الارتقاء بالريف المصري، حلم الجمهورية الجديدة الذى يخطو لأن يصبح واقعا ملموساً من خلال "حياة كريمة"، وهى المبادرة الرئاسية الأكبر والأهم لتطوير الريف المصرى الذى طالما عانى من انعدام المقومات الأساسية، حيث يستهدف تغيير حياة أكثر من 58 مليون مواطن، من إحداث طفرة شاملة للبنية التحتية والخدمات الأساسية والارتقاء بجودة حياة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإحداث تغيير إيجابى فى مستوى معيشتهم، وخلق واقع جديد من التنمية الشاملة المستدامة لهذه التجمعات الريفية المحلية.
وفى الخامس عشر من أكتوبر من كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمى للمرأة الريفية، وهو اليوم الذى حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 2007، اعترافاً منها بما للنساء والفتيات من دور فى ضمان استدامة الأسر والمجتمعات الريفية وتحسين سبل المعيشة الريفية والرفاهية العامة.
حقوق ضائعة وأدوار متعددة
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن المرأة الريفية التي لم تكتف بدورها كأم وزوجة وقيامها بالأعمال المنزلية، بل تقوم بعملها خارج المنزل جنبًا إلى جنب مع الرجل، حيث إنها في كثير من الأحيان تفوقه في مهامه الإنتاجية، حيث تشكل النساء الريفيات العاملات أكثر من ربع مجموع سكان العالم، وفي البلاد النامية تمثل حوالي 43% من القوى العاملة الزراعية، حيث يعتمد غالبيتهن على الموارد الطبيعية والزراعة وتربية الحيوان لكسب عيشهن.
وأولت الدولة اهتماما بالغاً بالمرأة الريفية المصرية، فالاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 تتضمن محورا خاصا بالتمكين الاقتصادي للمرأة والتوجيه بمشروعات عديدة لمساعدتها على النهوض بمستواها الاجتماعي والمعيشي.
فرؤية القيادة السياسية بالتنسيق مع الوزارات المعنية باعتبار التنمية الاقتصادية هي حجر الزاوية لإحداث التغيير المطلوب في حياة المواطنين بالقرى، فدائماً ما يحث الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بالتحرك بشكل كبير من أجل دعم المرأة المصرية في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة.
ونستعرض أبرز المجهودات التي قامت بها الدولة للنساء الريفيات الكادحات:
مبادرة تكافل وكرامة
هو برنامج التحويلات النقدية المشروطة الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي تحت مظلة تطوير شبكات الأمان الاجتماعي.
ويقدم المساعدات النقدية المشروطة للأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً بجمهورية مصر العربية، وذلك عن طريق الاستهداف الموضوعي للأسر التي لديها مؤشرات اقتصادية واجتماعية منخفضة تحول دون إشباع احتياجاتها الأساسية وكفالة حقوق أطفالها الصحية والتعليمية، هذا بالإضافة إلى مد شبكة الحماية لتشمل الفئات التي ليس لديها القدرة على العمل والإنتاج مثل كبار السن (65 سنة فأكثر) أو من هم لديهم عجز كلي أو إعاقة.
وساهمت “حياة كريمة” في ارتفاع عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” إلى 14.3 مليون فرد بتكلفة 19 مليار جنيه عام 2021، وتمثل السيدات 78% من إجمالي المستفيدين، منهم 18% من السيدات المعيلات بتكلفة 3.4 مليار جنيه سنويا.
مشروعات تنمية المرأة الريفية
يستفيد من هذه المشروعات النساء والفتيات لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لهن بالدعم المادي والتدريب والتوجيه من خلال التدريب على أنشطة ومهارات إنتاجية تدر دخل يساعد في رفع المستوى الاقتصادي للمرأة بصفة خاصة والأسرة بصفة عامة. وتساعد المبادرة على تقديم مشروعات اقتصادية صغيرة ذات عائد اقتصادي في مجالات الإنتاج المختلفة والتي تتناسب مع ظروف المجتمعات الريفية لحين التوسع بالمناطق العشوائية الحضرية.
