منذ بداية الأزمة العالمية، وهناك نقاش مستمر بين الناس وبعضهم، أو على مواقع التواصل، حول ما يجب أو لا يجب، تأثيرات الأزمة شديدة على الجميع، وأشد على أصحاب الدخول المنخفضة والمحدودة، وهم الذين تستهدفهم الدولة بإجراءات الحماية الاجتماعية، التى وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ بداية الأزمة، وأكدها فى حديثه بختام المؤتمر الاقتصادى.
الحكومة أطلقت حزمة اجتماعية بتكلفة 67 مليار جنيه، تتضمن رفع الحد الأدنى للأجور وعلاوة استثنائية 300 جنيه للعاملين وأصحاب المعاشات، واستمرار عدم زيادة الكهرباء ورفع حد الإعفاء الضريبى ودعم للشركات المتعثرة.
وهذه القرارات لمعالجة التأثيرات العاجلة للأزمة، بجانب قرارات مالية ومصرفية، لتنشيط عجلة الاقتصاد، ومعالجة القصور والازدواج فى السوق المصرفى، وتوفير مستلزمات الإنتاج، والصناعة، لضمان دوران عجلة الاقتصاد، من هنا فإن قرارات البنك المركزى الأخيرة جاءت للسيطرة على معدلات التضخم وضمان استقرار الأسعار بالسوق، وهى قرارات ضرورية من واقع أوضاع الاقتصاد وتأثره عالميا بقرارات البنك الفيدرالى الأمريكى، والذى أدى بالبنوك المركزية فى العالم لرفع الفائدة.
قبل ذلك كانت توصيات المؤتمر الاقتصادى، التى صدرت بعد حوارات استمرت ثلاثة أيام بمشاركة من الحكومة وخبراء الاقتصاد والقطاع الخاص ورجال الأعمال، وهى توصيات تتعلق بدعم الصناعة وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، وتقديم حوافز للاستثمار وتمهيد البيئة الاقتصادية بما يساهم فى تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإزالة عقبات الاستثمار.
وهذه الإجراءات العاجلة، متوسطة وبعيدة المدى، تأتى ضمن استجابة من الدولة للآراء المطروحة فى حوار وطنى، ومؤتمر اقتصادى، تفتح الباب لاستمرار توسيع المشاركة، بناء على ما هو متاح، خاصة أن العمل والإجراءات تتم علنا والأزمة أيضا تدور فى العالم بشكل معلن، وهو ما يجعل هناك مساحة للتفهم والنقاش، لمن يريد أن يعرف بجدية.
وإذا كان مجال الحوار متاحا، فمن حق المواطن أن يطرح أسئلة، وأن يجد الإجابة لدى الخبراء، خاصة فى ظل سيولة تفرضها مواقع التواصل، ومنصات النشر، التى تزدحم بالكثير من اللغط، وزحام يجعل من الصعب التفرقة بين الخبير الحقيقى أو المستخدم الذى يحول نفسه إلى «خبير» بناء على لايكات أو متابعين، ولا أحد لديه الوقت للفرز والتفرقة بين خبير أو مجرد «هبيد» أو لجان تعمل بالأجر لترويج بوستات موجهة.
ومع الاتفاق على أن الأزمة واضحة ولا يمكن إنكارها أو تجاهل أثرها السلبى على حياة الناس، والأسعار والتضخم، فإن محاولة تحليل ما يجرى يفترض أن تقوم على الواقع، وفى حالة الاختلاف مع ما يجرى من إجراءات، فإن الشخص الطبيعى يسعى للفهم أو تقديم بدائل ممكنة، وليس مجرد كلام عام، أو آراء من دون معلومة، ويصدر أحكاما بلا أصل من الواقع.
وربما لا يكون كل هؤلاء المدعين لجانا، لكن بعضهم يستسهل إطلاق أحكام أو آراء تخلو من المنطق، ويقيم تحليلاته على معلومات ناقصة وأرقام مقتطعة من سياقها، متأثرا بلجان أو بتأييد عدد من متابعيه يصفقون له، فيتحول إلى خبير يدلى برأيه فى كل شىء بنفس الطريقة. أو قطاع يشعر بعضهم أنهم مستبعدون من الحوار، أو هم بعيدون لكونهم اعتادوا أن يتحدثوا ويصدروا أحكاما دون مناقشة، ويستقبلون «لايكات الإعجاب» فصاروا غير قادرين على الحوار، خوفا على صورتهم أمام متابعيهم.
الشاهد فى كل هذا أن هناك حوارا مفتوحا، ومجالا متاحا لتبادل الآراء، والأزمة العالمية ليست خافية وتأثيراتها ليست مخترعة، وقرارات المعالجة تتم أيضا على الهواء، والمجال مفتوح، والمصريون أو أغلبيتهم يدركون هذا الواقع، فالتأثيرات تطول الجميع، وما يتم من إجراءات اجتماعية أو قرارات اقتصادية ضرورية، وعلى من يختلف أن يسعى لتقديم كلام بحثا عن حل، وليس عن تصفيق، وهى أمور نظن أن المواطنين يدركونها من تجربة 11 عاما، أمكنهم فيها التفرقة بين الواقع والافتراض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة