أعتقد انه من حق النيابة العامة أن نوجه لها شكرا وافرا مقرونا باحترام كبير ، لسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة بحبس مديرة حضانة الإسكندرية ، التي يعجز أي لسان عن التعبير عن الغضب والفزع لما اقترفته تلك السيدة في حق ملائكة أبرياء لم يدركوا وحشة الحياة وأمراضها بعد ، ويعجز العقل عن استيعاب جريمة بتلك البشاعة لا يمكن لبشر أن يُقدم عليها ويرتكبها مهما بلغ من الإجرام أو حتى من مرض عقلي أو نفسي !
من المؤكد إذن أن الأمر أصبح الآن بين يدي العدالة ، التي ستقتص لكل هؤلاء الأبرياء وأسرهم وذويهم ، وللمجتمع الذي فزع لهول ما جرى . لكن على الرغم من كل هذا فقد بقيت عدة تساؤلات لابد من طرحها ، أولها ، منذ متى وهذه السيدة ترتكب كل تلك الفظائع ؟ فلابد أنها من فترة ليست بقليلة ، وإلا ما كان كل هذا العدد من البلاغات ، الذي وصل إلى عشرة بلاغات ، ولا أعتقد أيضا أن ضمائر بعض العاملين بتلك الحضانة قد تحرك فجاءة ، بدليل أن أحد الأمهات ، وتحديدا والدة الطفلة كاميليا صاحبة التسجيل الصوتي المؤلم ، حين أخبرتها طفلتها بأنها تتعرض للضرب ، توجهت للمشرفة وسألتها لكنها أنكرت تماما ، وهو ما يعني أن العاملين كانوا على علم بما يجري بل ويتسترون عليه !
أما لماذا تم كشفه الآن ؟ فإجابته تماما مثل ما كان يتكشف في بعض الملاجئ من عنف ضد الأطفال مثل ملجأ الهرم على سبيل المثال وغيره ، لخلاف وقع بين صاحبه وزوجته ولولا هذا ما كان لأحد أن يعرف ما جرى ، أي انه يقع خلاف بين مدير الدار وأحد العاملين فيسرب الجريمة من باب الانتقام وليس من باب الإنسانية ، ومن هنا فان الاعتماد على الإنسانية وحدها هو أمر لا فائدة منه !
أما التساؤل الثاني ، هو أين الجهات الرقابية من تكرار مثل هذه الجرائم الموجهة لأطفال أبرياء ، وأين أجهزة الدولة ، ولماذا ننتظر دائما حتى تقع الكارثة ثم نتحرك ؟ ماذا لو لم يتحرك من قاموا بتلك التسجيلات ؟ هل كان سيستمر عذاب هؤلاء الأطفال ؟ ثم كيف تقوم هذه الحضانة بكل هذا النشاط وتتلقى مبالغ كبيرة على اعتبار أنها حضانة على الرغم من عدم حصولها على التصريحات اللازمة ، وممارسة كل هذا النشاط دون وجه حق ؟
أما الأمر الثالث ، هو كيف غفل الآباء والأمهات عما يعانيه صغارهم كل تلك الغفلة ، دون أن يتنبهوا لكل تلك الجرائم ، ويشعروا بعذاب أبنائهم ؟
هذه القضية المرعبة ليست مديرة حضانة الإسكندرية وحدها من أجرمت ، لكن أطرافا كثيرة قد أخطأت وتجاوزت وتهاونت في حق هؤلاء الصغار ، وهؤلاء جميعا عليهم مراجعة ما حدث ، فالدولة عليها إلزام كل المؤسسات التربوية والاجتماعية والتعليمية بوضع شهادات تفيد بترخيص عمل هذه الأماكن ، وتشديد رقابة وزارة التضامن والتربية والتعليم ، وغيرها من الإجراءات الضرورية لحماية المجتمع ، وأولياء الأمور عليهم المتابعة وتفعيل تواجدهم من خلال الاجتماعات الدورية لأولياء الأمور .
أما الحضانات والمدارس التي ترتكب فيها مثل تلك الجرائم يجب أن تكون العقوبة جماعية، حتى لا يتم التستر على ما يجري ،ويعلم كل متواطئ انه شريك ، لا أن ننتظر استيقاظ ضمير أو خلاف يفضح الجريمة.
نتمنى أن تكون تلك الحادثة فردية ، ولكن الأماني وحدها ليست كافية !
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة