فرح واحتفاء من جمهور كرة القدم المصرى بمنتخبه الوطنى، بعد تألقه فى مواجهة المنتخب المغربى، وقبلها كوت ديفوار، بالطبع فإن الفوز دائما يحسب للفريق، الذى يلعب بجماعية وإصرار وتفاهم كبير يثير الإعجاب، لكن هذا لا يمنع من أن هناك دورا لقائد الفريق فى دفع روح التحدى والمنافسة، وهنا يأتى دور محمد صلاح، النجم الذى يسجل كل يوم خطوة نحو صورة البطل، يتجاوز اللعب والمنافسة إلى لمسات تصعد به إلى مصاف كبار النجوم فى اللعب، وأيضا فى اللمسات الحضارية والانتماء إلى وطنه بشكل فطرى، بل إن «مو صلاح» نجح فى كسب التفاف من جمهور ليفربول وبريطانيا والعالم بسبب تفاعله الإنسانى وصورته المتحضرة كنجم يقدم مثالا فى الالتزام، واللمسات الإنسانية.
صورة «صلاح» كلاعب نجح فى تطوير أدائه، ويلتزم بصيانة نجومية متواضعة وإنسانية، وما يقدمه لقريته أو بلده أو وطنه، بجانب تصرفاته مع طفل يطلب دعمه، أو مشجع يريد التفاعل معه، كل هذا جعل «صلاح» أكثر من مجرد لاعب محترف، ونجم يسعد جمهوره، إلى بطل يحظى بحب الجماهير من دون أن ينخرط فى استقطابات حرجة، أو تصرفات تمثيلية.
محمد صلاح، ظهر خلال مسابقات كأس أفريقيا فى صورة القائد لفريق يطمح للفوز، ولم يغضب من انتقادات الأداء فى بداية المسابقة، وحرص على تأكيد جماعية اللعب، ودور الفريق وليس الأفراد، وقال فى مؤتمر صحفى قبل لقاء ساحل العاج، إن منتخب مصر أكبر من أى نادٍ، ومن أى لاعب مهما كان تاريخه، وأكبر من صلاح وغير صلاح، كل اللاعبين متحمسون ولديهم الرغبة الأكيدة لتحقيق إنجاز للكرة المصرية، ويجب أن يشعروا بأن جماهيرهم تدعمهم فى كل الأوقات، وأضاف «يجب أن يجمعنا جميعا منتخب مصر، وأطالب الجماهير بالوقوف خلف الفريق وعدم التعامل مع اللاعبين من خلال ألوان أنديتهم».
محمد صلاح تألق أمام المغرب، وأظهر شخصية كبيرة ومستوى ممتازا فى قيادة الفريق الوطنى لنصف النهائى، بعد الفوز 2-1 على المنتخب المغربى، فى مباراة لعب فيها المنتخب ببطولة وأداء استحق الفوز ونشر الفرحة بين جمهور متعطش، وأسهم «صلاح» بهدف وتمريرة إلى تريزيجيه حسمت اللقاء، واحتل صلاح مكانة أفضل لاعب فى المباراة.
بالطبع، كانت البطولة كاشفة، بل والمصادفات والإصابات كانت مجالا للكشف عن تألق لاعبى المنتخب فى كأس الأمم الأفريقية، وهى بطولة صعبة، أحاطتها المفاجآت، فقد كان الرهان على محمد الشناوى لحراسة المرمى، لكنه أصيب فى مباراة كوت ديفوار، ونزل محمد أبوجبل ليكتب شهادة ميلاد ويتألق ويتصدى لركلة جزاء ليكون سببا رئيسيا فى التأهل للدور ربع النهائى، لكن «أبوجبل» أصيب فى مباراة المغرب، ونزل محمد صبحى الذى دخل التاريخ الدولى من أوسع أبوابه ليحافظ على نظافة شباكه.
الأمر ذاته مع عمر كمال، الذى عوض غياب أكرم توفيق المصاب بقطع فى الرباط الصليبى، بعد مشاركته لدقائق فقط فى المباراة الأولى أمام نيجيريا، لينتهى مشواره فى البطولة قبل أن يبدأ، ورغم أن عمر كمال عبدالواحد لا يلعب فى مركز الظهير الأيمن، إلا أنه نجح فى تعويض غياب أكرم بأداء مميز، كما تألق تريزيجيه وأحرز هدف الحسم بكرة من «صلاح».
وبجانب الإصرار والتفاعل فى قيادة الفريق، يحرص «صلاح» على توزيع اهتمامه على الجميع دافعا لمعنوياتهم، متمسكا بالإصرار على التعويض، مثلما بدا فى مواجهة أسود الأطلسى، حيث تحلى الفريق بروح منافسة، وحماس انتهى بالتعويض والفوز.
ومع قيادته للفريق، فإن «صلاح» لا يتخلى عن تحضره ولمساته التى تعكس روحا رياضية وتفاعلا إنسانيا، وكان مشهد «صلاح» وهو يخفف عن أشرف حكيمى ويواسيه بعد هزيمة المغرب، كاشفا عن روح رياضية حقيقية وليست مفتعلة، وهو ما دفع الكاتب المغربى سعيد ناشد، للتعليق بكلمات قال فيها: «محمد صلاح كحالة حضارية بالفعل، ذلك النجم المصرى الأصيل الذى استطاع بفطرة سليمة أن يستوعب قيم التمدن، وهدوء الطبع، والتحكم فى النفس، واشتغل على بناء الذات أمدا ممددا، لذلك لا نراه يصرخ، لا نراه يولول، لا نراه يتظاهر، بل نراه كبيرا فى أفعاله وردود أفعاله».
بل إن ساديو مانى، قائد منتخب السنغال، كشف عن تفاصيل اللقاء الذى جمعه ومحمد صلاح عقب انتهاء مباراة مصر والمغرب، وقال مانى إن محمد صلاح اطمأن عليه بعد الإصابة التى تعرض لها خلال مباراة الرأس الأخضر، مؤكدا أن العلاقة بينهما جيدة للغاية.
هناك فرصة ليقدم المنتخب بقيادة «صلاح» المزيد من التألق ويفرح جمهوره فى بطولة صعبة يطمح الجمهور فيها بالفرح، والروح الرياضية.