هذه اللحظة هي الأسوأ في كأس العالم في قطر ... هي اللحظة التي بكى فيها الملايين في المدرجات وأكثر من 3 مليار مشاهد حول العالم .
كانت هي اللحظة الأسوأ لأنها أفقدتنا البهجة والمتعة والاندهاش والانبهار والفرحة والسعادة بكأس عالم استثنائي منذ انطلاقه عام 1930.
اللحظة الأسوأ لأننا لن نرى بعدها المعنى الحقيقي للرياضة ولكرة الكرة وأدبيات اللعبة وأخلاقها وثقافتها الا بعد 4 سنوات
الأسوأ لأننا لن نرى بعد كل مباراة الفائز يواسي الخاسر ويشد من آزره ويتبادل معه قميص اللعب ويبادله الكلمات الودودة لأنها في النهاية مجرد 90 أو 120 دقيقة من المنافسة الشريفة فوق العشب الأخضر وليس حروب داحس والغبراء أو أم المعارك والكراهية وعدم الاحترام ورمي الميداليات.
نعم هي اللحظة الأسوأ لأننا ربما لن نرى هذا البرغوث الساحر المسمى بميسي والذي " خضعت واستسلمت لسحره كأس العالم والساحرة المستديرة"- كما جاء في عنوان صحيفة الشرق الأوسط بالأمس- مرة أخرى في كأس العالم القادمة رغم تصريحه باستمراره في اللعب الدولي. هذا الـ "ميسي" لا يمكن أن يطلق عليه " لاعب كبير" هو لاعب فوق الكبير فوق العادة بمراحل كثيرة
هي اللحظة التي أطلق فيها الحكم الدولي البولندي سيمون مارتشينياك صافرة النهاية لمباراة تاريخية رهيبة بين الأرجنتين وفرنسا ليعلن فوز الارجنتين بكأس العالم للمرة الثالثة وبعد طول انتظار وصبر لمدة 20 عاما
الحق أقول أنها كانت لحظة كئيبة وفي غاية السوء للباحثين في الحياة عن المتعة والسعادة سواء كانت في الفن أو الأدب أو كرة القدم حتى لو كان لا يعرف قواعدها. وهو ما حدث بالأمس.
لا يتماشى مع المنطق والعقل وطبيعة الأشياء أن نطلق على مباراة الارجنتين وفرنسا في نهائي كأس العالم أمس أنها مباراة في كرة القدم وفقط. ذلك من الظلم والاجحاف أن نسميها مباراة في الكرة مثلما – والعياذ بالله- نطلق على مثيلتها في الدوري المصري و كان الله في عون كل من شاهد مباريات الدوري المصري أمس الاثنين
ما شاهدناه في نهائي كأس العالم هو صفحة تاريخية أسطورية في كرة القدم الفضائية يجب أن تغلق بعد هذا المستوى من اللعب والتنظيم والابداع والابهار ويبدأ عصر جديد أو حقبة جديدة للعبة بمعايير مختلفة وقواعد آخري. فقد تفوق ميسي ومبابي على قواعد اللعبة الحالية
وحققوا ما لم يخطر ببال واضعي قواعد لعبة كرة القدم منذ أكثر من 150 عاما.
ميسي وحده حطم كل الأرقام فقد شارك وحده في 5 دورات لكأس العالم منذ عام 2006 في ألمانيا- كان عمره وقتها 19 عاما- وهو اللاعب الوحيد في تاريخ دورات كأس العالم الذي لعب 2314 دقيقة – أي حوالي 39 ساعة الا بضع دقائق- في كأس العالم وهو رقم قياسي ربما لن يتكرر.
هذا البرغوث -الذي لا يمكن أن تطوله والكرة في حوزته- كان سببا في خروج ملايين الأرجنتين في شوارع وميادين العاصمة بيونيس إيرس وباقي المدن في سانتا كروز وسان خوان وسان لويس ولاريوخا ولابامبا وغيرها ابتهاجا واحتفالا بالفوز بكأس العالم وتناست تلك الملايين الأزمة الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد التي تصنف كأولى الدول المقترضة من صندوق النقد الدولي – حوالي 49 مليار دولار- ويبلغ سعر الدولار أمام العملة المحلية 172 بيزو بعد أن كان البيزو يساوي دولارا واحدا عام 2000
لقد كانت بالفعل اللحظة الأسوأ في كأس العالم في قطر هي لحظة كتابة كلمة "مبروك للفائز" لأنها كانت تعني نهاية المتعة والفن والابداع ومنتهى السعادة وايذانا بالعودة الى الغم والنكد والفشل والعجز والكسل والغباء في كل شيئ ...بالعودة الى كرة قدم اللي بالي بالك. ..!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة