كان الإمام جلال الدين السيوطى، واسع العلم غزير المعرفة، يقول عن نفسه: "رُزقت التبحر فى سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعانى والبيان والبديع"، بالإضافة إلى أصول الفقه والجدل، والقراءات التى تعلمها بنفسه، كان السيوطى من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية فى النصف الثانى من القرن التاسع الهجري، حيث ملأ نشاطه العلمى فى التأليف مختلف الفروع فى ذلك الزمان من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان موسوعى الثقافة والاطلاع.
تمر اليوم الذكرى الـ575، على ميلاد الإمام جلال الدين السيوطى، إذ ولد فى 3 أكتوبر من عام 1445، ويعد فضلاً عن كونه فقيهاً ومحدثاً ومتكلماً ومفسراً ولغوياً ونحوياً وأديباً وشاعراً ومؤرخاً وفيلسوفاً، فإنه قد ألف أيضاً وكتب فى الجنس كتب عدة، حتى ليمكن عده أكبر مؤلف إسلامى كتب فى هذا الموضوع بكل تفصيلاته وحكاياته وأوضاعه وأدوائه ونوادره وغير ذلك.
من مؤلفاته فى علوم القرآن والتفسير: "الإتقان فى علوم التفسير، ومتشابه القرآن، والإكليل فى استنباط التنزيل، ومفاتح الغيب فى التفسير، وطبقات المفسرين، والألفية فى القراءات العشر.
جمع المؤلف فى الكتاب ما أثر عن النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين من تفاسير لآيات وسور القران، مقتصرا فى الرواية على متون الأحاديث حاذفا منها أسانيدها، ويدون كل ما ينقله بالعزم والتخريج إلى كل كتاب رجع إليه، جمع جلال الدين السيوطى فى كتابه ما ورد عن الصحابة والتابعين فى تفسير الآيات، وضم لها ما ورد فيها من الأحاديث المخرجة من كتب الصحاح والسنن وبقية كتب الحديث، وحذف الأسانيد للاختصار، مقتصرا على متن الحديث .وقد اختصر السيوطى هذا التفسير من كتابه (ترجمان القرآن) الذى توسع فيه فى ذكر الأحاديث ما بين مرفوع وموقوف مسندة حتى بلغت بضعة عشر ألف حديث.
لكن السيوطى سرد الروايات عن السلف فى التفسير ولم يعقب عليها، ولم يرجح من بين الأقوال القول الأصح، ولم يتحرى الصحة فيما جمع فى هذا التفسير، ولم يبين الصحيح من الضعيف، مما يجعل الكتاب محتاجا إلى تنقيح وتحقيق وتمييز الصحيح من الضعيف .وقد قام على تحقيق الكتاب عبد الله التركى فى 17 مجلداً.
جمع السيوطى الروايات التى أوردها فى تفسيره من عدة مصادر منها : البخاري، ومسلم، والنسائي،والترمذى وأحمد، وأبى داود، وابن جرير، وابن أبى حاتم، وعبد بن حميد، وابن أبى الدنيا، وغيرهم من المتقدمين.