ولهذا أدرجت مبادرة حياة كريمة قطاعا متنوعا يسُمى “المشروعات التنموية” للفئات المستهدفة لتمكينهم اقتصاديًا وتوفير فرص عمل مستدامة لهم، منها على سبيل المثال، خطوط إنتاج وتصنيع الإنترلوك، ومراكز لتجميع وتصنيع الألبان، وإنشاء مشاغل لتعليم الفتيات حرف النول والخياطة، ومشاغل يدوية لتصنيع السجاد والكليم اليدوي، ومراكز لتصنيع منتجات النخيل، وورش لتعليم صناعات منتجات الأخشاب… إلخ، والكثير من المشروعات التنموية المختلفة والمتعددة والتي يتم اختيارها بناءً على هوية القرى وثقافة أهلها المهنية ومهاراتهم الحرفية، فالقرى التي يشتهر أهلها بالصيد مثلا تعمل مبادرة حياة كريمة على إنشاء ورش لتعليم وتصنيع مراكب الصيد، وهكذا وفقًا لطبيعة المكان وثقافة الأشخاص.
وقدمت “حياة كريمة” قروضا بفائدة بسيطة عبر برنامج «مشروعك» وصندوق التنمية المحلية، لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر هدفها توفير فرص عمل للشباب والمرأة والمزارعين في القرى المستهدفة، وقد تم زيادة التمويل لمشروعات تنمية المرأة الريفية من 5 الاف إلى 10 آلاف جنيه. والمستهدف خلال المرحلة القادمة إقراض مشروعات متناهية الصغر من صندوق التنمية المحلية التابع للوزارة لتوفير 20الف فرصة عمل بتكلفة قدرها 200 مليون جنيه .
مشروعات المرأة المعيلة والأرامل والمطلقات
المرأة المعيلة.. مثال يتكرر في جميع أرجاء الوطن، فما بين امرأة فقدت عائلها أو أخرى تركها زوجها وصغارها بلا رجعة، تجد امرأة قوية تكون حائط الصد قادرة على توفير الحياة الكريمة لأسرتها دون استسلام للواقع المرير.. لكن قد تجد المرأة نفسها تائهة بلا شخص يقف الى جوارها يساندها ماديا لتبدأ أي مشروع بسيط، خاصة تلك المرأة الريفية التي مازالت تعاني مشاكل جمة، لذلك تبحث الدولة بكل أجهزتها كيفية تحقيق الاستقلال المالي للمرأة المصرية، الذي أصبح هدف جميع الأجهزة المعنية لضمان حرية اقتصادية حقيقية للمرأة عامة، والريفية البسيطة بشكل خاص من خلال مشروع صغير تعتمد عليه.
ساهمت مبادرة “حياة كريمة” في ارتفاع قيمة القروض الميسرة إلى 1.4 مليار جنيه تستفيد منه 220 ألف سيدة عام 2021، لإنشاء مشروعات للمرأة المعيلة والأرملة والمطلقة، وفقاً لقدرات كل أسرة. ومن أشهر المبادرات هي مبادرة” مستورة”، التي تشهد تكاتف جميع أجهزة الدولة من أجل إنجاح مشروعات السيدات المعيلات على مستوى الجمهورية، وبلغ إجمالي عدد المستفيدات 20 ألف سيدة بتكلفة 340 مليون جنيه.
إطلاق مبادرة "واعية"
أطلق المجلس القومي للمرأة مبادرة “واعية” التي تسعى لإيجاد ودعم الكوادر النسائية الريفية المتميزة في صعيد مصر، وكذلك أصحاب المبادرات التي تسهم في تنمية الموارد الريفية ودعم الأسر الريفية في محافظات بني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان.
واستهدفت المبادرة النساء والفتيات الريفيات بشكل عام، والنساء من ملاك الحيازات الصغيرة، وعاملات الزراعة، وخريجات الثانوي الزراعي، والشخصيات القيادية النسائية، ورائدات الأعمال الريفيات.
وتهدف “واعية” لتعزيز قدرات النساء والفتيات بالمحافظات المستهدفة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وتمكينهن من المعارف والمهارات المتعلقة بمتطلبات القطاع الزراعي والمشروعات الحرفية، من خلال تعزيز الأنشطة الاقتصادية للنساء الريفيات، ودعم المهارات المعرفية للمزارعات، تشجيع المبادرات والأفكار التي تتيح غذاء آمن وصحي للأسرة، وتبني القيادات النسائية المتميزة على المستوى المحلي.
حيث سيتم تنفيذ المبادرة بالشراكة مع المؤسسات الزراعية الشريكة للمشروع في المحافظات المستهدفة، وسوف تتيح الفرصة للسيدات الريفيات للانضمام إلى جميع أنشطة المشروع وتكريم المتميزات في المجالات المختلفة.
