"لا شىء يهدد الطبيعة.. لا شىء يهدد استمراريتها وقوتها سوى كائن واحد صغير الحجم، لم يتسبب كائن غيره فى الدمار هائل الحجم الذى سببه الإنسان للطبيعة" هكذا يبدأ أندريه سنار ماجنسون، فى كتابه "البيئة لغز المستقبل.. ذوبان الجليد وغرق العالم"، الصادر فى نسخته العربية عن دار العربى، حيث يحاول المؤلف تخمين ما ستكون عليه حياة أولادنا بعد مئة عام من الآن. هل سيجدون مياهًا صالحة للشرب؟ أم أن البحار ومياهها المالحة هي التي ستسود الأرض.
وفى هذا الكتاب يرى المؤلف أنه خلال المائة عام المقبلة، سوف يشهد تغيرات كبيرة في طبيعة المياه على كوكبنا، حيث ستذوب الأنهار الجليدية، وسوف يرتفع منسوب المحيطات، ويذهب المؤلف أيضا إلى أنه مع ارتفاع دراجات الحارة سيؤدى ذلك إلى الجفاف والفيضانات، وسوف تتحول مياه المحيطان إلى درجة الحمضية لم تحدث منذ خمسين مليون عام.
ويوضح الكتاب أن ما حدث خلال السنوات الأخيرة، من فشل العالم أمام كورونا، بجانب فشل التعامل مع المتغيرات المناخية، أثبت فعليا أن هذا الكوكب على وشك الانهيار، وأن المذاهب الفكرية الرئيسية للقرن العشرين تعاملت مع الأرض والطبيعة بصفتها مصادر لمواد خام رخيصة وغير محددة، وأن المحيطات سوف تستوعب المخلفات إلى الأبد، لكن على العكس صدقت توقعات العلماء بخصوص مستقبل المحيطات وأنظمة الطقس والأنهار الجليدية، وأصبح على العالم البحث عن طرق أفضل للعيش على هذا الكوكب.
وتطرق المؤلف إلى تأثير مصطلح "التأثير المناخي" على العالم، إذ وصفه بالـ "الضجيج الأبيض"، مشيرا إلى أن حيت يتعلق الأمر بأمر سهل كإطلاق النار على حيوان ما، سوف يكون هناك اهتمام وآراء كبيرة، لكن حين يتعلق الأمر بأشياء أساسية من أجل استمرار الحياة، فلن يكون هناك رد فعل مناسب، كأنما يعجز العقل البشرى عن استيعاب أمر كهذا، مشيرا إلى أن تلك الضجيج الأبيض "يخدعنا".
وشبه المؤلف هذا الضجيج الأبيض بالثقب الأسود، مشيرا إلى أنه لم يرى عالم من قبل ثقبا أسود، والذى ربما ابتلع ملايين الشموس، وبإمكانه امتصاص الضوء كليا، وهو كذلك الأمر عند مناقشة قضايا كبرى تؤثر في المياه على الأرض، فإن ضخامة القضية تمتص المعانى الممكنة وتصبح الطريقة الوحيدة الممكنة للكتابة عن هذا الأمر، أن نذهب لما هو أبعد منه.