أثار فوز المنتخب المغربى على البرتغال والصعود إلى نصف نهائي كأس العالم في سابقة هي الأولى للعرب والأفارقة في هذه اللعبة العالمية فرحة عارمة واعتزازا وفخرا كبيرا بما قدمه أسود الأطلسى، والأجمل أن ما قدمه اللاعبون خلال البطولة في كل مبارياتهم من لعب مشرف وإرادة وتحدى وعزيمة.
لكن ما استوقفنى حقا، تلك الفرحة العارمة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام في كل أنحاء العالم العربى، ما يؤكد أن العرب بحاجة إلى ما يفرحهم، ويدخل السرور على قلوبهم في ظل عالم يسوده الصراع وفى ظل وطن لهم أصبح مليئا بالصراعات والانقسام والاضطرابات،لتؤكد تلك الفرحة الصادقة ومظاهر الاحتفال المعبرة والعابرة للحدود أن العرب عرب تجمعهم كلمة واحدة ودين واحد وجغرافيا واحدة، فمهما تعكرت الأجواء، وكثرت الاختلافات وقت الفرح الكل فهم يد واحدة وعلى قلب رجل واحد.
والجميل أن هذه الصور المضيئة لم تكن فقط بعد تأهل المغرب، إنما بدأت عندما فرح العرب جميعا بالتنظيم الرائع للشقيقة قطر للمونديال والافتتاح العالمى الذى راعى الهوية العربية والتقاليد والثوابت الدينية دون ازدواج في المعايير أو خجل كما كان يحدث من قبل، بل هذا النجاح كشف ازدواجية الغرب والعالم الذى يدعى التحضر، ثم كانت الفرحة عند فوز المنتخب السعودى على العملاق الأرجنيتنى وكذلك ما فعله المنتخب التونسى خلال مبارياته، ليكون الشعار المشترك للعرب وراء كل فوز وإنجاز يحدث في مونديال قطر "أي فوز فخر لنا جميعا"، لتتواصل احتفالات الجماهير العربية في مختلف الساحات فنرى دبى تقوم بإضاءة برج خليفة بألوان العلم المنتخب العربى الذى فاز، وكذلك مصر تقوم بإضاءة برج القاهرة، والاحتفالات في كل ربوع الدول حتى التي تعانى من صراعات وأزمات في سوريا في اليمن فى الصومال، فشعور الوحدة لا يوصف.
لذا، علينا أن ندرك جميعا أن الفرح هو من وحد العرب في تجاوزهم لاختلافاتهم، والبهجة هي من دفعتهم ليكونوا شعبا واحدا، فالأمر يا سادة في اعتقادى ليست مجرد لعبة كرة قدم، بل لحظة اعتزاز وفخر تجعلنا نفكر في وحدتنا ولم شملنا وتجاوزنا عن اختلافتنا مقابل وحدتنا وتكاملنا، بل أن الأهم أيضا يا سادة أن تلك الفرحة وهذا الإنجاز أكد لهذا العالم الآنانى أن الفوز ليس حكراً على الدول الغربية، وأنه لا يوجد شيء مستحيل، فهناك موهوبون عرب يمكنهم تحقيق التفوق على المسرح العالمي، وليست كما يتصورون أو يريدون إغلاق القفص عليهم من أجل السير في دوران الفلك الغربى والأمريكى سياسيا واستراتيجيا ورياضيا.
واخيرا، نستطيع القول، بعد نجاح مصر الباهر والعظيم بشهادة الغرب، وبشهادة بايدن نفسه في قمة شرم الشيخ للتغيرات المناخية تلك المحفل العالمى الذى كان حكرا عليهم، ونجاح قطر في تنظيم مونديال تاريخى ولا أروع ولا أجمل، ونجاح منتخبات عربية كالسعودية وتونس في أرض الملعب، ثم المغرب الذى يتألق ويتأهل ويصنع التاريخ ويصعد لنصف نهائى، إن العرب قادمون لا محالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة