قبل ما يقرب من شهر ونصف، تواصل معي بعض الأصدقاء من المصريين في الخارج لعرض مطالبهم وأفكارهم حول حقهم في استيراد سيارات حديثة واستخدامها في مصر، سواء خلال فترة الإجازات أو عند التقاعد، مقابل وديعة بالعملة الصعبة في البنوك المصرية بدون عائد، وقد تشجعت للفكرة، وكتبت عن تفاصيلها، وكان عنوان المقال "فكرة بـ 10 مليارات دولار"، إشارة إلى المبلغ المتوقع من هذه المبادرة، نتيجة التحويلات الدولارية من الخارج، وقد استجاب الدكتور مصطفى مدبولي لهذه المطالب بالأمس وأصدر مشروع قانون ينظم عملية الاستيراد وضوابطه.
مشروع القانون الذي أعلن عنه رئيس الوزراء ينص على حق المصري بالخارج استيراد سيارة خاصة لاستعماله الشخصي، معفاة من الضرائب والجمارك والرسوم، مع وضع وديعة بالعملة الأجنبية، لا يستحق عنها عائد، ويتم تحويلها من لصالح وزارة المالية، مع استرداد المبلغ بعد مرور 5 سنوات من تاريخ التحويل، بالمقابل المحلي للعملة الأجنبية، المسدد بها بسعر الصرف المعلن وقت الاسترداد، على أن تكون السيارة حديثة، ولم يمر على إنتاجها أكثر من 3 سنوات من تاريخ تطبيق القانون.
القرار يعتبر حل غير تقليدي، ومنفعة متبادلة بين الدولة والمواطن، ويساهم في زيادة حصيلة النقد الأجنبي والعملة الصعبة، ويمنح المصريين في الخارج فرصة جيدة لاستخدام سياراتهم وشحنها للقاهرة بمبالغ أقل بكثير حال قرارهم الشراء من داخل مصر، كما أنه يضع ضوابط سريعة وسهلة تنظم عملية الاستيراد، وحساب بنكي موحد، يخضع لرقابة وزارة المالية، لضمان الاستفادة المثالية من هذه الأموال وتوجيهها في مساراتها الصحيحة.
القرار فرصة ممتازة وفوائده غير قاصرة على المصريين في الخارج فقط، بل تنعكس إيجاباً على سوق السيارات المحلية، ويخفض الأسعار بمعدلات كبيرة خلال الفترة المقبلة، لن تقل عن 30%، ويقضى على ظاهرة الأوفر برايس، ونقص المعروض، والاستغلال المعروف من أصحاب التوكيلات والعلامات التجارية، و الوسطاء وأصحاب المعارض، وسوف يتحول إلى فرصة ممتازة لكسر حالة الجمود في سوق السيارات، وما نتابعه من أرقام فلكية عن أسعار سيارات باتت قطعاً من الخردة وتباع بعشرات الآلاف.
أتمنى أن ينجح قرار رئيس الوزراء الخاص بضوابط استيراد سيارة بدون جمارك، للمصريين في الخارج، لذلك أود الإشارة إلى بعض النقاط والضوابط الهامة، التي قد يكون لها مردود إيجابي، وتساهم في جودة التنفيذ، وتدعم خطوات الحكومة، وتخفف العبء عن المصري في الخارج، خلال عمليات الشراء والتحويلات.
أولاً:- يجب إطلاق موقع إلكتروني يشرح كل الإجراءات المطلوبة من المصريين في الخارج والحسابات التي يمكن تحويل المبالغ عليها، والتوضيح إذا كان المبلغ بالدولار أم بأي عملة أجنبية متداولة في البنوك المصرية، كأن يتم التحويل بالريال السعودى مثلاً لمن في المملكة العربية السعودية أو الدينار الكويتي لمن في الكويت وهكذا.
ثانياً:- حتى يتم إطلاق الموقع الإلكتروني، الذى قد يستغرق بعض الوقت، يجب توفير خطوط ساخنة بأرقام سريعة ومختصرة وإعلانها، حتى يتمكن المصريون في الخارج من التواصل مع الجهات المعنية وفهم الإجراءات المطلوبة.
ثالثاً:- يجب أن يسارع المصريون في الخارج للاستفادة من القانون، خاصة أن التحويلات ستكون مفتوحة خلال 4 أشهر فقط من بدء التطبيق، لذلك عليهم اتخاذ القرار سريعاً، وتفنيد مكاسبه، التي بالتأكيد في صالحهم.
رابعاً:- البعض يقول لماذا تعيد الدولة أموال المودعين بالعملة المحلية، الإجابة ببساطة لأن العملة المحلية هي الأساس، ويتم التعامل بها لشراء كل الخدمات والمواد البترولية وقطع الغيار التى تخص هذه السيارة التي يرغب المصري في الخارج إدخالها، فلو أن المواطن يحصل على سعر البنزين بالدولار، وبنفس سعره فى الخارج، عليه أن يطلب حينها استرداد أمواله بالعملة الصعبة.
خامساً:- في حالة عدم الاستيراد أو وجود معوقات سوف يحصل المصرى في الخارج على أمواله بذات العملة التى دفع بها، بما يؤكد أن أمواله مضمونة بنص القانون، وتعهد من الحكومة ووزارة المالية، وليس تاجر أو وكيل أو صاحب معرض.
سادساً:- يجب أن تنظم وزارة الخارجية المصرية ووزارة الدولة للهجرة، حملات ترويجية للتعريف بمشروع القانون المذكور، والتواصل مع المصريين في الخارج والجاليات الأجنبية لبيان المزايا والإيجابيات العديدة، التي يوفرها للمواطن المصري.
سابعاً وأخيراً :- السيارات يجب أن تكون حديثة وألا يكون قد مر عليها تصنيعها أكثر من 3 سنوات من تاريخ عند تطبيق القانون، بمعنى لو أن القانون تمت الموافقة عليه خلال هذا العام، فسوف يسمح للسيارات موديل 2019 دخول البلاد، لكن السيارات الأقدم من هذا التاريخ لن تدخل وهذا إجراء له وجاهته، فلا يمكن إدخال سيارة قديمة متهالكة تتحول إلى خردة بعد سنوات، وتستهلك مواد بترولية بصورة أكبر، وتساهم في زيادة معدلات التلوث والإضرار بالبيئة، وتقل فيها معدلات الأمان وتؤثر على بنية الطرق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة