التاريخ المصرى القديم ملئ بالحكايات والأسرار التي لا تكشفها إلا القطع الأثرية القديمة والتي يتم العثور عليها ما بين الحين والأخر، لأنه من الصعب أن يرصد أحد تلك التفاصيل التي تمتد على مدار قرون طويلة سجلت بعضها على جدران المعابد في زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد ولكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
وبسبب ذلك نستعرض تاريخ مصر القديم من خلال سلسلة لاستعراض تلك التاريخ القديم، وأولنا مع "عصر ما قبل الأسرات" والذى يطلق على فترة ما قبل التاريخ المصرى القديم، بداية من العصر الحجرى القديم (الباليوليتى)، وصولاً إلى نهاية العصر الحجرى الحديث (النيوليتى)، ويشير مصطلح "ما قبل التاريخ" إلى مرحلة ما قبل الكتابة فى مصر، وظهرت الكتابة فى نفس الوقت تقريبا مع نهاية العصر الحجرى حوالى 3100 قبل الميلاد، وهى الفترة التى ظهرت فيها مصر ككيان سياسى موحد مما يجعلها أقدم دولة فى العالم، ولهذا
واليوم نستعرض عصر عصر ما قبل الحجري القديم "الأيوليتي"، عهد فجر العصرالحجري القديم، ويقول الدكتور سليم حسن في موسوعته "مصر القديمة" الجزء الأول": لا جدال في أن الإنسان الأول عندما ظهر على سطح البسيطة، كان أول هم له أن يجد لنفسه سلاحا يدافع به عن كيانه ضد الحيوانات التي كانت تحيط به ويعيش في وسطها، ولا بُد ً أن أول ما فكر فيه من الأسلحة ما كان في متناوله، فمثلا كان يقطع فرع شجرة ويهذِّبه ليدافع به عن نفسه، وكذلك كان يجمع ما حواليه من الأحجار الصلبة التي هيأتها بها بنفسه بعض الشيء ليجعل لها حدًا قاطعا ويستعملها في أغراضه، له الطبيعة، ثم يهذبها، وهذه الآلات التي كانت تصنع بهذه الطريقة، قد أطلق عليها في علم الجيولوجية اسم "أيوليت".
ويعزو علماء الجيولوجية هذه الآلات إلى العصر الثالث الجيولوجي، غري أن وجود هذا العصر في حياة الإنسان على ظهر الأرض مشكوك فيه، ويرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود بقايا الإنسان في هذا العصر مطلقًا، وفي استطاعة الإنسان في مصر أن يجمع قطعا عدة من آلات هذا العصر من هضبة الصحراء، ولكنها كذلك مشكوك في تاريخها، وسبب ذلك يرجع إلى أن فعل المؤثرات الجوية مثل الحر والبرد وتعاقب الليل والنهار، يحدث تفتت قطع من الظَّران جديدة تشبه القطع الأيوليتية القديمة، وقد جمع الأستاذ «شفينفورت» قطعا كثرية من هذا النوع من محطات أبواب الملوط، على أن كثيرًا من هذه القطع يظهر فيها فعل يد الإنسان، ولكنا نجدها مختلطة بآلات من العصر التالي لهذا العصر، وهو ما يسمى العصر الباليوليتي (العصر الحجري القديم)، وليس لدينا ما يحملنا على الاعتقاد بأنها من عصر أقدم، والواقع أنه لا توجد محطة مصرية قديمة أو حديثة إلا وفيها آلات صنعتها يد الإنسان وقطع من صنع الطبيعة نفسها، ثم استعملها الإنسان بمهارة، ولا نزاع في أن المبدأ القائل بالاقتصاد في استعمال القوى الإنسانية في الإنتاج، قد لعب دورًا عظيما في حياة الإنسان الأولى في مصر، كما كان الحال في البلاد الأخرى، ولا غرابة إذن إذا وجدنا أن الإنسان كان يستعمل القطع الطبيعية في الاستعانة بها على قضاء أغراضه في أول نشأته وفي فترة عدم درايته بالصناعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة