بلوكات صماء، وعمارات، ووحدات سكنية، مقامة فى صحراء جرداء، لا خدمات بها ولا وسيلة مواصلات للانتقال إليها، هكذا كان حال مشروعات الإسكان في العصور السابقة، وهذا هو السبب الرئيسى في عزوف المواطنين عن تلك الوحدات التي كانت مأوى للخارجين عن القانون.
جاء عام 2014 ، وجاء معه تغير حقيقى في رؤية وثقافة الحكومة واستراتيجيتها نحو البناء والعمران، فمع مرور الوقت استطاعت الحكومة استعادة الثقة بينها وبين الشعب، وجعلت من مشروعاتها السكنية علامة تجارية تتسارع إليها كافة الفئات للحجز فيها، فالحكومة استطاعت أن تتفوق على نفسها، وأن تغير فكرها ورؤيتها لدرجة وصلت إلى أنها أصبحت تتفوق على فكر القطاع الخاص نفسه، الذى ظل بدون منافس لسنوات عديدة.
وجاء مشروع المليون وحدة سكنية أي مشرع الإسكان الاجتماعي، والذى كانت إطلاق شراراته الأولى في العام 2014، وكان أول إعلان رسمي له، وجاء ذلك المشروع بفكر مختلف لجذب المواطنين واستعادة الثقة، فبدلا من تنفيذ بلوكات وعمارات سكنية، أصبح المشروع عبارة عن مشروع عمرانى متكامل، يشمل كافة الخدمات من مرافق " مياه كهرباء وصرف" وطرق ولاند سكيب على أعلى مستوى وحضانات ومدارس وخلافه، ووسائل نقل من وإلى الوحدات لمختلف الأماكن القريبة، وهو ما أدى إلى زيادة الإقبال بصورة تدريجية حتى أصبح الكل يتنافس للحصول على وحدة سكنية، وأصبح على قائمة الاحتياط مئات الآلاف من المواطنين، فضلا عن استفادة أكثر من مليون ونصف المليون نسمة من هذا المشروع الضخم، الذى يعد المشروع الأكبر على مستوى العالم الموجه لفئة محدودى الدخل، والذى استطاع أن يحصل على إشادات دولية، وجوائز عالمية، فضلا عن مطالب لدول عدة بضرورة تدريس التجربة العمرانية المصرية داخل دولها للاستفادة منها.
هذا على مستوى الإسكان الموجه لمنخفضى الدخل، أما على مستوى الفئات الأخرى فكان هناك مشروع دار مصر، الذى كان البداية الحقيقية لدخول وزارة الإسكان مجال الإسكان المتوسط وتوفير وحدات لمتوسطى الدخل، وجاء بعده مشروع سكن مصر، والذى كان عبارة عن المشروع الذى يلبى احتياجات الفئة المهمشة والمهملة والتي كانت تقع بين فئتى محدودى الدخل ومتوسطى الدخل، ولاقى إقبال كبير من المواطنين، وبعدها جاء مشروع جنه، مشروع الإسكان الفاخر، والذى كان بمثابة المشروع الموجه للفئات أصحاب الدخل المرتفع، وبعدها انطلقت مصر للتجربة الأعلى والاكبر، وهى تجربة ما بعد الإسكان الفاخر، تجربة بناء الأبراج، سواء في العلمين الجديدة أو العاصمة الإدارية الجديدة.
ولعلك تعلم عزيزى القارىء أن وزارة الإسكان، تفوقت على نفسها وعلى فكر القطاع الخاص، وأصبحت القاطرة الحقيقية للنهضة العمرانية التي تشهدها مصر في الجمهورية الجديدة، فمصر بعد 2014، تختلف كثيرا عن مصر قبل 2014، فهناك رؤية حقيقية وواضحة تجعل من مصر نموذج فريد يحتذى به، وتجربة عمرانية فريدة استطاعت أن تحصل على إشادات دولية وجوائز عالمية، فتحية تقدير لكل من شارك في تلك الرؤية، وهذه الاستراتيجية، التي جعلت من بلوكات صماء لحياة حقيقية يتمنى كل مواطن العيش بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة