القمة العربية الحادية والثلاثون التى تنعقد فى الجزائر، تتخذ أهمية كبيرة لكونها تعقد فى مرحلة دقيقة يشهد فيها العالم تحولات درامية اقتصاديا وسياسيا، فضلا عن استمرار معاناة بعض الدول العربية من تداعيات صراعات داخلية، معقدة مستمرة طوال أكثر من عقد، وهذه التحولات تفرض على الدول العربية أن تسعى لبناء مواقف قادرة على التعامل مع هذه التحولات خاصة فيما يتعلق بالعمل العربى المشترك.
القمة نفسها تأخرت ثلاث سنوات، كان مقررا لها مارس 2020، لكن جائحة كورونا فرضت وقف السفر، وشغلت كل دولة بمواجهة الجائحة وتداعياتها التى لا تزال قائمة، وأضيف إليها الحرب الروسية الأوكرانية، التى خلقت هى الأخرى صراعا عالميا، فضلا عن انعكاساتها الاقتصادية شديدة التأثير على النقل والغذاء والأسعار والتضخم، وآخر قمة عربية عادية هى الثلاثون، والتى عقدت فى تونس عام 2019 بمشاركة 13 رئيسا، وترأسها الرئيس التونسى الراحل الباجى قايد السبسى.
وبالتالى فإن أهمية القمة العربية أنها الأولى بعد 3 سنوات وبعد كورونا، وتأتى فى ظل أوضاع معقدة فى المنطقة والعالم، خاصة حرب أوكرانيا وتداعياتها، وبالطبع فإن هناك ملفات عربية تخضع للمناقشة كالقضية الفلسطينية، وقد سبق القمة فى 13 أكتوبر الماضى توقيع اتفاق بين الفصائل الفلسطينية الـ14 ومن بينها حركتا حماس وفتح على وثيقة «إعلان الجزائر»، على أن تلتزم بموجبه بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية فى غضون عام، حسبما أفاد المشاركون، وقد عقدت فتح وحماس فى السنوات الأخيرة عدة اتفاقات وتفاهمات برعاية مصرية تنص على إجراء انتخابات وتشكيل حكومة وحدة، وهى اتفاقات ربما تنشط فى حال وجود رعاية عربية لها، وسوف تكون موضوعا لقمة الجزائر، باعتبار أن وحدة الصف هى الخطوة الأولى للتفاوض وإحياء أى جهود للسلام، وعلى مدى سنوات ترعى الدولة المصرية المصالحة بين الفصائل.
بالطبع سوف تكون أزمة تغير المناخ، التى تؤثر على الدول العربية والأفريقية، وتستضيف مصر القمة الـ27 لتغير المناخ، وتسعى لحضور عربى وأفريقى كبير بجانب الحضور الدولى للتوصل إلى توصيات متوازنة.
وتحتل قضية مكافحة الإرهاب التى لا تزال تفرض ظلالها على المنطقة ومحيطها، أهمية كبرى فى مناقشات القمة، حيث تواجه الدول العربية حتى الآن تحديات من تهديد الإرهاب.
وبالطبع فإن قضية الأمن الغذائى والطاقة والأسعار والتضخم، تفرض نفسها على قمة الجزائر، بما تمثله من انعكاسات صعبة لأزمة دولية، وتتطلب هذه القضايا موقفا عربيا متضامنا فى مواجهة الأزمة الاقتصادية، التى تطل برأسها وتفرض تداعياتها الاقتصادية، فضلا عما تسببه من تهديدات اجتماعية داخل الدول العربية، مثل دول أوروبا والعالم المتقدم، وهى أزمة غير مسبوقة تسعى كل دولة عربية لمواجهتها، بإجراءات عاجلة وأخرى بعيدة المدى.
أيضا القضايا العربية المزمنة والتى تفرض ظلالها على القمة، وهى الأوضاع فى سوريا واليمن وليبيا، وهى قضايا تتطلب تنسيقا للمواقف، للدفع بمسارات سياسية، وسط تشابكات معقدة لكل موضوع على حدة، وهى قضايا ربما تكون هناك حولها آراء عربية متنوعة ومتعددة، تتطلب تفاهما يمكن من التعامل معها والدفع نحو حلها، أو على الأقل التوافق على سيناريوهات لمسارات سياسية تخرج هذه الدول من نفق الصراع إلى آفاق الحل السياسى.
الرئيس السيسى لم يشارك فى كل القمم العربية السابقة، وتحرص الدولة المصرية على تأكيد الشراكة والتعاون والمصالح المشتركة، وسط تحولات دولية ونظام عالمى يؤثر على المنطقة العربية، وتحظى الدولة المصرية والرئيس السيسى بثقة إقليمية ودولية كبيرة تمكن من الدفع فى أى مواقف قابلة للتعاون.
مصر تدعم المسارات السياسية نحو حل المشاكل سياسيا، ودعم الدولة الوطنية وعدم التدخل فى شؤون الدول، كما أنها تحظى بثقة إقليمية ودولية كبيرة تمكن من التدخل بموضوعية وتفهم، لكون مصر والرئيس السيسى على علاقة وتواصل مع كل الأطراف العربية، ما يضاعف من أهمية العمل المشترك والتوصل إلى قرارات قابلة للتنفيذ، فى مرحلة دقيقة وحساسة.