اكتشاف مبكر للإعاقة في قرى "حياة كريمة"
عملت المبادرة على تخفيف العبء عن المرأة الريفية، فقد خصصت وحدات اكتشاف مبكر للإعاقة، وتم الكشف المبكر بشكل دوري على الأطفال دون 5 سنوات، لإجراء الفحوصات الشاملة لهذه القرى واكتشاف جميع الأطفال في هذا السن، وتنفيذ تدخلات مبكرة في جوانب متعلقة بالتخاطب والجهاز العصبي والحركي للأطفال.
كما سيجري إنشاء وحدات للاكتشاف المبكر للإعاقة في كل القرى المستهدفة بالمبادرة، وهذه الخطوة ستساهم في حصر جميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وستكون نواة لقاعدة بيانات لذوي الهمم، بالإضافة إلى خدمات التأهيل الشامل لهم. وحول التدخلات الاجتماعية لذوي الهمم، فمن المخطط إنشاء 20 مركز خدمة جديدًا لذوي الاحتياجات الخاصة وذلك بالشراكة مع وزارة الصحة والسكان، لتقديم مختلف الخدمات المطلوبة لهم، كما نوه رئيس الوزراء إلى أن التدخلات الخاصة بتطوير وحدات التضامن الاجتماعي، والتي من المقرر أن تشمل تطوير 64 وحدة تضامن خلال المرحلة الأولى من تنفيذ المشروع القومي لتطوير الريف المصري، وذلك لتقديم مختلف الخدمات الاجتماعية لقاطني تلك القرى.
تنمية الأسرة المصرية والارتقاء بالخصائص السكانية
تم رفع كفاءة 16 ألف منزل استفاد منها حوالي 80 ألف مواطن حتى الآن، علمًا بأن مبادرة حياة كريمة تستهدف تطوير ورفع كفاءة حوالي 91 ألف منزل في 750 قرية خلال 3 سنوات في إطار برنامج سكن كريم لإعادة تأهيل المنازل ضمن مبادرة تطوير قرى الريف المصري.
وفيما يتعلق بتنمية الأسرة المصرية، والارتقاء بالخصائص السكانية، وضبط النمو السكاني، فمن المستهدف خلال تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع القومي لتطوير الريف المصري، أن يتم رفع كفاءة 125 مستشفى متكامل بالمراكز المستهدفة، وهى المستشفيات إلى تم بناؤها على مدار السنوات الماضية ولم تستغل لتصبح مراكز تنمية متكاملة، تشمل تقديم الخدمات الصحية وخدمات الأسرة، وتشغيل 200 مشغل خياطة ملحق بتلك المستشفيات، إلى جانب تشغيل 20 مركز تنمية أسرة، فضلا عن توفير وإتاحة خدمات ووسائل تنظيم الأسرة، وميكنة تلك الخدمات وربط قواعد البيانات الخاصة بها ضمن التطوير نحو الرقمية والشمول المالي.
المرأة الريفية تتحدى المستقبل
إن من أهم تحديات المستقبل هو بناء جيل قادر على تحمل أعباء التنمية ومسئولياتها ، جيل قادر علي العطاء قويم الخلق وهنا يأتي أهم وأعظم أدوار المرأة التي لها الدور الأكبر في التنشئة الاجتماعية، ويعتبر دورها دورًا رئيسياً ، لذا فإن إعدادها وتنمية قدراتها كأم لهو من أهم الأمور حتى تستطيع القيام بدورها كاملاً، وبقدر ما تعطي لهم من رعاية وتفهم وحنان بقدر ما تؤثر في شخصياتهم ونظرتهم للمجتمع واستعدادهم للاندماج فيه والعمل من أجله كمواطنين صالحين، فهي التي تغرس فيهم السلوك الاجتماعي المقبول والسلوك البيئي السليم أي أنها البيئة الأولي في تنمية العنصر البشري وهو العنصر الذي لا ينضب.
ووفقًا لما سبق فإن المشروع القومي لتطوير الريف المصري«حياة كريمة» يواصل عطاءه المستمر لدعم الفئات الأولى بالرعاية من بحث آليات التوسع فى زيادة خلق مشروعات تنموية ودعم المرأة بقرى الريف المصري، ما يحقق طفرة نوعية وتغييراً جذرياً فى تحقيق التنمية الشاملة والعدالة المجتمعية بين فئات المجتمع المصري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة