاعل للشرطيات فى تأمين مؤتمر المناخ المقبل فى شرم الشيخ، ضمن سياق حضارى فاعل بشكل واسع، وقد نجحت الضابطات فى كثير من الفعاليات، سواء فى المهام التى تستدعى وجود عنصر نسائى فى التفتيش أو المتابعة، أو فى الوجود المشترك للأمن، وهذا السياق يقدم براهين على حجم التحديث الذى تتبعه أكاديمية الشرطة، والصورة التى أصبحت للداخلية فى فعاليات اجتماعية تساهم بشكل كبير فى إعادة بناء الصورة الذهنية لرجل الأمن العصرى.
والواقع أن عملية تمكين المرأة اتخذت خلال السنوات الأخيرة منحى واضحا، حيث التمثيل الكبير للمرأة فى المؤسسات التشريعية والقضائية، والشرطة وباقى التخصصات والتى كانت قاصرة على الرجال، وظهور الضابطات فى مهام كبرى للأمن، وصولا لمؤتمر دولة بحجم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ.
وبجانب ضابطة الشرطة التى تقوم بدورها بنفس الكفاءة، هناك تحديث كامل فى مناهج أكاديمية الشرطة، تجارى التطورات، وتضع الأكاديمية فى مصاف المؤسسات الكبرى، حيث أصبحت مهمة الأمن تقوم بجانب الكفاءة القتالية واللياقة، على استيعاب مفردات العصر من تطورات تقنية، وتحول فى شكل الجريمة الحديثة، وهو ما يتطلب دراسة تتضمنها مناهج أكاديمية الشرطة، وأيضا تدريب مستمر ودراسة متواصلة، تتجاوز التخرج.
وتتضمن مناهج الأكاديمية فكرة الأمن الشامل، والتى أكد عليها وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، بالتأكيد على التحديث المستمر لكل مفردات منظومة مواردها البشرية لإعداد رجل شرطة عصرى لديه المقومات القادرة على استيعاب ومجابهة التطور فى الجريمة عبر برامج تدريبية تخصصية تعتمد على استخدام المعدات والتقنيات الحديثة وتنمية القدرات والمهارات الفنية، ودعم البرامج التدريبية لطلبة وطالبات الأكاديمية، بالاستعانة بخبراء دوليين من الدول الصديقة والمنظمات الدولية المعنية بما يسهم فى سرعة انتقالهم للحياة العملية عقب تخرجهم وأداء مهامهم وفقا لأحدث النظم العالمية.
وقد ظهر هذا التطور فى مناهج التعامل مع ذوى الهمم، أو استيعاب القانون والدستور، ومراعاة حقوق الإنسان، وهو ما ظهر فى كلمة الرئيس السيسى وتأكيده بأن تكون الشرطة على كفاءة عالية واستيعاب للقانون ومراعاة حقوق الإنسان حتى مع الخارجين على القانون، وهو ما يجعل الشرطة واجهة فى التعامل فى ملفات الأمن الشامل مع استيعاب للتحول التقنى والشكلى فى شكل الجريمة والإرهاب، والأنشطة المتعلقة بغسل الأموال، والتى تستدعى أن تكون مواجهة الجريمة بالمعلومات والتعامل مع الأشكال المختلفة من الجريمة، التى تطورت بشكل كبير، خاصة فى مجال الجريمة التقنية أو البنكية، أو حتى الجرائم التى تتعلق باستعمال مواقع التواصل فى أنشطة غير مشروعة، حيث تفرض العولمة تحولات كبيرة تفرض تحديثا مستمرا فى مناهج أكاديمية الشرطة، ودور الأمن الذى يتداخل ويتسع، فى ظل تعقيدات التطور الجارى فى العالم كله.
يضاف إلى ذلك الخدمات المدنية واستخراج وإصدار الوثائق والتى تم تطويرها لتكون أسرع وأسهل، وتتضاعف السهولة من تطوير نظام الوثائق المؤمنة.
كل هذا يضاعف من الأعباء على عمل رجال الأمن، ويبرر التحديث والتطوير فى مناهج أكاديمية الشرطة، لتخريج ضباط وضابطات على مستوى من الكفاءة والاستيعاب.