لم يحظ اكتشاف أثرى بمثل ما حظى به اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون حيث تعد مقتنيات الملك الصبى من أكثر الكنوز الأثرية جاذبية حول العالم لكن لماذا اعتبر اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أهم اكتشاف أثرى في القرن العشرين.
الاكتشاف أظهر 5 آلاف قطعة أثرية
من ناحية العدد المجرد يعتبر الرقم الذى وصلت إليه البعثات الاكتشافية رقما مذهلا فقد كشفت عما يتجاوز 5 آلاف قطعة أثرية تتضمن الأقنعة والمقتنيات الشخصية للملك الصبى فضلا عن كميات من المقتنيات الذهبية ف بعد إزالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء هوارد كارتر وبعثته الأثرية قبل مائة عام توت عنخ أمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصى وكانت كلها من الذهب الخالص، ولإزالة هذه التحف اضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها وبعد إزالة الحلى أعاد الفريق تركيب الهيكل العظمى للمومياء ووضعوه فى تابوت خشبى.
لعنة الفراعنة
كانت قصة لعنة الفراعنة مصاحبة للاكتشاف إذ نشرت الصحف البريطانية عنها كلما تصاعد الاكتشاف أو ظهرت آثار وقد تبين فيما بعد أنها كانت قصة ملفقة.
وقد غذت رسالة تم الكشف عنها حديثًا لعالم الآثار الذي اكتشف قبر توت عنخ آمون هوارد كارتر النظريات القائلة بأن "لعنة" الفراعنة الشهيرة قد اختلقها المراسل الصحفى أرثر ويجال.
وفي البداية كان هناك القليل من المضمون الشائع عن "لعنة الملك توت" غير أن الأمر تطور بورود أخبار عن وفيات متوالية لمكتشفى المقبرة بخلاف الشائعات التي راجت قبل مائة عام عن أن بعض الحروف الهيروغليفية على جدران المقابر تحتوي على تحذيرات رهيبة للصوص القبور.
الاهتمام غير المسبوق من الصحف البريطانية
لم تكن بعثة هوارد كارتر واللورد كارنارفورد مجرد بعثة بريطانية تستهدف الكشف عن آثار فرعونية بل كانت حدثا مهما وبارزا تصدر الصحف البريطانية منذ نشأة الفكرة وحتى وصول هوارد كارتر إلى مأربه والوقوع على كشفه، وقد كانت صحيفتا التايمز والديلى ميل تتنافسان تنافسا محموما على الفوز بتفاصيل الاكتشاف ما ساهم في رواجه.
صور الاكتشاف
ساهمت صور الاكتشاف في رواجه حيث ظهرت الصور في أكثر من أرشيف عالمى وحلت محل أدبيات أخرى في تاريخ الآثار العالمى، وفى واحدة من أكثر الصور شهرة في القرن العشرين جلس عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر يتفقد تابوت توت عنخ آمون في عام 1922 بينما استقر أحد أعضاء فريقه المصري في مكان قريب يكتنفه الظل.
معارض لا تنتهى عن الكشف الأثرى
أقيمت معارض لا تنتهى عن الاكتشاف ومنها معارض مستمرة حتى يومنا وأبرزها معرض أكسفورد حيث تحفل مذكرات هوارد كارتر الموجودة فى معرض أكسفورد المقام حاليا بمناسبة مرور مائة عام على كشف مقبرة توت عنخ آمون بالكثير من الأحداث لكن أبرزها فى الرابعة من عصر يوم 26 نوفمبر 1922، عندما نظر كارتر وراعيه اللورد كارنارفون إلى القبر لأول مرة، وكسرا ختمًا استمر لأكثر من 3000 عام وبدأ التنقيب عن الموقع القديم الوحيد الذى لم يمس، موقع الدفن الملكى المصرى فى وادى الملوك توت عنخ آمون.
ويعرض المعرض أول إشارة مكتوبة لكارتر للاكتشاف فى إحدى دفاتر الجيب الخاصة أو "النوتة" التى استخدمها لتسجيل أنشطته خلال الأشهر الثمانية التى قضاها كل عام فى مصر والتى قال فيها "تم العثور على الخطوات الأولى للقبر" عبر قلم رصاص نقل حماسًا لا يمكن كبته وهو ما سجله يوم السبت 4 نوفمبر 1922.
جاذبية قصة توت عنخ آمون
لا شك أن شخصية توت عنخ آمون ثرية جدا بدءا مما يتعلق بحياة توت عنخ آمون الأسرية فوالدة توت عنخ آمون البيولوجية غير معروفة لكن من الغالب على الظن أنها لم تكن الزوجة الرئيسية لإخناتون الملكة نفرتيتي على الرغم من أن علماء المصريات ما زالوا يناقشون هذا لكن المؤرخون أكدوا أنه عندما كان رضيعًا رضع توت عنخ آمون من قبل أخته غير الشقيقة ميريتاتن من مواقع صورة عائلية مرسومة في مقبرة في مدينة العمارنة القديمة تظهر ميريتاتن وهي ترضع شقيقها الرضيع وفقا لما أورده موقع لايف ساينس هذا بخلاف غموض أسباب موته التى لم يتم التوصل إليها بشكل قاطع حتى الآن وكونه كان ملكا حديث السن تولى الحكم صبيا وانتهت حياته قبل العشرين.
من هم المصريون المشاركون في الحدث الأثرى؟
غالبًا ما ينسب الفضل إلى هوارد كارتر في الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون لكن مصريين كثيرين شاركوا في الحدث العملاق وهو ما كشفت عنه صور معرض أكسفورد المقام حاليا في بريطانيا إلا أن التوصل إلى هوياتهم صعب حيث تقول دانييلا روسيناو مسئولة المشروع في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية بجامعة أكسفورد "لا نعرف سوى أسماء رؤساء العمال الأربعة الذين وظفهم كارتر، والذين سماهم وشكرهم في منشوراته وهم أحمد جرير وجاد حسن وحسين أبو عوض وحسين أحمد".
كما نعرف أيضًا محمد صالح حمدي بك وهو طبيب مصري شارك في تشريح جثة توت عنخ آمون، وحسين عبد الرسول ، فتى الماء الذي يعد وفقًا لبعض الروايات من أوائل الواصلين إلى القبر.
ووفقا لموقع لايف ساينس أكد عدد من علماء المصريات أن هوارد كارتر كانت لديه عقلية استعمارية وأنه كان يميل إلى عدم معاملة المصريين على قدم المساواة مع البريطانيين في بعثته الأثرية حيث قال أسامة جاد أستاذ علوم البرديات والأدب المقارن في جامعة عين شمس في القاهرة: "أعتقد أنه كان متغطرسًا بشكل عام ليس فقط ضد المصريين ولكن أيضًا ضد الجنسيات الأخرى، لقد أساء استغلال جهود عناصر بعثته".
وتابع جاد: "لقد كتبت مرارًا أن إرث الحقبة الاستعمارية ثقيل على الأرض وما تم إنجازه في هذا القرن أو أكثر لا يمكن التراجع عنه في بضع سنوات، كان تهميش المصريين مستمرا بلا هوادة".
كما أشار زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق، إلى أن كارتر عامل المصريين معاملة سيئة حيث قال حواس: "أحد أكبر أخطاء كارتر هو كيفية معاملته للمصريين، لم يسمح لأي مسئول مصري بزيارة المقبرة ، لكنه خطط لفتح غرفة الدفن والتابوت مع فريقه وزوجاتهم".
ولفت حواس إلى أن هذا الحادث زاد من التوترات بين كارتر ووزير الآثار المصري آنذاك مرقص حنا وأنه مع إقالة الأخير في عام 1924، بعد تغيير في الحكومة المصرية في عام 1925 ، سُمح لكارتر باستئناف العمل في الموقع.
وقال حواس إن المصريين يقودون اليوم حفريات أثرية كبرى مضيفا: "حفرياتنا الآن تحظى بإعجاب الفرق الأثرية الأجنبية، نحن لسنا ضد البعثات الأجنبية ، لكن يمكننا التنافس".
قصة العثور على أجنة بنات الملك الصبى
قبل عقد من الزمن قامت سحر سليم أخصائي الأشعة في مشروع المومياء المصري بفحص جثامين الجنينين اللذين عثر عليهما في مقبرة توت عنخ آمون ، وكانت هذه أول مرة يتم فيها دراسة أي جنين محنط وقد كانوا في الواقع بنات توت عنخ آمون وزوجته عنخ إسن آمون، و دفنوا مع والدهم بعد وفاته وعلى الرغم من تعرض المومياوات لأضرار بالغة ، وجد أن الفتاتين توفيتا في الأسبوع 24 و 36 من الحمل وكان معروفًا سابقًا أن الفتاة الأكبر سنًا قد أزيلت أعضائها كما هو معتاد لإعداد المتوفى للتحنيط حيث جرى العثور على شق يستخدم لإزالة الأعضاء بالإضافة إلى مادة تغليف من النوع الذى يوضع تحت جلد المومياوات الملكية لجعلها تبدو أكثر واقعية.