أكد الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، أن الحكومة لن تسكت على أى مبالغة أو مغالاة فى الأسعار وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، مطالبا للمواطنين بالإبلاغ عن أى محل لا يعلن عن الأسعار بعد انقضاء مدة مهلة الأسبوعين.
وقال الدكتور مصطفي مدبولى، رئيس الوزراء، إن المغالاة فى الأسعار لن يتم السماح بها وسيتم إعطاء مهلة أسبوعين لكافة المنافذ التجارية لوضع الأسعار على السلع، موضحا أنه بعد مهلة الأسبوعين وفى حالة عدم الالتزام ستصدر عقوبات المحلات التي تمتنع عن إعلان أسعار السلع تصل للغلق، موضحا إنه تم رصد عدم انضباط الأسعار واستغلال البعض للأزمة الحالية ووضع أسعار مغالي فيها، موضحا إنه رصد هذا الأمر وتمت مناقشته.
تصريحات رئيس الوزراء طرحت تساؤلاً حول الرؤية الشرعية لتسعير السلع للسيطرة على الأسواق، حيث أكدت دار الإفتاء أن الاحتكار من الأمور المحرمة شرعًا، وقد اشتملت الأحاديث النبوية على لعن المُحْتَكِر وتوعّده بالعذاب الشديد في الآخرة؛ لما يلحق بالناس من التضييق والضرر باقتصادهم واختلال أسواقهم بسببه.
ويجوز شرعًا للجهات المختصة معاقبة المحتكر بأن تُحَدِّد ثمن السلعة التي دخلها الاحتكار؛ لتباع بثمنها الحقيقي، فإن رفض البائع المحتكر إلا أن يبيع بما شاء يُجبَر على بيعها، ويتمّ معاقبته بما تراه هذه الجهات المختصة مناسبًا لجُرمه؛ من أجل ردعه عن فعل ذلك.
أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الأسلوب البليغ أن يلفت أنظار الصحابة الكرام وينبّههم على أن غلاء الأسعار ورخصها إنما هو بيد الله تعالى، وأن عليهم اللجوء إلى الله تعالى ودعاءه، مع اتخاذ الأسباب الممكنة، والسبل المتاحة، والوسائل المقدورة، وحتى لو فُهِم من الحديث امتناعُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التسعير فإن هذه واقعةُ عينٍ جاءت على حال معينة لها ظروفُها وملابساتُها، وقد تقرر في قواعد الأصول: أن وقائع الأعيان لا عموم لها.
فامتناع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التسعير في هذه الحالة لا يعني أنه ممنوع مطلَقًا؛ فإن التسعير منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، وهذا الفهم هو الذي جرى عليه عمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء المتبوعين وهو المفهوم من كلامهم؛ وهو أن مسألة التسعير ترجع إلى مراعاة المصلحة، وأنها من قبيل السياسة الشرعية التي تُقَدَّم فيها المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فإن كانت المصلحة لا تتم إلا بالتسعير: سعَّر ولي الأمر تسعيرًا عادلًا يراعي فيه مصلحة العامة، بل وله أن يعزِّر من يخالف ذلك؛ لا سيما وأن سوق البيع والشراء أصبح في العصر الحاضر منظومة مرتبطة باقتصاد الدولة واستقرارها.
وأكدت الدار أنه يجب على كل مَن يعلم أنَّ من التجار مَن يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الجهات المسؤولة ذلك، كما يجب عليه أن يبلغها مَن يقوم بتخزين أقوات الناس وما يلزمهم في معاشهم؛ فإن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وإذا امتنع المسلم عن ذلك يكون آثمًا شرعًا.
لقد أعطت الشريعة الإسلامية للحاكم حق تقييد المباح إذا رأى في ذلك المصلحة؛ كما في تقييد الملك الخاص، بل ونزعه استثناءً إذا اقتضت ذلك المصلحةُ العامة، ونصَّ الفقهاء على أنَّ للحاكم أن يتخيَّر من أقوال العلماء ومذاهبهم في المسائل الخلافية والأمور الاجتهادية ما يراه مُحَققًا لمقاصد الشرع ومصالح الناس، وأنَّ عليه أن يجتهد في تحقيق المصلحة قدر ما يستطيع فيما لا يخالف قطعيات الشرع وثوابته.
وعقود البيع والشراء لم تَعُدْ عقودًا بسيطة تقتصر آثارُها على أطرافها أو على طائفة معينة أو أناس معينين كما كان الحال في السابق، بل أصبحت في العصر الحاضر عقودًا مركَّبةً مرتبطةً بالنظام العامّ للدولة المدنية.
ومن المقرر شرعًا أنه إذا لم تتم مصلحة الناس إلا بالتسعير: سعَّر عليهم ولي الأمر تسعيرًا لا ظلم فيه ولا وكسَ ولا شططَ، أمّا إذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه فإنه حينئذٍ لا يفعله.
وعليه: فإذا تمالأ التجار على أن لا يبيعوا السلع الضرورية إلَّا لأناس معينين، ويحرموا الناس من شرائها، فإنه يجوز لولي الأمر أن يقوم بالتسعير؛ حتى يمنع الظلم عن الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة