مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك أزمة عالمية، من دون تهوين أو تهويل، أزمة لا يمكن إنكارها، حسنا فعلت الحكومة بعقد مؤتمر يجيب فيه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، عن الأسئلة المطروحة فيما يتعلق بالاقتصاد والأسواق والأسعار، وتصور مواجهة توفير العملة الصعبة، والواقع أن الحكومة يفترض أن تتحرك بسرعة الرئاسة للتعامل مع هذه الأزمات، حيث يوجه الرئيس طوال الوقت باختصار الإجراءات والزمن، وتقديم تسهيلات لتوفير العملة أو إنجاز المشروعات والحفاظ على دولاب العمل فى المشروعات لضمان توفير فرص عمل، وأيضا تنفيذ الخطط المتعددة فى المشروعات الكبرى.
وأهم خطوة لمواجهة الدعاية التى تهول، هى توفير المعلومات، والشفافية ضرورية لإغلاق باب الدعاية التى تطلقها جهات معروفة بعدائية ورغبة فى نشر الإحباط بين الناس، الحكومة لا تخفى أن الأزمة الاقتصادية عالمية، لكن هناك استغلالا دعائيا للأزمة من خلال لجان ومنصات.
هناك فرق بين الحديث عن أزمة تنعكس على العالم كله وآثارها واضحة، وبين محاولات نشر الخوف وإثارة القلق والإحباط بين الناس، وللأسف فإن منصات العداء معروفة، لكن يساعدها وجود أسماء وخبراء يتعاملون بمبالغة وادعاء معرفة، من دون أن يقدموا بديلا، وهناك بعض المحتكرين والمتلاعبين يستغلون الوضع لإثارة الهلع، وإخفاء سلع والتلاعب بأسعارها، أو إطلاق أحكام وإعادة نشر كلام هدفه الإحباط وليس الإصلاح.
فيما يتعلق بالرقابة على الأسواق فهى ضرورية، ومنذ بداية الأزمة وضبط الأسعار، وجه الرئيس السيسى الحكومة بضمان توفير الاحتياطى من القمح والسلع الأساسية، وتوسيع الرقابة على الأسواق. ويجب أن تنعكس الرقابة فى لجان وضبطيات لمواجهة الاحتكار من بعض التجار، مع دراسة تكلفة الأرز منذ خروجه من الفلاح وتكاليف النقل والتبييض والتجهيز والتعبئة، مثلما جرى مع رغيف الخبز عندما تم إعلان تكلفة إنتاج الرغيف الحر غير المدعم وتسعيره.
بالنسبة لأسعار الأرز بعض الشركات الكبرى تعطش السوق، سبق واتخذت الحكومة قرارا بتسعير الأرز لوقف التلاعب ولجأت بعض الشركات الكبرى لإخفائه للحفاظ على أسعاره مرتفعة، ومع الأخذ فى الاعتبار أن الأسعار ارتفعت، لكن هناك فرقا بين السعر الذى يبيع به الفلاح والسعر الذى يصل به للمستهلك، مع حساب التكلفة نكتشف أن المزارع والمستهلك يقعان بين أيدى الوسطاء، وبناء عليه هناك حاجة لأن تتحرك الجهات الرقابية للتعامل مع حالة طارئة لا يفترض فيها السماح بالتلاعب.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، قال إن الحكومة تتدخل بميزان حساس فى أزمة زيادة الأسعار، لأن العنف فى التعامل مع الأزمة سيؤدى لاختفاء السلع، وهذا صحيح، لكن هذا الميزان الحساس يجب أن يطبق بشفافية، من حيث التعامل بقبضة القانون ضد من يثبت تلاعبه، وأن يكون هناك ردع، خاصة ونحن فى وضع طارئ، وسبق أثناء بداية الإصلاح الاقتصادى أن تم التعامل بحسم مع تجار العملة أو المضاربين، يجب أن تعود قوة القانون من دون مبالغة وبعدالة تضمن توفر السلع، بناء على أسعارها الحقيقية، والحسم فى مواجهة التلاعب بالأسعار، فطن الشاى يرتفع 600 جنيه، لكن فى الأسواق يترجم إلى آلاف الجنيهات، ويفترض وجود دور للغرف التجارية فى التسعير العادل، بعيدا عن الاحتكار والمبالغة.
رئيس الحكومة يقول إن الحكومة لديها خطة، وتعى أن هناك ارتفاعا فى الأسعار وتحاول تخفيف العبء عن المواطن وأن أغلب الأخبار على السوشيال ميديا موجهة لضرب الاقتصاد، والحل معروف هو توفير المعلومات والتعامل بسرعة لمعالجة الأخبار الخاطئة، بالفعل الحكومة تصدر تقارير يومية ودورية، لكنها يجب أن تبقى فى حالة انعقاد للإجابة عن التساؤلات ووقف التلاعب بالأخبار المغلوطة التى تسبب ارتباكا فى الأسواق وتعتبر مساسا بالأسعار، وتؤدى للإخفاء أو التعطيش.
الدكتور مدبولى يقول إن هناك خطة لوضع تصور لتوفير العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة حتى 30 يونيو 2023، وأن كل الإجراءات ليس بالضرورى الإعلان عنها، وهنا يفترض أن تسعى الحكومة لتنفيذ سريع لتشريعات دخول السيارات للمصريين بالخارج، من خلال تطبيق قواعد واحدة على الجميع، واستهداف توفير الضمانات للدولة وتوفير العملة الصعبة خلال فترة محددة، وتسهيل الأمر دون التنازل عن القواعد، لأن هذا التشريع يوفر عملة صعبة ويساهم فى ضبط سوق السيارات، وهو تشريع جاء استجابة لمطالب العاملين بالخارج، ويفترض أن تتابع الحكومة تنفيذه بكفاءة وسرعة لتحقيق أهدافه.
بالطبع فإن المؤتمر العالمى للترويج للاستثمار مهم، لكنه جزء من خطط طويلة المدى، والرخصة الذهبية للمستثمرين الذين يتقدمون مباشرة لمجلس الوزراء لاختصار المسافة والإجراءات، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى يوجه أيضا بالتعامل مع كل الملفات، وهناك ملفات تسرع بتوفير العملة الصعبة فى السياحة، والأنشطة التصديرية.
الشاهد أن الشفافية والمعلومات تعالج الشائعات، والرقابة والعدالة تحقق استقرار الأسواق دون تهوين أو تهويل.