"أنا فتاة في الثانية والعشرين من العمر، لم أتزوج وليس لي أصدقاء تقريبًا، ولا أعمل، وتعليمي متوسط وهذا يزعجني جدًا. مشكلتي أن أهلي دائمًا ينظرون لي نظرة سيئة ويشكون في. أبي يعايرني دائمًا ويناديني "يا فاشلة" لدرجة أنني صدقت ذلك في نفسي وأصبحت أشعر بالنقص وأنني لن يمكنني عمل أي شيء في حياتي أبدًا..
اخوتي تزوجوا وأنا أعيش مع أهلي وحدي، وأبي يشتمنا كثيرًا، أنا وأمي، وأحيانًا يضربها. هددتهم مرة بالانتحار لأرتاح من معاملتهم ومشاكلهم فكان رد أبي: مستنية إيه؟ فكرت أن أهرب من البيت لأكسرهم ويشعروا بالندم ولكنني خفت على أمي وليس أبي، لأنه لم يعد يهمني وأشعر أنني أكرهه..
منذ فترة أصبحت أشعر بصداع كثيرًا ووجع في رأسي وأسفل الظهر، وكذلك معدتني. وحين ذهبت للطبيب قال إنه القولون العصبي. أنا أحتاج للنصيحة والمساعدة ماذا يمكنني أن أفعل؟".
*****
نقلنا المشكلة إلى الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية الذي قال: بعد أن أمعنت النظر في الرسالة أود أولًا أن ابدأ بما انهيت به رسالتك، فنصف حل المشكلة هو طلب المعونة والإرشاد لمعرفة سببها والنصف الآخر هو تعلم كيفية التعامل معها والتصرف بحكمة، فأود أن أمدح تصرفك السليم في طلب الإرشاد والنصح وعدم الاستسلام لليأس والمشاعر السلبية وهذا التصرف الإيجابي هو دليل على وجود الاستعداد للتغيير والعمل فشكرا لكِ.
نشكر الله على مستواكِ التعليمي فالبعض مما نصادفهم في رحلة العلاج النفسي لم يكن لهم نصيب من إكمال المرحلة التعليمية من الأساس، وللعلم هذا ليس مقياس النجاح الوحيد في الحياة، فأعظم من أفادوا البشرية باختراعاتهم قد اتهموا في صغرهم بالبلادة والفشل، وهو ما حدث مع المخترع توماس إديسون الذي أنار العالم باختراع المصباح الكهربائي والذي لم يكمل تعليمه الأساسي وطرد من المدرسة وقد لقبوه بالفاشل، والفاشل في أعين الناس أصبحت اختراعاته تملأ بيوتنا وتنيرها، إذن فما هو مقياس الفشل؟ هل نظرة الآخرين لنا وأحكامهم علينا؟
أنت في سن الشباب، سن الطاقات والأمل والعمل الجاد، والشعور بالوهن وضعف الطاقة وصغر النفس واحتقارها منبعها الشخص نفسه أكثر من رأي الآخرين فيه، فالله لم يعطنا روح اليأس والفشل بل روح القوة، وإن كان يوجد ضعف في قدرات الشخص في شيء فهذا لا يدل على ضعفه في كل شيء، والشخصية الحكيمة عليها النظر بموضوعية وتأمل في الجوانب الإيجابية في حياتها، فلا يوجد شخص فاشل في الحياة، ولكننا لم نستعمل قدراتنا أو لم نكتشفها من الأساس.
إن شعور الأب تجاهك واتهامك بالفشل هو خطأ في تقييمه وتوجيهه ونصحه، فتكرار عبارة (إنتي فاشلة) ليس دليلًا مطلقًا على صحة قوله ولكنه قد يكون يعاني من بعض الصعوبات النفسية قد أسقطها عليكِ بطريقة لا شعورية، والدليل على ذلك أنكِ لم تلتحقي بوظيفة أو تنخرطي في الحياة الاجتماعية، وهذا قد يكون ضعف في القدرات أو لأسباب أخرى يمكن اكتشافها بعد دراسة حالتك بالتفصيل، ولكن هذا ليس فشل أبدًا.
بالنسبة للأعراض الجسدية المذكورة كصداع الرأس المستمر وآلام أسفل الظهر ومشاكل القولون العصبي وغيرها هذه قد تكون في الغالب أعراض القلق أو الاكتئاب المقنع وهو يأخد صورة المرض الجسدي على الرغم من خلو العضو من المرض، ولكنها أعراض نفسية تظهر في صورة جسدية، لذا نحن ننصحك بالبدأ في منهج علاجي سلوكي يبدأ بالبحث والقراءة عن كيفية اكتشاف الذات وقدراتها، ثم عليكِ بالبدأ في عمل يناسب قدراتك ومقدراتك الشخصية والبدء في البحث عن صداقات وعلاقات طيبة تناسب أخلاقنا ونرى من خلالها الجانب المشرق في الحياة، فليس جيدًا أن يعيش الإنسان وحيدًا منعزلًا عن العالم، فالله لم يخلقنا لنسجن أنفسنا بين جدران المنزل وتضيع أعمارنا بلا هدف، هذه هي نصيحتنا الأولى.
وإن كنا لا نستطيع تفسير سبب سلوك الوالد بالكامل من خلال نص الرسالة فعليك بالتأمل في تلك الأسئلة والرد عليها، هل يراني أنا فقط فاشلة؟ هل لدي الاستعداد لإثبات خطأ ما يظن؟ هل الله يمكن أن يخلق إنسان على سبيل الصدفة وبغير رسالة؟ هل من المعقول أن أغضب وأثور باستمرارعلى اتهامي بالفشل؟ هل حياتي تستحق التغيير؟
أريدك أخيرًا أن تتجنبي الفراغ الذهني والفراغ الزمني، فاشبعي العقل بمتعة التعلم والاطلاع والفهم، ولنعمل أيضًا على ملأ الفراغ الزمنى بالعمل الجاد والمثابرة، إن وجدتِ النصح والفائدة في هذا فلكِ خيرًا كثيرًا وهذا ما نتمناه، وإن وجدتِ صعوبة فعليكِ بالتواصل مع المعالج أو الطبيب النفسي في أقرب فرصة.
خدمة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.