ربما لم يشهد تاريخ مصر الحديث تحديات أمام الدولة المصرية، مثل تلك التحديات التي تصادفها الأن. فلاول مرة تكون مصر امام تهديد من الاتجاهات الاستراتيجية الاربعة في وقت واحد، ومطلوب منها كدولى ان تحافظ على امنها القومي وتحمي حدودها، وقبل كل ذلك الوفاء بحق هذا الشعب الكبير.
وسط كل هذه التحديات، تقف الدولة المصرية وهي تراعي انها الدولة الاعمق تاريخيا، والاكبر تعدادا، وما لها من ارث حضاري ضارب في اعماق التاريخ.
كل هذه الركائز جعلت من مصر الدولة العربية العظمى والشقيقى الكبرى لكل الدول، وهو ما حملها فوق طاقاتها لكنه قدرها المحتوم، فقد تحملت "مصر العربية" من اجل اشقائها العرب، وخاضت الحروب وعانت من ويلاتها وفقدت الألآف من الابناء والشهداء الذين قدموا ارواحهم فداءا للقضايا العربية في كل مكان.
وسط كل ما يشهده العالم من تقلبات نتجت عن اجتياح جائحة كورونا، ثم تبعات الحرب الروسية- الاوكرانية، وقفت مصر واضعة نصب اعينها دورها التاريخي كشقيقى كبرى للعرب، وكدولة تريد ان تحمي امنها القومي وتؤمن مولردها، وتحافظ على سلامه اراضيها ووحده شعبها واستقراره.
ذهبت مصر الى القمة العربية بالجزائر رقم 31، وهي تحمل كل الامال وتضع في الحسبان التحديات القائمة والتهديدات المباشرة وغير المباشرة.
ورغم الظروف القاسية، التي عانت منها مصر على مدى الاعوام الماضية، الا انها لم تتخل يوما عن جهودها في اطار لم الشمل العربي، وتعزيز التضامن واستمرار التشاور بين الدول العربية الشقيقة. ودوما ما تؤكد الدولة المصرية على ثوابت اساسية لا يمكن التخلي عنها، ولا يمكن القبول بغيرها بديلا، ومنها التمسك بالدولة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، للدول العربية، كذلك انهاء كافه اشكال تدخل الخارجي والدفع بالمليشيات العسكرية والمرتزقة الى الدول العربية لترويع شعوبها او تهديد امنها القومي.
في مقدمه القضايا المصيريه لمصر، القضية الفلسطينية، التي تمثل جوهر القضايا خاصة وان التاخر في حلها حتى الان كان سببا في عدم استقرار المنطقة على مدى العقود الماضية، وان مصر تبذل -ولا زالت- كل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه ولأرضه خاصة وأن الساعات القليلة الماضية حملت بعض المخاوف من عودة اليمين المتطرف الى الحكم في اسرائيل، وهو ما يعني ان العرب جميعا سيواجهون ضغوطا غير عادية مع احتمالات عودة نتنياهو مره اخرى الى الحكم.
وفي الشان الافريقي تقف مصر بحيدة وجدية في قضية سد النهضة، ومفاوضاته المستمرة منذ 12 عاما، وفي هذا الصدد فان مصر ليست ضد التنمية، فهي حق لكل الشعوب ونتائجها ستعود على الجميع ولكنها على الجانب الاخر تريد ان تؤمن امنها المائي واستمرار التنمية والحياة على أراضيها.
ورغم ان غالبية النتائج التي وصلت اليها المفاوضات لم تكن مرضية لمصر حتى الان، الا انها لا زالت على يقين من ان الحوار يمكن ان يقدم جديدا، وان دور مصر الافريقي يتطلب التأني والتحرك الهادئ.
وفي الشأن الليبي فان الموقف لا يقل خطورهدة عن الاتجاهات الثلاثه الباقيه، فليبيا لها ظرف خاص يتمثل في الحدود المتلاصقه مع مصر، وبالتالي فان اي عبث بالأمن القومي الليبي، يمثل تهديدا مباشرا لمصر، ولقد عانت الدولة المصريى على مدى السنوات الماضية من بعض اثار هذا العبث، ولهذا فان مصر تؤكد دوما على ضرورة التوافق على اجراء الانتخابات الليبية في اقرب وقت ممكن، وان التدخلات الخارجية، تعوق اي تقدم في هذا الاطار.
وعلى الصعيد السوري فإن الدولة المصرية، ترى دوما ان استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة، وانه لا بديل عن الحل السياسي الذي يتوافق عليه جميع الاخوه السوريين وانه لابد من الحفاظ على وحدة وسلامة وتماسك الاراضي السورية.
حملت مصر كل ذلك الى قمة العرب بالجزائر، ولعل كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اوضحت جانبا مهما في الرؤية المصرية وسط عالم يموج بالتحديات.
هذا هو قدر مصر.. وهذا هو دورها عبر التاريخ..
sherifaref2020@gmail.com
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة