و من جديد نضطر للحديث عن ملاحقة الدولة لمعدومي الضمير و فاقدي الرحمة ،و ما أكثر هؤلاء الذين تتأجج مشاعر.
سعادتهم و تطول ساعات حظهم عندما تشتد الأزمات ، هؤلاء الذين لا يهتز لهم طرف و لا يتأرق لهم ضمير عندما يعاني غيرهم بل يتمنون المزيد لطالما كانت لهم منفعة و ضربة حظ و فرصة لن تعوض للإستغلال و المنفعة.
فقد اصطدمت بالأمس في أحد المتاجر الضخمة التي لا يمكن أن تخلو يومًا من السلع الأساسية علي الأقل و علي رأسها الأرز ، الذي كان مضرباً للأمثال عن الكثرة و الفيض بمصر تحديداً ، فلم أجد حبة أرز من أي نوع علي الإطلاق.
هذا بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بشأن اعتبار سلعة "الأرز"من المنتجات الاستراتيجية فى تطبيق حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم 181 لسنة 2018، ويحظر حبسها عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخري.
وألزم مشروع القرار حائزى سلعة "الأرز" لغير الاستعمال الشخصى من المنتجين والموردين والموزعين والبائعين بالمبادرة إلى إخطار مديريات التموين والتجارة الداخلية المختصة على مستوى الجمهورية بنوعية وكميات الأرز المخزنة لديهم،.
ونص مشروع القرار على عقوبة كل من يخالف حكم المادة الأولى من هذا القرار بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز مليونى جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
وفى حالة العودة' يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وتضاعف قيمة الغرامة بحديها.
فكما نعلم و ترددت علي مسامعنا مصطلحات "كأغنياء الحروب" ، هؤلاء الذين كانوا يتصيدون الفرص بأوقات الحرب بكل زمان و مكان تلك التي تشح بها السلع الأساسية و تحديداً المواد الغذائية، فيتاجر هؤلاء الذين تجردت مشاعرهم من الرحمة و نفوسهم من الإنسانية ليكدسوا تلك السلع و يحجبونها كلما اشتدت حاجة الناس إليها ، ليخرجوها أو القليل منها بأسعار غير منطقية متأكدين أنه لا بديل أمام الناس عن الدفع رغماً عنهم، متجاهلين أنات و دعوات هؤلاء التي تخرج من قلوبهم الموجعة ، لتتكدس ثرواتهم و يتحولوا لأغنياء دون سبب حقيقي لهذا الغني سوي الإصطياد بالماء العكر، وها هو التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر ، ليثبت لنا أن مثل هؤلاء الذين كانوا يسمون بأغنياء الحرب هم أنفسهم من يتاجرون بالأزمات و يسنون أسنانهم عندما تلوح بوادر أية أزمة و إن كانت بعيدة عنهم كل البعد .
فبمجرد أن شم هؤلاء رائحة بوادر الحرب بين روسيا و أوكرانيا ، قاموا برد فعل جنوني كما لو كانت هذه الحرب علي أرضنا، وفي حين تكثف الأجهزة الرقابية الحملات على الأسواق للتأكد من جودة المنتجات المطروحة في ظل وجود مخزون استراتيجي من كافة السلع الغذائية تكفى احتياجات المواطنين لفترات طويلة، نقرأً يومياً خبر القبض علي عشرات التجار الذين يخفون السلع و يخزننونها تمهيداً لمضاعفة أسعارها عندما تتهئ الظروف إذ اعتبرت الحكومة عقوبة التاجر حاجب السلع قضية أمن دولة عليا .
إذن:
عليك عزيزى المستهلك أن تتصدى بقوة لكل من يستغل حاجتك ويتلاعب بقوت أولادك، ويكدس مزيداً من المكاسب على حساب معاناتك التى لا يقيم لها أى وزن، حتى وإن كنت مقتدراً مادياً لا يضيرك ما يحدث فى مثل تلك المناسبات من ارتفاع غير منطقى لأسعار أى شىء يقبل عليه المستهلك، فلم لا تفكر بأخيك المتضرر الذى لا يقو على تحمل هذا الجنون الناتج عن جشع هؤلاء والذى قد تحوله تلك الفروق بالأسعار من متحمل لها بالكاد إلى آخر بحق محتاج.
وفى النهاية لا يسع هذا أو ذاك سوى المزيد من العويل والشكوى غير المنقطعة من عدم حماية الدولة له وعدم فعالية جهاز حماية المستهلك.
فعليك أن تبدأ بنفسك، فتحاسبها على سلبيتها وتواكلها، هل تنتظر أن يحميك جهاز حماية المستهلك دون أن تتعاون معه وتدله على هذا الذى يستغلك؟
هل فكر أحد منا أن يبلغ عن كل من يغالى بالأسعار يوميا دون أدنى منطق من خلال الأرقام التى نراها على شاشات التليفزيون باستمرار؟
نحن شعب مستهلك بطبعه دائم الشكوى، ساكت عن الحق، مُفرّط فى حقه وحق وطنه عليه، فإن قام كل مواطن بدوره فى محاربة الفساد والإبلاغ عن اللصوص والمفسدين ستتمكن الدولة من قطع مسافات طويلة جداً فى طريق القضاء عليهم، وستنصلح أحوال البلاد بمشاركة فعلية من كل مصرى ومصرية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة